في كثير من الأوقات أتابع كرة القدم ليس لأنني أعشق الأحمر الوهاج ولا أموت في حب الموج الأزرق وأعرف أن ميسي لاعب (وجيه) لكن أحب الفتيات اللائي يعشقنه من أجل اللعبة الحلوة لا من أجل ابتسامته الساحرة وعيونه المليئة بالغموض لا أعرف من هو مدرب ريال مدريد ولا من هم اللاعبون في الفريق ولكنني أرى نفسي أنني أكثر ميلا إلى برشلونة المهم أن الأحيان الكثيرة التي أتابع فيها كرة القدم تقوم على دوافع أخرى بعيدة عن المستطيل الأخضر وإحراز الأهداف و(تنشنة) ما قبل الهدف والصراخ والهيستريا ما بعد إحرازه فأنا أتابع كرة القدم لأسباب أخرى وهي أن هذه اللعبة الغريبة فيها كثير من الدروس والعبر إن نظرنا إليها بعين أخرى. كرة القدم هي لعبة الفقراء قبل كل شيء فلاعب كرة القدم هو ابن الحي العادي والبسيط دائما ما يبدأ اللعب في التراب والغبار وتجده يبحث له عن ملعب أفضل ليمارس هوايته المفضلة فهو شخص عصامي يصنع نفسه بنفسه عكس لاعب التنس مثلا فهو ابن طبقة راقية يجد ملعبه جاهزا أمام باحة بيته. كرة القدم هي لعبة الفرقة والرفقة وكرة التنس فيها كثير من الأنانية اللاعب واحد والفريق هو أنت فلا مجال إلى أن يتحلى اللاعب بروح الجماعة والمبادرة والتعاضد مع الآخر وأذكر مرة أنني قرأت مقولة تقول: (إن الحياة ليست لعبة تنس تلعبها لوحدك الحياة كرة قدم). حتى الحكم هو أطيب وألطف «الحكام» في العالم هو حكم كرة القدم لا يوجد لديه عساكر وزنازين وقيود.. ولا يوجد لديه إعلام يصفق لقراراته ويدافع عنه.. في الغالب الإعلام سيهاجمه... إذا غضب منك لن يمنعك من اللعب مدى الحياة وكل ما سيفعله سيشهر في وجهك بطاقة صفراء أو حمراء، هو لا يعاقبك لأنك (خرجت عن قانون اللعبة) هو فقط يريد أن يحمي الآخرين من رعونتك وتهورك هي لعبة عظيمة بها كثير من الأدب والأخلاق عكس ما يظن البعض.. ولم تكن اللحظة الأجمل في حياة كريستيانو رونالدو هي تلك اللحظة التي اعتلى فيها المنصة متوجاً بلقب أفضل لاعب في العالم، ولا تلك اللحظة الإنسانية- رغم روعتها وجمالها- عندما احتضن ابنه وهو يلملم مشاعره التي سالت على شكل دموع... كانت اللحظة الأجمل والأعظم- والتي أجزم إنه سيتذكرها طويلاً وبكافة تفاصليها- هي تلك اللحظة التي أقصى فيها السويد بقيادة السلطان إبراهيموفيتش... في ذلك المساء... كان فارساً، وكان حارساً لحلم أكثر من عشرة ملايين برتغالي.. حملهم على كتفيه وأخذهم إلى كأس العالم وطار بهم إلى البرازيل جعلهم للحظات ينسون أزماتهم الاقتصادية ويرقصون طرباً على إيقاع أهدافه في ذلك المساء.. كان الدون كريستانيو لاعباً بمرتبة بطل شعبي... هذه وغيرها من الحكايات هي التي تؤكد أن كرة القدم هي لعبة أكبر من تمريرة خطأ أو خطأ تقدير في هدف يجلب الهزيمة.. كرة القدم فيها عبر ودروس عظيمة تأملوها وأنتم تشاهدونها فقط انزعوا عاطفة التشجيع في داخلكم ولو للحظات... وتكفينا مقولة... (خلي أخلاقك رياضية). طيف أخير: أخطأتك تمريرة... فكنت هدفي الخطأ. صباح محمد الحسن [email protected]