قضايا وتعقيدات كثيرة في المسرح السياسي السوداني تتداخل فيما بينها وتشكل مشهدا متعدد الملامح والمكونات فيه كثير من الارباك والتجازب ولكن يظل الملمح الابرز في كل اشكال هذا الحراك هو ان جبهة الاسلاميين هي صاحبة النصيب الاكبر في هذا الحراك ذلك لان الحلف الاسلامي الحاكم وشقه الاخر المعارض ظلا يشهدان حالة من الشد والجزر منذ ان وقعت فتنة الرابع من رمضان الشهيرة في العام 1999 التي شطرت الحركة الاسلامية الي معسكرين كل يدعي انه صاحب النسخة الاصلية وهذا المنطق او الاعتقاد افرز حالة حالة من التشظي والاحتقان بين المعسكرين اغرت كثير من الاحزاب والتيارات السياسية الاخري ان تنمو وتتمدد في مساحات الاسلاميين . والمشهد الان يبدو انه اكثر ديناميكية وحيوية وبالاخص في الفترة التي اعقبت الخطاب الرئاسي الاخير الذي احدث حالة من الزخم والتداعي وحرك كذلك برك سياسية كثيرة ظلت راكنة تراقب الميدان السياسي دون ان تشارك في اللعبة البعض عزا كل هذا الزخم الذي اعقب خطاب الرئيس للمفاجأة التي كان ينتظرها عموم اهل السودان برجاءات وسقوفات عالية من التوقعات ولكن المفاجأة اطلت دون كل هذه الطموحات والبعض نظر لخطاب الرئيس وكانه موجه لقاعدة الاسلاميين وبالاخص للمؤتمر الشعبي وقتها كان الدكتور حسن الترابي هو النجم الوحيد الساطع عشية الخطاب . والمعطيات الجديدة الان في فضاءات الاسلاميين او بالاحري "الوطني والشعبي" ان هناك سيناريو اخر او مفاجأة اخري ستفصح عنها الايام عقب اللقاء الوشيك بين البشير وحسن الترابي مفاجأة جاءت بكلمات مغتضبة علي لسان الشيخ ابراهيم السنوسي وهو احد ابرز الرجال حول الشيخ حيث كشف السنوسي في حديثه للزميلة "اخر لحظة" امس ان هناك مفاجأة سياسية كبري يعد لها حزبه بعد اللقاء المتوقع بين البشير والترابي غير ان السنوسي رفض الافصاح عن فحوي هذه المفاجأة ولكنه اشار الي ان المؤتمر الشعبي يشهد الان حالة من الديناميكية عبر لقاءات واجتماعات مكثفة تنبي بان شئ ما من المفاجات او التبدلات في طريقها "للناس كل الناس". الانتباهة حاولت ان تستقصي حقيقة هذه المفاجأة ومكنوناتها فاتصلت بالاستاذ عبد الله حسن احمد نائب الامين العام للمؤتمر الشعبي فكان رده "لا علم لي بان هناك مفاجأة يرتب لها المؤتمر الشعبي" ولكنه توقع ان تكون مخرجات هذا اللقاء المرتقب بداية تدشين الحوار الرسمي والحقيقي بين الوطني والشعبي وتوصيف الاجندة وتحديدها لمناقشة مطلوبات المرحلة والوصول بها الي توافقات واتفاقات توقف الحرب وتحقق السلام وتناقش الحريات وقضايا الاقتصاد وهذه الاعترافات من عبد الله حسن احمد انه لم تكن هناك اي حوارات مسبقة بين الطرفين وكل الذي تم هو في حدود اللقاءات العابرة فقط واستبعد عبد الله في ذات الوقت ان تكون المفاجأة التي يتحدث عنها الشيخ السنوسي هي اعلان وحدة الاسلاميين ..لان هذه الوحدة حسب قناعاته لم تكن مشكلة في سكة الاسلاميين وبالتالي هي لا تعوق امكانية التوصل الي تفاهمات او اتفاقات بين الوطني والشعبي وقال انه لا يري اي تباعد كبير بين الطرفين ولكنه ايضا استبعد التحالف بين الحزبين في الوقت الراهن دون ان ينفي حدوث اختراق حقيقي في الواقع السياسي الراهن بعد هذا اللقاء المرتقب بين البشير والترابي وشدد علي انهم في المؤتمر الشعبي يرفضون بشدة الية الحوار الثنائي مشيرا الي ان الخلاف الناشئ الان بينهم وبين تحالف المعارضة هو بسبب الاشتراطات التي يتمسك بها اهل التحالف والمتمثلة في التحديد المسبق لاجندة التفاوض وهذا ما لا يراه المؤتمر الشعبي منطقا مقبولا من المغارضة . وفي تعليقه حول امكانية اعلان مفاجأة مرتقبة علي هدي لقاء البشير والترابي الذي تجري عملية ترتيبه الان قال الدكتور الطيب زين العابدين استاذ العلوم السياسي ان المفاجأة قد حدثت بالفعل بالتقارب الناشي الان بين المؤتمرين الوطني والشعبي علاوة علي الاستجابة غير المسبوقة من جماعة المؤتمر الشعبي ازاء خطاب السيد رئيس الجمهورية الاخير بقاعة الصداقة وقال : حتي لوكانت هناك مفاجاة جديدة لا يمكن اعلانها الان لان القوي السياسية جميعها بما فيها الاسلاميين تعيش مرحلة لملمة اطرافها واعتقد ان الذين يتحدثون الان عن مفاجأت قادمة هم يمارسون السياسة بمنطق "العشرة" وكبر السن ويعتقدون كذلك ان الدكتور حسن الترابي له اسهامات وافكار سياسية جيدة ويمكن ان تتحقق علي يديه عملية تحالف اسلامي عريض ولكني اظن ان هذا التحالف غير وارد "والحديث للدكتور الطيب" . ووصف الطيب زين العابدين هذه الخطوة بالتحول الكبير في مفاهيم وقناعات ومواقف المؤتمر الشعبي من دعوته الي اسقاط النظام الي الحوار معه دون اي اشتراطات واللقاء المرتقب هو بداية الترتيبات العملية لهذا الحوار . وقال الدكتور الطيب زين العابدين في افاداته "للانتباهة" ان التحالف بين الاسلاميين غير وارد ولكنه توقع ان يخرج اللقاء المرتقب باقرار حكومة انتقالية تتفق عليها كل القوي السياسية لان الحكومة الحالية مطعون في شرفها ولا يثق فيها الاخرين "علي حد تعبيره" . والمطلوب اذن اشراك هؤلاء الاخرين في عملية التحضيرلمثل هذه الحوارات . واعتبر زين العابدين انه لولا اقصاء الممسكين من اصحاب اليد القابضة في المؤتمر الوطني من مناطق منبع القرار في عملية التغيير الاخيرة لما حدث هذا التقارب بين الاسلاميين . واضاف دكتور الطيب ان هذه الجماعة كانت ضد التقارب وكانت ايضا متمسكة ورافضة ان تسليم الانقاذ الا للسيد "المسيح" حسب تعبيره ولكن قضية التقارب الان اصبحت حقيقية . [email protected]