كشفت مصادر سودانية مطلعة النقاب عن أن العلاقات السودانية الإيرانية تشهد تطورا مضطردا منذ عدة أشهر، ووصفت هذه العلاقة بأنها تصل "حد الحلفاء". وذكرت هذه المصادر التي تحدثت ل "قدس برس"، وطلبت الاحتفاظ باسمها، أن الأمر لا يتصل فقط بعلاقات مد بالسلاح لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة على السودان، وإنما بتقديم مساعدات مادية لحكومة الخرطوم لتجاوز مخلفات فقدانها لعائدات النفط بعد انفصال الجنوب ووقف تصدير نفط الجنوب عبر موانئ شمال السودان. وأشارت المصادر إلى أن إيران منحت السودان مؤخرا مبلغا ماليا ضخما لتجاوز العقبات الاقتصادية المتزايدة أمام السودان بفعل تنامي أعمال الجماعات المتمردة المدعومة من حكومة الجنوب وعلى رأسها الجبهة الثورية. ولفتت الانتباه إلى أن زيارة وزير الاستثمار السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل مؤخرا إلى العراق في ظل أجواء مشحونة في المنطقة بين السنة والشيعة وانحياز الحكومة العراقية في الأزمة السورية إلى النظام، يشير إلى طبيعة العلاقة المتينة التي تربط الخرطومبطهران، وأن السودان هي جزء من النظام العربي الرسمي المنحاز لصالح نظام الرئيس بشار الأسد مثله في ذلك مثل العراق والجزائر. وأعادت هذه المصادر توجه الخرطوم إلى إيران ودمشق وبغداد وموسكو إلى الصد الذي لقته الخرطوم على مدى عمر حكومة الانقاذ من النظام العربي الرسمي، وأشارت إلى أن الرياض كانت قد طلبت من الرئيس عمر البشير مع بداية الربيع العربي التنحي من الحكم مقابل ضمان مخرج له مع المحكمة الدولية التي تتابعه على خلفية ما تقول المحكمة إنها "الجرائم المرتكبة في دارفور". وأشارت المصادر، إلى أن الرياض طرحت هذه المبادرة قبل نحو عام أثناء زيارة للبشير إلى السعودية لكن الرئيس السوداني رفضها بشدة، وعاد إلى الخرطوم من غير اتمام للبروتوكولات الرئاسية. وأضافت: "إن من بين أهم الأسباب التي زادت من قناعة الخرطوم في الرهان على طهران هو ضعف الموقف العربي الرسمي وعلى رأسه موقف مصر بعد الثورة، التي تعاملت مع الخرطوم بطريقة استعلائية، وبعدم اهتمام، بل إن الرئيس مرسي لم يزر الخرطوم إلا بعد أن زار عددا من الدول الغربية والإقليمية، وكانت الخرطوم آخر محطاته، مما قوى من قناة الخرطوم بأن النظام العربي الرسمي مازال لم ينتبه بعد إلى أهمية السودان وحاجته إلى الاهتمام العربي اللازم"، بحسب تعبير تلك المصادر. تصاعدت في الآونة الأخيرة حدة الخلافات بين قيادات حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، وتعمقت القطيعة بين جناحي السلطة، ممثلة في الرئيس عمر البشير وأتباعه من جهة ونائبه الأول علي عثمان محمد طه من جهة ثانية، بينما يزداد ثقل الحياد لدى قيادات الإصلاح في حزب المؤتمر الوطني بزعامة الدكتور غازي صلاح الدين. وعلى الصعيد السوداني، ذكرت مصادر قيادية مطلعة في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان تحدثت ل "قدس برس" ورفضت الافصاح عن اسمها، أن حزب المؤتمر الوطني تتقاسمه ثلاثة أجنحة: الجناح الأول يقوده الرئيس عمر البشير ومعه وزير الدفاع الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، ووزير رئاسة الجمهورية بكري حسن صالح ومساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع علي نافع وابراهيم أحمد عمر عضو المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني، أما الجناح الثاني فيقوده النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه ورئيس البرلمان أحمد ابراهيم الطاهر ووزير النفط الدكتور عوض الجاز ووزير المعادن كمال عبد اللطيف. أما المجموعة الثالثة، فهي مجموعة الإصلاح، التي يتزعمها القيادي الإسلامي الدكتور غازي صلاح الدين والقيادي الإسلامي حسن عثمان رزق وعدد من القيادات الطلابية والمجاهدين والدكتور عبد الله سيد أحمد وزير الصحة السابق، والعميد معاش محمد ابراهيم المشهور ب "ود ابراهيم" الذي قاد المحاولة الانقلابية الأخيرة قبل نحو ثلاثة أشهر. وأشارت المصادر إلى أن هذه المجموعة الثالثة تلقى قبولا كبيرا لدى أوساط التيار الوطني الإسلامي الذي لم يجد نفسه لا مع تيار البشير ولا مع تيار علي عثمان طه، ويرى في هذه المجموعة الصدق والاخلاص وتصحيح المسار. وتحمل هذه المجموعة اسم "سائحون"، وهو اسم المجموعة التي شكلت العمود الفقري الذي نشأت عليه الحركة الاسلامية السودانية في مراحلها الأولى حين كانت تخوض الحرب مع عناصر الحركة الشعبية أيام الراحل جون قرنق.