احد عشرة سنة هي عمر الازمة بدارفور ، ولا زال الوضع لا يراوح مكانه ،قتل ،تهريج وتشريد ولم نعثر بعد على الطبيب المداوي لهذا الجرح الغائر ،كان يمكن تشخيص المرض منذ الشرارة الاولى للأزمة ‘،إلا ان الاهمال واللامبالاة للقائمين على الامر قد ادى إلي إستفحال الامر ووصول الوضع الصحي لإقليم دارفور إلي وضع متأزم (critical case ) والذي بات لا ينفع معه الترياق والدواء ، فإن الشخص حينما يصل مرحلة متأخرة من المرض دون تشخيص مبكر(early diagnosis) فإن فرص العلاج والنجاة تتضاءل ويصل إلي مرحلة ميئوسة منها (hopeless case ) مما يجعل الأطباء يعكفون على مداواة المريض بالذي هو الداء في حال ان يكون الشخص سليما، مثل مريض السكر الذي يبتر جزءه المصاب مخافة أن ينتشر الغرغرينا إلي باقي الأجزاء غير المصابة ، وأحيانا قد يعمد الاطباء إذا أقتضت الضرورة إلي صدم الشخص ببعض الشحنات الكهربية (electrical shock) لتنشيط نبض القلب في حالة إنحصار نشاط القلب و الذي قد يعرض الشخص إلي السكتة القلبية ( heart attack) ومن ثم الوفاة. يقيني في ذلك أن ما وصل إليه الوضع بدارفور لا يختلف عن ذاك الشخص المحتضر سريريا ( clinically dying) والذي لا يمكن دفن جثته لمقتضى العرف والمنطق والدين ، لأن في الجسد جذوة من حرارة الروح ، ولا يامل أيضا في شفائه وذلك لإستنفاد كل السبل المنطقية في الطب العلاجي لإستنهاض جثمانه (raise him up)من حالة الثبات الإكلينيكي إلا إذا حدثت معجزة سماوية (miracle) وعند ذاك يكون لكل حادث حديث . لقد خارت عزيمة اهل العقد والربط في إستنطاق حروف تلك العزيمة السحرية (spell ) وفك طلاسمها المبهمة ، لقد جاءت أبوجا من قبل بغضها وغضيضها ولبست ثوب الراهب العابد وأعتكفت داخل محراب السلطان وأحرقت كل أنواع البخورات الجاوي والمسبع واللبان الضكر ،إلا انها لم تفلح في إستخراج الشيطان المتلبس بالجسد الدارفوري ،فراحت كل تلك الهمهمات والتمتمات صدى أدراج الريح فتقهقرت أبوجا وأرتدت امرها وبالا على جسد دارفور المصروع ، وأنسحبت بسلاسة فائقة متحاشية بطش الشيطان المتقوي بالجسد الدارفوري. هكذا أخفق الشيخ ( أبوجا الأفريقي ) في علاج المصروع دارفور . فأنفض سامره وعاد خاوي الوفاض بعد ان ثبت أن تلك العزيمة الأبوجية لم تفلح البتة ثم جاء دور الراقي العربي ( الشيخ الدوحاني) وبدا بتلاوة الرقية الشرعية على جسد دارفور والتي يبدو أيضا لم يستجب لرقية الشيخ الدوحاني وذلك إما لإستقواء الشيطان بطول المكث في الجسد الدارفوري أو ان الشيخ الدوحاني يفتقد الخبرة الكافية من الناحية العملية في التعامل مع مثل تلك الحالات المستعصية ، يبدو ان كل المحاولات قد باءت بالفشل وأصبح المصاب دارفور يتجول مشدوها مغيبا عن الوعي في أروقة المجتمع الدولي والإقليمي يتصيده الدجالون والنصابون والادعياء . إن تجزئة العلاج غالبا ما يؤدي إلي تأزم الحالة المرضية وإستقطاب آثار جانبية فادحة(drives grieve side effects ) قد تؤدي إلي انهاك الجسد وأضمحلاله ( الحالة الدارفورية) ومن ثم ان الطريقة المثلى(proper way) هي تعبئة الجهد الشعبي والقبلي والعشائري ، وإستنهاض الهمم والعزائم مثل إعادة إحياء الحوار الدارفوري الدارفوري (Darfurian Darfurian Dialogue) وإنعاش قيم التكافل والمساواة والعدالة الإجتماعية بجانب ردع مظاهر الجهوية والقبلية والعنصرية التي أثرت في رتق النسيج الإجتماعي، وعند ذاك سينسل المارد من الجسد الدارفوري كأنسلال الشعرة من العجين ، ويعود دارفور معافى كما كانت من قبل ولا حاجة لنا إلي تمتمات دولية وهمهمات إقليمية وطلاسم محلية؟؟؟ [email protected]