معلوم أن الإنقاذ طرحت وتطرح نفسها كشروع حضاري أكبر واشمل من حكومة لكننا في هذا المقام نستعمل مصطلح حكومة مجازا فعندما نقول حكومة الإنقاذ نعني المعني الشامل الذي أرادته الإنقاذ لنفسها كمنظومة ثقافية وفكرية. مع أول ظهور إعلامي لأعضاء المجلس العسكري متزامنا مع التساؤل المشهور "هل هؤلاء الرجال جبهة" علق احد ظرفاء المدينة علي أعضاء مجلس الإنقاذ العسكري بعد نشر سيرهم الذاتية أن ليس منهم من له شهادة ميلاد ودونت تواريخ ميلادهم ب1/1/ 0000 وكما هو معلوم أيضا أن من ليس له شهادة ميلاد غالبا ما يكون مسقط رأسه في الريف. طبعا أجابت الأيام علي السؤال المعروف لمن لم يكن يعلم بان أولئك الرجال كانوا جبهة وربما أكثر. مع مرور الأيام ظهر أهل الانقلاب الأصليين وتبوؤوا المناصب العليا في الدولة حتى جاءت المفاصلة الأولي والتي خرج بموجبها عراب الانقلاب الدكتور الترابي من منظومة الإنقاذ وذهب مرة أخري إلي السجن حبيسا بحق وحقيقة وليس تمثيلية سيئة الإخراج كما كان في المرة الأولي. "تفاصل" مع الدكتور الترابي عدد غير قليل من كادر تنظيم الإخوان المسلمين الذين كان لهم إسهاما مباشرا في بناء التنظيم والتخطيط للانقلاب. بخروج الترابي ومجموعته فقدت الإنقاذ مفكرها الأبرز. بعد هذه المفاصلة ظهرت مجموعة في الوسط أو بين بين فهي لم تنضم للترابي كما أنها لم تغادر منظومة الإنقاذ بالكامل. شملت هذه المجموعة عددا من أساتذة الجامعات وغيرهم من ذوي المستويات التعليمية والثقافية المرتفعة. لذلك احتفظت الإنقاذ ببعض البريق الفكري. الآن جاءت المفاصلة الثانية والمفاصلة الثالثة من دون كثير وقت بينهما. فقد خرج ابن الإنقاذ المدلل الدكتور غازي صلاح الدين ومجموعته بعد حرب مذكرات خاسرة مع قيادة الإنقاذ. وقبل أن يجف حبر المفاصلة الثانية حدثت المفاصلة الثالثة بإعلان جماعة التغيير الوطني والتي ضمت عددا من أساتذة الجامعات الذي ظلوا مترددين لوقت طويل لكن "قوي عينهم" خروج الدكتور غازي وجماعته والطريقة التي اخرجوا بها. الآن بعد المفاصلتين الأخيرتين وخروج معظم مفكري ومثقفي منظومة الإنقاذ عليها وإعلان تبرأهم منها علي رؤوس الأشهاد فقدت الإنقاذ جميع إدعاءاتها كمشروع حضاري و أصبحت مجرد حكومة "لأهل العوض" ولا اعتقد أنها تشرفهم كثيرا. [email protected]