ان الامر والنهي عن المنكر وقول كلمة الحق اصبح قليل من ينادي بها وذابت الفضائل في قول الحق التي يدعو لها الاسلام في عالم السياسة الذي مرجعه النظريات والقوانين الوضعية ولم يتبقى الا اليسير من أهل العلم والدين نعقد عليهم الأمل من بعد الله سبحان وتعالى , تعلو اصواتهم بالحق في المساجد وغيرها من الندوات والمحاضرات ولكن غلقت عنهم فضاءات الاعلام وفتحت بمصراعيها لكل رويبضة ضل ويضل غيره . ما دعاني لكتابة هذا الاسطر هي خطبة الجمعة الماضية الموفقة بأذن الله وتفاعل المصلين معها لخطيب مسجد الخرطوم الكبير والتي تناول فيها احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي تعنى بأمور الدولة وبالأخص المال العام والقضاء مستنداً منها كأدلة شرعية على خيانة بعض المسؤولين بالدولة للأمانة التي أوكلت إليهم متهماً اياهم بالسرقة للمال العام ومرجعيته في ذلك تقرير المراجع العام لهذه السنة من تجنيب بعض الوزارات والولايات للمال العام وصرف غالبيتها كحوافز وعز ذلك لهشاشة قوانين المحاسبة طالباً في نفس الوقت بضرورة العودة الي ما قام به الرئيس الاسبق جعفر نميري في سنه لمبدأ العدالة الناجزة حتى تعود الامور الي نصابها الصحيح كما كان واضح اللهجة في أن كل ما يتردد عن المحاسبة للمختلصين للمال العام يتم من خلف ستار ويتكتم عليه ولا تصل العقوب فيه حد الجرم ولذلك طلب أن تكون محاكمة من سماهم الخائنين ان تكون صارمة ومعلنة وشفافة أمام كل الناس . كما عاد الامام في الجرء الثاني من الخطبة متناولاً ما جاء على الصحف الورقية من قصة الفتاة التي اغتصبت من قبل خمس شباب سودانين مطالباً ان يقام عليهم حد الحرابة لأنه كما جاء على لسانه ان قطاع الطرق صاروا عند ابواب البيوت واصفاً القوانين التي تطبق على الجرائم الشنيعة والمشابهة كاللواط وغيره بأنها تافهة وذات مرجعية وضعية قادته بالقول ان كان الامر كذلك يجب ان لا يستتر المسؤولين في الدولة بالاسلام وهم عنه عراه وان توصف الدولة بدولة المواطنه او غيره بدلاً من ان توصف بأنها اسلامية كما انه امتدح دور الشرطة في القبض على اولئك الذين اساءوا للمجتمع عبر هذه الفعلة مضيفاً انهم ليست وحدهم بل هناك اصوات في الصحافة وغيرها تدعو للمنكرات وتقلب الحق باطل وأنهم ينادون الآن ان مرتكبي الاغتصاب قصر تمهيداً لأحكام ناعمة نعومة القوانين التي تحارب هذه الظواهر لكنهم قلة مطالباً الدولة بإطلاق يد أمن المجتمع دون التدخل في عمله فيما اردفه الامام ان من يعرف بأولاد الذوات (اولاد قارون وهمان ) الذين تقف محسوبيتهم عائق في تطبيق القانون عليهم مشدداً على ان المجرم مجرم ان كان بن وزير او كان الوزير نفسه مذكراً ان الفساد وهو السبب في انهيار الدول في العصور الغابرة والحاضرة . كما انه يجب ان يكون هناك موقف واضح من وزير الداخلية وحكومة الولاية لأن الجريمة حدث فيها . مطالباً رئيس الجمهورية بتطبيق الشريعة . كانت الخطبة شديدة اللهجة قوية المضمون واضحة في نقل لسان حال مؤسسات الدولة من حيث الفساد المقنن وتردي وضع القانون والقضاء في وضع حد لهذا العبث بالمال وذيوع الفساد في المجتمع السوداني . خرج الناس من المسجد تتباين آراءهم ما بين من يرون ان الامام قال كلمة الحق واعرض عن الجاهلين ويجب ان يكون هذا شأن أئمة المساجد في كل السودان ومن يرى ان الامام جزء من هذه المنظومة أعطي الأذن مسبق ليتنفس عبره هذا المجتمع الذي يغلي من الداخل ضمن سياسية الحكومة في تخدير الرأي العام في مثل هذه القضايا . ولكن تبقى هذه الخطب رغم تباين الأراء حولها بأنها حجر اسقط في بركة المياه الراكدة بأوساخ سياسة افراد هذا النظام وسنرى اي منقلب سينقلبون . د:ياسر احمد يوسف نمر [email protected]