* (مهزلة حقيقية وسقوط مهني مريع)، ذلكم أقل وصف يمكن أن ننعت به ما حدث في شاشة قناة النيلين الفضائية عصر أمس، حينما اقتحم الزميل خالد الإعيسر (مدير القناة) الأستوديو مرغياً ومزبداً، ومتهماً قناة الشروق الفضائية بالتدخل لإفساد بث مباراة فريقي كمبالا سيتي والمريخ في دوري أبطال إفريقيا، بعد أن منع النادي اليوغندي تلفزيون بلاده من نقل المباراة، وعاقه عن رفع الشارة إلى قناة النيلين. * توقعنا من الإعيسر أن يوضح مسببات عدم بث المباراة بهدوء وأناة، وأن يعرض قضيته بموضوعية، لكنه ضرب المثل الأعلى في الهياج، وقدم فواصل مذهلة من الصراخ والهتر، واتهم قناة الشروق بأنها دفعت أربعين ألف دولار لنادي كمبالا سيتي اليوغندي كي تمنع البث! * أثناء الحلقة تمت استضافة الأستاذ عادل شرفي سفير السودان في يوغندا هاتفياً، بعد أن اتهمه الإعيسر ضمنياً بالتواطؤ مع قناة الشروق، لعرقلة اتفاق قناة النيلين مع التلفزيون اليوغندي، وعبثاً حاول السفير شرح موقفه، واجتهد لتوضيح أنه لا يعلم بالاتفاق الذي يتحدث عنه مدير قناة النيلين، لكن الأخير ظل يقاطعه بغوغائية مفرطة، ويصرخ في وجهه بعنف، بل وصلت به الجرأة حد تهديد السفير بالإقالة!! * ختم الإعيسر فواصل الهياج العجيبة والغريبة بإعلان استقالته من منصبه على الهواء مباشرة، متحدثاً عن تفشي الفوضى والعشوائية في البلاد، وتعامل مع السفير بطريقةٍ أقل ما توصف بأنها غير لائقة، مع أن الرجل حاول جاهداً أن يوضح موقفه، ويشرح للإعيسر ومقدم الأستوديو التحليلي (العاجز عن السيطرة على مدير القناة) أنه ليس طرفاً في صراع القناتين، وأنه لم يفعل ما يستحق عليه الإساءة. * حتى وزارة الخارجية بوزيرها الأستاذ علي كرتي لم تسلم من هوشة مدير قناة النيلين، الذي وصف السودان بأنه دولة (لا تحترم الإنسان، ولا تحترم العمل ولا تغلب المصلحة العامة على المصالح الخاصة وقد عم فيها الخبث والحُفر) حسب زعمه!! * توقعنا من الإعيسر أن يعتذر عن فشله في شراء سلعةٍ من جهةٍ لا تملكها، لكنه أصر على المكابرة، ومارس أسوأ أنواع الفوضى، وعنّف السفير بطريقة قبيحة، سائلاً إياه: (البوديك من وراي للتلفزيون اليوغندي شنو)، وحلف بالطلاق أنه سيقول كلامه ولو تم جره إلى حبل المشنقة، وطالب السفير أن يكون شجاعاً ويقول الحقيقة، وقال له على رؤوس الأشهاد: (المنصب ده ما بتقعد فيهو)!! * (بلد زي دي ما بتنفع معانا ذاتو).. (إنت ما بتدي الحقائق).. (لمن علي كرتي وداك لي يوغندا قال ليك فاوِض لي قناة خاصة).. (اتفضل أمشي يا زول بلا سفير بلا بتاع)! * في خاتمة البرنامج رمى الإعيسر المايكرفون على الطاولة بطريقة هزلية، وخرج من الأستوديو أثناء البث مردداً عبارة (أنا استقلت يا حسام)! * توقعنا من مدير قناة النيلين أن يعترف بفشله، ويقر بأنه اشترى (الترام) عندما ذهب وتعاقد مع التلفزيون اليوغندي لشراء حقوق بث مباراة قارية من دون أن يتفق مع نادي كمبالا سيتي والاتحاد اليوغندي لكرة القدم بصفتهما مالكين لحقوق البث، بحسب لوائح الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، لكنه اختار أن يرمي فشله على غيره. * الغريب في الأمر أن الإعيسر نفسه بادر بصفته مديراً لقناة النيلين بتوقيع اتفاق مع مجلس إدارة نادي الهلال لشراء حقوق بث مباراة النادي مع الملعب المالي في الخرطوم، فلماذا لم يفعل المثل في يوغندا؟ * المهزلة التي حدثت أمس في قناة حكومية لا يسأل عنها الإعيسر وحده، بل تشمل مسؤوليتها مدير التلفزيون الذي أصر على استمرار الإعيسر في إدارة القناة حتى بعد خروج الشريك الكويتي الذي أتى بالمدير الحالي، ودعمه في معاركه الفارغة مع قناة الشروق، ووافقه على فكرة التحول إلى البث عبر قمر (عربسات) وهجر (نايلسات)، وسمح له بالترويج لفكرة أن التحول إلى عربسات سيوفر للقناة انتشاراً أكبر، مع أن راعي الضان في الخلاء يعلم أن الفارق بين القمرين في الانتشار أكبر من الفارق بين السماء والأرض! * ما حدث في قناة النيلين أمس يستوجب التحقيق مع كل من سمحوا بعرض فصول تلك المهزلة الموجعة. * مهزلة حقيقية، وفضيحة مكتملة الأركان، عايشنا فصولها وتأذينا بما دار فيها مع ملايين المشاهدين، فما رأي المسؤولين عن الإعلام في الهراء الذي حدث على رؤوس الأشهاد أمس؟ اليوم التالي
