عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    الهلال يرفض السقوط.. والنصر يخدش كبرياء البطل    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الجيش ينفذ عمليات إنزال جوي للإمدادات العسكرية بالفاشر    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    عصار تكرم عصام الدحيش بمهرجان كبير عصر الغد    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الحقيقة والخيال : مقاربة بين جنرالات قابريال قارسيا ماركيز وجنرالاتنا في السودان
نشر في الراكوبة يوم 24 - 12 - 2013

" لم يكن للجنرال أقارب يعرفهم ، أو ربما لم يكن له أقارب حقا ،
سوي أمه العزيزة بندسون الفارادو التي زعمت الكتب المقررة في
المدارس انها حبلت به ولم يمسسها بشر وفي منامها هبطت عليها
البشري : " إنها حامل بمخلص البشرية .
أمه التي أعلنت أم الوطن بمرسوم ، كانت إمرأة غريبة الاطوار ..
ولا يعرف لها أصل .."
قابريال قارسيا ماركيز
خريف البطريرك .
" قابو " أو غابريال قارسيا ماركيز أحد إشراقات عصرنا ، وهو قمر يضيء الجزء الآخر من كوكبنا ، ومن يدمن قراءة أعماله سيصعب عليه قراءة الروايات الكلاسيكية . ماركيز هو الأكثر حربا علي جنرالات أمريكا اللاتينية الذين عبثوا طويلا في الكثير من دولها و أقعدوها عن التطور والتقدم ردحا من الزمان .. ، هذا الكولومبي المولود في العام 1928 وهو في الاصل صحفي قام برحلات عمل خطيرة الي العديد من المناطق الخطرة . منها رحلة عمل الي كوبا إبان الثورة .
ومن أعماله الهامة : رواية " الجنرال في متاهة " والتي أنصف فيها واحدا من أهم الشخصيات التاريخية في عالمنا المعاصر وهي شخصية الجنرال سيمون بوليفوار محرر امريكا الللاتينية من الاستعمار الاسباني والغربي ، وكان حلمه الاكبرتحقيق وحدة امريكا اللاتينية ،ولقد تتبع في هذه الرواية رحلته الاخيرة والتي لم يتسني له فيها ان يخرج من امريكا اللاتينية .. ، بعد ان تكالبت عليه المؤامرات والصراع علي السلطة .. ، انه وفاء نادر من ماركيز ..، الذي ظل ينقب في الوثائق والارشيف واوراق التاريخ والاتصال بالشخصيات الوطنية والمؤرخين ورؤساء الدول بحثا عن سيرة هذه الشخصية النادرة .
* ... وفي رواية أخري: " خريف البطريرك ".. يعبث قابو بالجنرال .. الرمز الانقلابي العسكري .. كيفما شاء .. ويضفي بقلمه الساحر الساخر قدرا من الكوميديا السوداء .. , ومسرح الانقلابات العسكرية العبثي فتح له الباب واسعا لينفذ بخياله ويسبح في تيارات متلاطمة الامواج ، ليأتي لنا بجديد في عالم فن الرواية .. وبقدر متسع من الفانتازيا والمفاجآت المدهشه ..، فالجنرال هو مكمن للأساليب والوسائل التي يبتدعها الدكتاتوريين في عالمنا الثالث الموبؤ بهم ، وكيف انه بعد ان يفرغ من العبث في حظيرة الحيوانات والطيور .. والمحظيات والعاهرا .. ، وحلب الابقار .. ، وممارسة هواياته العبثية .. ، فسرعان ما يتفرغ لمؤامراته .. ، والقضاء علي من يتوهم انه صاروا خصوما له ..
* ... إذن .. دعنا عزيزي القاريء نمضي الي المقاربة بين جنرالاتنا وجنرالات ماركيز .. ، وطوال قراءتي خريف البطريرك .. كثيرا ما اجد أحداثا متشابهة عشناها في زمن الدكتاتوريات في السودان .. ، وهي أحداث قريبة للغاية وهي تميل الي الطرافة والكوميديا رغم مأساويتها ورغم ما فعلته ببلادنا كل الدكتاتوريات البغيضة.. ، ومن عجب ان العالم تخلص من 64 إنقلابا عسكريا في الخمسين عاما الماضية .. ، ولكن أهلنا في الجبهة الاسلامية مازلوا يستعصمون بالتراث السيء للإنقلابات و الذي لفظته البشرية ويسعون لتغيير جلودهم الحربائية .
* ... هل يصدق الكاتب الكبير قابريال قارسيا ماركيز ان بلادنا كان يحكمها جنرال .. حينما يدخل الي قصره الجمهوري .. ، يقوم بالسلام علي المقاعد الخالية من أي بشر .. ، لأن احد الدراويش من مرافقيه يقنعه بإن الملائكة جاءت لتسلم عليه .. فيدور المسكين عليها .. " أي المقاعد الخالية " مادا يده ليسلم عليها .. مقعدا .. مقعدا .. ، ربما لوقرأ قارسيا هذه السطور لأصيب بدهشة تفوق ما يجود به خياله الخصب الذي أوصله الي القمة الادبية في العالم ..
* هل يصدق ماركيز ان القرود والاشجار كانت تخوض معنا حربنا الاهلية ضد أبناء جلدتنا وتنتصر لنظامنا الاسلاموي لأنه وريث أرض الله في السودان ؟
* لا أظن انه سيصدق .
ماركيز في إضاءته لما يفعله جنرالات امريكا الللاتينية ببلدانهم يقوم بإستخدام العبث .. والقذارة .. والغرائبيات .. وبعض الممارسات الصبيانية للجنرالات ونزواتهم ونرجسيتهم .. وتسلطهم ، وغيرها من أدوات الكوميديا السوداء .. يتخذها كرموز ودلالات للتعبير عن مدي الفوضي التي تعشش في عقول هؤلاء الجنرالات ..
* ... أحد هؤلاء الجنرالات والذي أسلمه السلطة احد القناصل الغربيين لمجرد انه كان يلعب معه الطاولة في الامسيات .. ، فقد كان يهوي الاشراف علي حلب الابقار .. ، وقصته مع الابقار غريبة .. فهي تسرح في قاعات القصر .. وتتخذ من قاعة المحافظين مكانا مفضلا لها ، وللجنرال عدد من المحظيات والعشيقات الكثير .. , والقصر يعج بمرضي البرص .. والمشلولين .. وأمه التي تهوي تلوين الطيور .. وهو يهوي تصيد تلميذات المدارس .. مما استدعي أولياء الامور لإغلاق المدرسه التي بجوار قصره و بناء مدرسه بعيدا عن القصر .. ، ولكن معاونوه .. أبتكروا حيلة أخري ليبعدوه عن التلميذات حينما استخدموا بنات الهوي .. والبسوهن ملابس تلميذات المدارس .. اللواتي رحن يتصيدن الجنرال ويتصيدهن بدوره .. ، وحينما أخبرته إحداهن بالحقيقة راح يندب حظه ويشكو للراحلة الفاردو .. أمه .. ما يفعلونه به !!.
هذا الشذوذ والخراب الروحي .. هو ما يستبطنه ماركيز دلالة رمزية علي الشذوذ الاكبر والذي يقوم به العسكر و يقود الي تدمير بلدان أمريكا اللاتينية والعبث بمقدرات شعوبها ومستقبل أجيالها ..
* .... في نهاية خريف البطريرك .. أي بعد وفاته ونهاية حكمه أقتحمت الجماهير القصر وراحوا ينبشون فيه .. ويعبثون بأوراقه وأشياءه ويتعجبون لهذا العالم الغرائبي الذي تسرح فيه الابقار والبط والطيور والمحظيات والمرضي والخيول ...
* ... توقفت عن القراءه ودار بذاكرتي كيف ان عدد من زملاءنا الصحفيين في الخرطوم كانو يتابعون أحداث ثورة السادس من أبريل 1985 .. وكيف انهم في صباح ذلك اليوم ذهبوا الي القصرالجمهوري بعد إستيلاء القوات المسلحة علي السلطة ، وتجريد جهاز أمن الدولة من السلاح الذي حصد به أرواح 12من الشهداء .. ، وفي القصر في مكتب جنرالانا - رحمه الله - وهم يدعبسون في الاوراق وجدوا كشوفات بأسماء عدد من الصحفيين الذين يتقاضون مخصصات شهرية نظير أتعابهم في تلميع صورة الجنرال .. ، ومن بينهم صحفي عربي كان يعمل مديرا لتحرير مجله عربية تصدر في باريس .. وهو الوحيد الذي كان شجاعا وأعترف بذلك وقال لزملاءه الذين سألوه عن الامر .. إن الصحافة بالنسبة لي مثل ورقة الكلنكس .. ، وهي جزء من عمل البزنس الخاص بي .. ، ومنذ ذلك التاريخ لم يكتب مطلقا .
أما الفطاحلة من سودانيين ومصريين وغيرهم لزموا الصمت .. صمت القبور ..وأتمني علي احد الاصدقاء الذين أطلعوا علي تلك الكشوفات ان يكشفوا عن تلك الاسماء فهي مسئولية وطنية وتاريخية وأخلاقية ومهنية في المقام الاول .
وللحقيقة فإن الكثيرين من أصحاب الاصوات العالية بعد الانتفاضة كانت أسماءهم مضمنة في هذه الكشوفات ، لكن الصحف نفسها في قمتها لم يتم تصفيتها بالكامل بعد الانتفاضة( 1985) من عملاء النظام الدكتاتوري ، مما جعل الكثير من الوثائق تختفي .
* ... جنرال ماركيز كان يهرب من غرفته لينام في إحدي الغرف الفارغة .. ويتمدد علي أرضيتها .. ويغلق علي نفسه بمزاليق .. ومفاتيح عديدة ..
* ... مرة أخري قفزت بي الذاكرة لما حكاه لي أحد المسئولين .. نقلا عن أحد وزراء مايو ، بإن الجنرال طلب منه نسخة من مفتاح منزلة لأنه قد يحتاج اليه , وبالفعل قام بتسليمه نسخة من المفتاح .. ، وكان متعجبا لهذا الطلب الغريب ، ومر زمن طويل .. ، ونسي الامر .. ، ولكن في أحد الايام أستيقظ في الصباح الباكر كعادته .. وهو يتحرك في ردهات المنزل لإيقاظ أبناءه ليتجهزوا للذهاب الي المدارس .. ، يقول لمحت شخصا ممددا علي الارض .. في سجادة الصالون .. ، فصعقت .. وأقتربت من المكان لأجد ان هذا الشخص ينام ببزته العسكرية وقد تدلت من صدرة نياشين وعلامات القوات االبرية والبحرية والجوية .. والكاب مرمي بعيدا .. وحذاءه مقلوب .. ورباط البنطال مفتوح .. انه الرئيس الجنرال .. يا للهول .. ، يقول في ذلك اليوم أعلنت الطواريء في المنزل ومنعت الاولاد من الاقتراب من الصالون .. ، حتي لا يشاهدون رئيس الجمهورية.. ممدا علي الارض .. وهو يشخر ..
وعلم فيما بعد ان الجنرال لا ينام في مكان واحد .. ، إنما يتنقل في العديد من المنازل التي يحصل علي نسخة من مفاتيحها .. ، خاصة أوان الازمات السياسية .. والاحساس بتحركات في الجيش ..
أما عن حكتاية النفق الذي يستخدمه من القيادة العامة وحتي سوبا .. ، فقد أتضح انها حقيقة .. لكنه يؤدي الي إذاعة سرية تملكها دولة الكبري .. ، ولكنه علي كل حال نفق إستخدمه الجنرال أكثر من مرة في الاحداث العاصفة التي مر باها السودان في سنوات حكمه .
* ... عودة لخيال ماركيز الخصب والذي يستمده من عجائب جنرالات أمريكا اللاتينية .. ، فقد تمردت إحدي الوحدات العسكرية ضد نظامه .. ، ينزعج مساعدوه وهو مسترخي في أرجوحته .. لايعبأ بتقاريرهم .. يقولون له انهم بدأوا يطلقون القذائف .. وهو لا يعبأ بهم في أرجوحته .. ، يقولون له القذائف بدأت تنهال علي القصر .. وهو غير عابيء يتمرجح في أرجوحته .. ، لكنه تحرك الي مكان هوايته المفضلة .. حلب الابقار .. ، وقام بإرسال عربه محمله بالالبان للوحدة العسكرية المتمرده مع رسالة يقول لهم فيها : " أنا أعرف أنكم تعضون اليد التي تمتد لكم بالخير .. لكن سأظل أنا الأب الحاني .. الخ
ويقبل قائد التمرد الالبان شريطة أن يتذوقها سائق عربة الخيول التي حملتها .. ، وما أن يفتح السائق أحد الآنية .. حتي يصعد المعسكر بكلياته الي الفضاء وينزل رمادا متناثرا علي الارض .. فيقضي علي الجميع .. ومن ثم تخرج عربات النفايات .. لتزيل آثار الدمار ... وكأن شيئا لم يكن ...
* ... أما جنرالنا يذكر القراء الكرام العام 1982 حينما أعلن قادة القوات المسلحة بقيادة الفريق عبد الماجد خامد خليل والفريق عز الدين علي مالك رئيس الاركان ان هناك تذمرا في القوات المسلحة بعد إستشراء الفساد وتدهور الاوضاع الاقتصادية , فقرروا مخاطبة القائد الاعلي .. والتئم شمل الاجتماع في قاعة الصداقة .. وبدأ القادة يتحثون بصراحة .. وجنرالنا يستمع .. ، وفجأة أعلن الجنرال الرئيس القائد انه علي موعد مع بعض السفراء , وطلب منهم مواصلة إجتماعهم .. , ولكنه لم يخرج من قاعة الصداقة إنما أنتقل الي قاعة علوية بها دائرة تلفزيونية مغلقة .. ، ظل يتابع من خلالها مجريات أحداث الاجتماع العاصف حيث أخرج القادة ما بدواخلهم .. ، والجنرال يستمع إليهم .. ، ومن قاعة الصداقة تحرك سرا الي الحرس الجمهوري وقام بتغييرات في القيادة .. ، ومنها توجه الي الشجرة حيث قيادة المدرعات .. ، وأيضا قام بإجراء تغييرات في القيادة ..
وينقل العديد ممن أرخوا للواقعه ، ان رئيس الاركان عز الدين علي مالك رحمه الله كان يتناول الغداء مع شقيقه العميد بالجيش ايضا .. وحكي له ما حدث في الاجتماع ، فسأله شقيقه : هل جهزتم قواتكم للإستيلاء علي السلطة ؟ رد عليه : لا ، رد عليه شقيقه : " حقكم راح " ... !!
وكانت نشرة أخبار الساعة الثالثة تعلن بيانا هاما من القائد الاعلي أعفي بموجبه كل قيادات القوات المسلحة ، أو ما عرفت بمذبحة الجنرالات ..
وبالفعل كله ذبح .. ، ولكن مذبحة ماركيز من نسج الخيال .. ، أما مذبحة جنرالنا كانت البداية لتدهور أوضاع القوات المسلحة حيث أعفي أكثر القيادات كفاءة ..
* .. حينما أعلن جنرال ماركيز ان أمه الفارديو قديسه .. وأدخل ذلك ضمن المناهج الدراسية لكل المراحل التعليمية .. ، لكن الفاتيكان والقاصد الرسولي نفوا ان تكون أمه قديسه .. وتركهم الجنرال يعلنون ذلك من خلال أجهزة اعلام الدولة .. ، فقامت تظاهرات من الرعاع وبسطاء الناس والمستأجرين .. ، وحطموا الكنائس .. ومقر القاصد الرسولي ...
وهنا تحرك الجنرال وخرج بقرارات يتم بموجبها طرد القاصد الرسولي ورجال الدين .. وأشترط خروج الراهبات عاريات .. ، وأمر بوضعهم في مراكب في عرض البحر .. الخ
* يذكر الناس في بلادنا ان الدكتور الترابي قال : " في كل قرن يظهر مجدد للإسلام ، وان النميري هو مجدد القرن العشرين .." .. ، بعد ان فتح لهم الاسواق والبنوك والمصارف والوزارات .. وأسسوا البنية التي قام عليها إنقلابهم في الثلاثين من يونيو 1989.. ولكن بعد ان شعر جنرالنا بخطرهم علي نظامه .. وقد كانوا قاب قوسين أو أدني من الانقضاض عليه .. وكشفت الاستخبارات العسكرية محاولاتهم العديدة للإنقلاب .. ، وتمت مواجهه بين النميري والترابي .. بشريط كاسيت كان يتحدث فيه لطلاب جامعة الخرطوم ويقول انهم يستخدمون النميري للوصول للسلطه .. ، بينما هم في العلن يقولون بإنه أمام المسلمين .. وأوهموه وضخموه .. ولكنه أنتبه الي أن البساط ينسحب من تحت أقدامه فقام بالإطاحة بهم بضربة واحدة .. ، ورمي بهم في السجون .. التي أخرجتهم منها الانتفاضه في السادس من أبريل 1985 التي أنقلبوا عليها *.. وهنا يتجلي إستخدام القداسة بصورة جلية في الحالتين .. ، وإستخدام الدين ستارا من أجل الاستمرار في السلطة .. ، ويظل خداع الناس البسطاء قائما في كل مكان وزمان ولولبعض الوقت ...
وشذاذ الافاق هناك أيضا :
من خريف البطريرك أنقل هذه الفقره :
" ذكره معاونوه بموضوع الاطفال ..؟ قال ليهم أي أطفال ؟ .. الاطفال سيدي الجنرال ..؟ لكن .. ، أي أطفال ؟ اللعنه .. قال ذلك لأنه لم يكن حتي تلك اللحظة يعرف ان الجنود يحتجزون الاطفال الذين تكلفهم إدارة اليانصيب بسحب الارقام الرابحة ( فقد كانت ألارقام الخاصة بالجنرال توضع في ثلاجة لتصبح باردة .. شديدة البرودة .. ، ويكلف الاطفال ان لا يسحبوا إلا الأرقام الباردة ) , كي لا يكتشفوا لماذا كان سيدي الجنرال يربح دائما ، إذ كلما أحتج أهلهم قالوا لهم : كلا ليسوا محتجزين عندنا هذه أكاذيب يطلقها شذاذ الآفاق وتروجها المعارضة .. " ..وحينما شكي أهالي الاطفال للمنظمات الدولية .. ، قام مساعدوا الجنرال بإخفاءهم في مستنقعات زراعة الارز .. ، لتضربهم الملاريا .. ويتساقط أعداد منهم .. ، بينما الطائرات ترمي إليهم الحلوي هدية من الوالد الجنرال .. الخ
* ... ونعود لحقائقنا المغمورة في طي النسيان ، فقد أستولي الاخوان علي وزارة الشئون الاجتماعية بعد تحالفهم مع الجنرال في مطلع الثمانينات .. ، وكانت التظاهرات العارمة تخرج كل فترة يقودها طلاب الجامعات والمدارس ضد النظام .. ، وكان الاطفال والصبيان المشردين الذين يطلق عليهم " الشماشة " .. يلتحقون بهذه التظاهرات .. وكانت أعدادهم أوانها تقدر بعشرين الف .. ، فهم يسهمون بقدر فاعل في التظاهرات ويقومون بعمليات حرق اللساتك وغيرها ..، فلجأ الاخوان الي حيلة للتخلص منهم أيضا .. ، فقاموا بتجميع أعداد منهم وأرسالها للخلاوي في شرق السودان ومناطق مختلفة .. ، وبعد إنقلابهم في العام 1989 كانوا قد وصلوا مرحلة الشباب فقاموا بتعيين الكثيرين منهم في أجهزة الامن ..
كثيرة هي الحكايا المتشابهة بين خيال ماركيز - الذي لا يكذب ..، وحقائق جنرالاتنا ..الكذبه ..الذين أضاعوا البلاد حقيقة .. ، مثلما هو حال أمريكا اللاتينية العاجزة عن الوصول الي مرتبة العالم الاول .
Ibrahim Ali Ibrahim - [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.