تفجر الصراع حول السلطة في الجنوب بعد انفصاله عن الشمال بشكل دراماتيكي الى مواجهات مسلحة قد تتطور الى حرب اهلية لم يكن مفاجئا ؛ بل كان احتمالا وارد الحدوث وذلك لعدة اسباب : 1-الجنوب لم تتوطن فيه بنية الدوله بكل مقوماتها لان الانفصال اساسا جاء تعبير عن توجهات ومصالح النخب الانعزالية في الشمال و الجنوب ولم يكن تطلعا جماهيريا يدفع بالمقابل لمزيد من التوحد والتدامج الوطني 2- البنية الاجتماعية والديموغرافية للجنوب قائمة على التكوينات القبلية وما دونها وعلى خلقيتها تكونت الجماعات المسلحة وتمرست على حرب العصابات 3-لم تتطور تلك الجماعات المسلحة وتندمج في جيش نظامي محترف له نظمه وتقاليده وصيغ عمله 4-صعود القوى التي تمرست على القتال الى السلطة دون خبرات سابقة يجعلها على استعداد لفض خلافتها , وهو امر وارد وطبيعي, بالاسلوب الذي تعودت عليه 5-بعد جريمة الانفصال فقدت القوى المتصارعة على السلطة ما كان عاملا في توحدها شكليا اوباعثا لتاجيل صراعاتها رغم تباين انتماءاتها القبلية وتوجهاتها السياسية والفكرية ونعني بذلك وضعها للجنوب في مواجهة الشمال ماهي تداعيات ذلك على المديين البعيد والقريب ؟؟؟ اولا : قدمت تجربة انفصال الجنوب بكل حيثياتها درسا جديدا الى النضال الوطني عربيا وافريقيا مفاده ان اردتم التقدم والازدهار فاحرصوا على وحدة اوطانكم وديمقراطيتها لان الوحدة لم تعد في عالم اليوم مجرد الاطار الموضوعي لوحدة الشعب والسيادة الوطنية وانما الاساس المادي ايضا لتحقيق الاستقرار والنهوض وتحقيق التطلعات الشعبية . وفي المقابل فان تقسيم الاوطان وتجزئتها باسم التطلعات المشروعة والتطور غير المتوازن على رماح (تقرير المصير , الوحدة الطوعية,حقوق الاقليات , الهيمنة والتهميش ......) ماهي الا اغطية ايدولوجية وسياسية للنخب الانعزالية المتطلعة للسلطة والجاه , ومن جانب اخر تماهي مع المشروع الاستعماري لاعادة التقسيم والتجزئة.. وعلى ضوء ذلك سيتراجع تاثير الحركات المسلحة وخطاب القوى الانعزالية في الشمال والجنوب . لذلك سيزداد تدخل الدول التي رعت الانفصال وقواه وبما يعبر عن مصالحها ... ثانيا – سيؤدي الصراع حول السلطة في الجنوب الى اثار اقتصادية واجتماعية وثقافية بالغة على اقتصاديات الشمال والجنوب ودول الجوار . حيث ادى القتال الى توقف تصديرنفط الجنوب عبر الشمال وتوقف انتاجه في حقل الوحدة وفقد بذلك الشمال ايرادات خدمات ونقل نفط الجنوب والتي تبلغ 5% من مصادر ايرادات موازنة 2014 وتعطلت حركة التجارة البينية وتجارة الحدود التي بدات في الانسياب بموجب الاتفاقيات والتي كان متوقعا لها ان تصل الى اكثر من 3 مليار دولار . كما ان استمرارتدفق الاف النازحين نحو الشمال بكل ما يعتمل في وجدانهم من مشاعر و ذكريات وعمق شعبي تترتب عليه اعباء مالية وادارية لمواجهة مطلوباته واحتمالاته العسكرية والامنية.. اجمالا يؤدي ما ذكر وغيره الى زيادة عجز الموازنة وزيادة التضخم وارتفاع اسعار السلع والخدمات ومزيد من الشح في النقد الاجنبي وتتعاظم تاثيرات ذلك بمرور الوقت ... [email protected]