خاطرة بمناسبة ذكري ميلادي 2/10/1990 ها أنا.. أطفيء بأناملِ الصمتِ شمعةٌ أخرى.. و أُشعِلُ بين طياتِ الدجى..الشمعةُ الرابعة و العشرين .. أهكذا هو العُمر ؟! ضاع كله في ظل حكم مستبد ..ولم نهنأ بالعيش في أوطاننا شردنا النظام وصرنا نحلم بوطن ..! ولأننا ك سودانيين عائلة كبيرة يتآكلها المنفى ، صرنا نلاحق الظلال بحثاً عن ذواتنا المختبئة في أرغفة الخبز ، صرنا نتواطأ مع الغدر و العبودية و الألم عن طريق شعرة تفصل ما بيننا وما بين ماضينا ..ماضينا الميتم بالوطن ، صرنا نقرأ عن المساحة الجغرافية اللا متناهية التي تحتضن أحلامنا في كتاب ولأن الكلمات لم تكن تعبر سوى عن الجفاف و الماء اخترنا مواجهة ما تبقى من مفردات غير قابلة لأن تتآكل مع الوقت ، كأن يُكتب الشهيد وجعاً في تاريخ الوطن ، وأن تصير الدموع وشاحاً لأجمل الأمهات التي كتبها حٌميد والقدال وازهري بفضل الصولجان و نفاذ الوقت ، صرنا نعيد النشيد الوطني على هجرتنا وأرواحنا الممتنعة عن الوطن .. آه لو تعرف ياوطني كم أن أولادك منسيين في رذاذ جغرافيا المكان .. لما زرعت فينا حبك ، ومن ثم جعلتنا ندمن مساحات المنفى الشاسعة الضيقة الخانقة لأرواحنا .. لو تعرف ياوطني معنى استمرار هذا الشوق المر لسماء من نور وزرقة فضولية ونهار، آه لو تعرف كم نحن بحاجة لشجرة كبيرة وأرض وبيت وظل من حقيقة ، لما كانت أبقيتنا هنا ، في رحم هذه الغربة ،ولو لدقيقة واحدة .. لكننا ظللنا نرتحل حتى مللنا الارتحال .. وقررنا أن نعود إلى منزل لم يعد ملك لنا .. وإلى شجرة مقطوعة ، وعصافير مهاجرة ، وخيوط شمس تلتف على أعناقنا كلما مررنا بالقرب منها .. وعدنا غرباء .. مرورِ عقدينِ و أربعة عُقد علي النظام عقدت أمرنا.! مرت السنوات جميعها في ظلهم .. تحمِلُ نعليها المُمزقينِ و مِعطفها الثقيِلِ لكنها حتمآ ستختفي .. بعد أن نحتت أيامها و ساعاتها على ملامحنا بشكلٍ خفي .. و علقت خيوطِ الوقتَ و رسخت تكاتِها و صوتِها المبحوح .. ها قد رحلت سنة من عمري .. ولا زُلت أنا كما أنا..ولازال الوطن في أيدي عصابة الوطني ولكنها الحين حان والشعب سينجو من الطوفان ..! ينفض بعدها العُجاجِ الرماديَ عن جِفون الليلِ المُقصفة.. و يمسح الكلام عن جبينِ الأنام.. و يجمعه و يقطفه .. ويأتي شهيدنا الحي ورفاقة ويقول صلاح السنهوري من أنا وأينَ أنا.. وذلكَ الكوز الذي قتلني ماذا جنى؟ ويقول : لا أذكُر إني تألمت من رصاصته التي أطلقها من السوناتا جيداً كُنت..كنتُ قد ثملت في خُمرةِ الحياة.! أذكُر السيناريو المزيف من قبل الكيزان واحيي الأبطال أبطال الثورة .. ويقول الشعب الصامد : أيُعقل أن بنينا على أثرِ ذلك من الصمتِ عِلاقة؟ و شرِبنا الليلِ و نِمنا في عُري البرد بينَ زِقاقه أقد ولدنا لنضع في رحمِ الحياة ونسب ونقتل من الكيزان بحماقة ؟! ليورّثَ لشعبنا أملٍ وألفَ قدرٍ واربع وعِشرون عامآ إختناقا لا أذكر متى و كيفَ وضعنا على هذه الأرض .. في فوضةٍ من الكيزان عارِمة.. وأصابِعَ من العّدِ لزوالهم وارِمة.. و أقنعةٌ لِصدقِها ساقِطةٍ و وجوهٍ لفرطِ الإنتظارِ هارِمه .. لا أذكُر.! إن كان صبرنا مُعتل بالوقتِ.. و نحنُ معتلونَ بحكامنا .. ليحينُ لنا أن نأتي العُمر مِن الأبوابِ و ننسى الشُرف والنوافِذ و نجِد وقتٌ للغدِ لنحمِل الساعاتِ الحُبلى بالأملِ على أكتافِنا.. فيكون لنا مُتسعاً من الوقتِ لِكُلِ شيءٍ .. وقت لكل شيء . قد يكونُ و قد يكون.. ! الصادق جادالمولي محمد عبدالله المملكة العربية السعودية [email protected]