إبان فترة الديمقراطيات المتقطعة التي أعقبت ثورة أكتوبر 1964 وابريل 1985..تمتع السودانيون بصحافة حرة كانت تتناول على سبيل المثال لا الحصر رئيس الوزراء السيد الصادق المهدي شخصياً بانتقادات تتفاوت بين المقال اللاذع والرسوم الكاريكاترية الساخرة التي عرف بها الفنان الراحل أستاذنا عز الدين عثمان الذي جمع كتاباً منها كان أول من إقتناه الصادق نفسه وهذه حسنة إلتزام الحاكم بقانون لعبة الديمقراطية وإن كان يخطيء في سياساته أويبالغ في تأليه ذاته ..! وهو إعتراف رمى به في برنامجه المثير للجدل الأستاذ حسين خوجلي أحد أساطين سياسة الإنحراف بحرية تلك الصحافة التي توفرت له فأحالها الى عهر في الخصومة كان يستند فيه الى ما إستقوى به ممهداً له كقادم ندفع الآن ثمن شؤمه الطويل ..! وحينما توغل غول ذلك الحكم الضال في خراب الحقل كان حسين نفسه فيما بعد واحداً من من تلقوا رفساته المؤلمة ! وهوالآن يعود اليه من نافذة لا ندري لمصلحة أى وجه قبيحٍ آخر ينثر من خلالها سموماً جديدة في جسد هذا الشعب الذى نخشى أنه إستمرأ لدغات ثعابين المكر الكيزاني ..دون أن يرعوي وهو يجلس أمام الشاشات بين مصدق ومكذب ومذهول لما يقوله الرجل في هذا النظام اللئيم الذي يتركه سادراً في حكاويه وإنتقاداته وتبشيعه ببعض رموزه كيفما شاء ، فيما يحُجب اليوم قلم الأستاذ صلاح عووضة مجدداً وهو الذي إنتقد بسخريته المعهودة مجرد كديسة الكاتب محمد محمد خير أحد المؤلفة جيوبهم و ليس الدكتور محمد خير الزبير محافظ البنك المركزي ! وتلك بالطبع هي مجموعة العوامل التي أدت الى فشل تلك الديمقراطيات الفطيرة أكثر من مرة في عهد ذات الحاكم وهذا تاريخ وإن كنا لا نريد العودة اليه ولكنه بكل اسف ماثلٌ أمامنا كنتيجة كارثية لعدم تسخير الديمقراطية لمصلحة البلاد وشعبها ..وهاهي جبال الفشل التي تسد الأفق أمامنا بزيادة الطين بلة جراء ما أغرقتنا فيه الديكتاتوريات التي تزرع بذوراً فاسدة لا تعي ماذا سيكون ثمرها ..! ولعل أسوأ مثل هو ما جنته الإنقاذ التي رمت تلك البذور في تربة غير صالحة لها وظروف مناخية غير ملائمة وسقتها بسراب التهويم وشطحات أسمدة الخيال..وهاهي تحضد حنظلاً من الفشل السياسي الداخلي والخارجي والإقتصادي التي تعيشه في ورطتها مع شعبنا ولم تجد في مخزنها سكراً لتخدع به مذاق الشعب فعادت تنثر شطة حارقة لإخفاء مرارة حنظلها في حلقها أولاً ومن ثم لتغلق بالمزيد من الالام التشقق والورم أفواه الشارع التي قالت كفاية ! لا جدوى من المؤتمرات الإقتصادية ولا التعديلات الوزارية ولا المسرحيات الحسينية ولا تمثيليات الإصلاح ومعارضة الخال المكشوفة الغرض و دعاوى إصلاح من شاركوا في زرع تلك الآفات في جسد الوطن ! فالحل يكمن في العودة بالوطن الى ديمقراطية قويمة لا تقوم على عبادة الأفراد كالتي جلبت لنا الكوارث وإنما على أحزاب جديدة بروح جماعية ومؤسسات فاعلة وبرامج وخطط تبدأ بالأهم ثم المهم وتعيد الى المجتمع توازنه الذي إختل كثيراً وهذا هو الخطر الحقيقي الذي أدى الى الفتن والحروب وتشظي التراب ! وإلا فسنظل نأكل مع هذا النظام الخرب في حالة إطالة غفلتنا عن الإنتفاض الحاسم عليه، المزيد من الحنظل بالشطة .. أونشتهي كثيراً.. المرارة بالسكر ! محمد عبد الله برقاوي.. [email protected]