في أحيان كثيرة يخترع البشر أهدافاً لا وجود لها أصلاً ، مستخدمين في ذلك سحر اللغة ، هناك بالفعل في اللغة كلمات ساحرة مثل كلمة مجاناً ، غير أنها للأسف لا تشير إلى شىء موجود في الواقع (مجاني ومجانية ) كلمتان تشيعان الإحساس بالإرتياح في قلوب الناس وتفتتان عقولهم ليكتشفوا في نهاية الأمر أنهم دفعوا ويدفعون دم قلوبهم في مقابل هذا الشىء المجاني الواهم (no free lunch) وكما يقول المثل لا توجد حاجه ببلاش (غير العمى والطراش) ويقصد أنه أن تكون أصم وأعمى لكي تصدق أن هناك أشياء مجانية . كما قال الدكتور طه حسين ، وهي أن التعليم والعلاج (كالهواء والماء) والمقصود أن التعليم لا يقل أهميه عن الهواء الذي نتنفسه في أهميته للإنسان والماء الذي نشربه هو حياتنا " وكما قال سبحانه في محكم تنزيله " وجعلنا من الماء كل شىء حي وهو ما يعرج بنا لأهمية العلاج – والسؤال هنا – التعليم والصحة ومكانهم للشعب السوداني وأهميتهم للشرق والغرب والوسط ولا يعنينا الجنوب فهو أنقطع من جسدنا – وما يعانية المغتربون وكل مغترب في أبنائه وفلذات أكباده – إبن المغترب لن تشفع لك النسبة التي تحرزها لو كانت 100% ليس هناك مجانية إلاّ أن تدخل كلية غير طموحك وطموح أهلك ومستقبلك ولكن الكليات العلمية لمن يدفع أكثر ، الطب العام ، طب الأسنان ، المختبرات ، الأشعة ، وهنا كان تسلسل الرسوم كانت قبل سنتين ثمانية عشر مليون بالقديم ، وآلآن أصبحت اربعين مليوناً هل ؟ يعقل هذا؟ وكم لهذا المسكين الذي يدفع هذا المبلغ وده غير مصاريف هذا الإبن أو الإبنة من سكن ومأكل وعلاج ده لو حافظ على صحتو ولياقتو وأسرته موجوده معه ، وهل يتساوى الوزير والمواطن والطالب في مجانية هذه الحوافز التي هي حق مشروع كالماء والهواء التي منحنا لها الخالق بدون رسوم وضريبة ولو كان حديث نبينا المصطفى " يَقُولُ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- : ((لاَ يُؤمِنُ أَحدُكُم حتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِه)) ، وأنت أيها الوزير تسعى جاهداً لأراحة أبنائك وأسرتك وتتناسى أفراد شعبك بالداخل والخارج من تلمس حاجياتهم وهموهم وأين لنا بقدوتنا المصطفى صلى الله عليه وسلم " عندما قال عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد العمر" (أخرجه الطبراني في المعجم الكبير) وأورده الإمام الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال الطبراني إسناده حسن. أو كما قال عن عبد الله بن عمر أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في هذا المسجد- يعني مسجد المدينة- شهرًا في مسجد المدينة، ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام" (رواه الطبراني في المعجم الكبير وذكره العلامة الألباني في صحيح الترغيب والترهيب)، ويقول صلى الله عليه وسلم: "الخلق كلهم عيال الله (فقراء إلى الله) فأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله (فقرائه)" (رواه البزار والطبراني). ونطلب من ولاة أمرنا لتلمس حاجيات المغتربيين وحاجيات أهلنا بالداخل لأن هموم المغتربين كثيرة . أسأل الله أن يجبر بخاطر المغتربين وهم يحملون أمانة أبنائهم وأهلهم بالداخل ومعاناتهم في مهاجرهم وتحملهم للكثير من أجل وطنهم ولكن الوطن إبتعد عنهم ولم يقدم لهم مايدفعونه من ضريبة لوطنهم وضريبه لأسرهم وضريبه لغربتهم التي هي خصماً من أعمارهم ومستقبلهم . [email protected]