وكعادة ولاة أمورنا , لم ولن يهنأ لهم بال الا ان يغتصبوا افراحنا ويزرعوا الاتراح مكانها ترويها دموع أمهاتنا على امتداد الوطن الجريح .. وهاهي الأيام تعيد الدوران ,فطعم هذا العيد - بمرارته - ليس جديدا على الشارع السوداني .. وان كان في هذه المرة اكثر مرارة وأشد قسوة فالعدد اضعاف سابقه والشهداء بينهم صبيان وفتيات لم يبلغوا الحلم بعد .. بيد أن بصيص من الأمل يطرق الأبواب الموصدة ويبشر بما يصبو اليه مظاليم هذا الوطن بعدما عم الوعي العقول وبات الصغير يكشف اكاذيب والأعيب الفجرة قبل الكبير سيما بعد أن تمادوا ووضعوا المواطن في خانة السذج ظنا منهم ان باستطاعتهم اللعب باللحى والضحك على العقول طوال فترة مكوثهم . ولكن فات عليهم أنهم انما يحكمون اكثر شعوب العالم حنكة , واكثرهم وعيا , وأولهم حروجا للشارع ..وان الصمت الذي كان من حظهم سنين عددا , ما هو الا صبر الحليم والذي يجب عليهم أن يحذروا غضبته اذا ما انقلبت الظروف وأنقلب معها السحر على الساحر . ونراه قريبا باذن الواحد القهار .. الشعب السوداني صبر على مضض على قسوة المعيشة ,ولم يقنط رغم شح الوظائف وندرتها لغير الموالين , وتحمل سياسة الصالح العام لصالح تمكين المنتمين واستحواذهم , وقاطع في صمت الأسواق رغما عنه لعدم قدرته على الشراء , وعانى ما عانى من العطالة والبطالة والمحسوبية والغلاء والضرائب والمرض و.. و .. من المؤكد أن شعبنا الذي نعرفه قد بلغ ما لم يبلغه سواه من الصبر على ضنك الحياة وقسوتها , ما جعل شياطين الأنس والجن تغري اولي الأمر بالتمادي في الظلم وصولا الى سفك الدماء بالسهولة التي يرتوي فيها الظمآن في بيته .. نعود فنقول ان الشعب وان تحمل معكم ما ذكرنا وما لم نذكر ,فأنه لن يصبر على قتل الأنفس والتضحية بفلذات الأكباد مهما كانت الأسباب ,وان كنا سنتخلص من هذا المرض يوما ما , فلا أشك أن لازهاق الارواح البريئة نصيب الأسد مما سيدعو للاطاحة بهذ الطاعون عاجلا أو بعد حين . كنت أعول على احزاب الفكة الى وقت قريب في قيادتهم للجماهير وتوجيههم ودعمهم ماديا ومعنويا , لكن الواضح أن آمالي تبددت وتلاشت .. حيث أن السيدين أحدهما ومن خلال متابعتي عن كثب لاحاديثه وخطاباته فلم أجد خطابين متتالين يسيران في نفس الأتجاه .. فالامام فصل كلامه على أن يكون تارة مع والأخرى ضد , بالتالي كل ما يذكر الامام سينفيه في كلامه المقبل وكل ما ينفي سيثبته في لقاءه القادم .. أمام سيدي الآخر فهو في واد والشعب في واد اخر . أذاً فلنغسل الأيادي ولنتوضأ بنية الطهارة من سيدي وسيدك بالضبط كما سنغتسل بعد الخلاص من طاعون الظلم .. الرحمة والمفغرة لكل من قدم روحه رخيصة من أجل الوطن على مر العصور والأجيال . الحرية لكل من يقبع في زنازين الجلادين يدفع ضريبة الأرض والعرض والوطن . والله المستعان .. [email protected]