فخامة المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية الموقر تحية طيبة وبعد يعلم الله قد تألمت وحزنت كثيرا ودمعت عيناي وأنا أقرأ في صحيفة آخر لحظة خبر محاكمة شاب وثلاثة سيدات أمام محكمة جنايات أم درمان ، يحاكمون أمام محكمة الجنايات ولم يقتلوا نفسا، ولم يسرقوا مالا ، ولم يهتكوا عرضا، ولم يهتفوا بسقوط حكومة . التهمة سيدي الرئيس إنهم باعوا كلاهم . نحاكم من جاع فباع كليته ليأكل . فإن باعوها، لم يبعوها لتكملة الطابق العاشر في العمارة ، ولا لتمضية العطلة في الرفيرا، إنما باعوها لسد غائلة الجوع أو لإسكات أنات عزيز هده المرض . وهل يكون مجرما من باع بعضه ليحيا اوليحي غيره . تري سيدي الرئيس ماذا يفعل الفقير أمام حاجاته وحاجات أهله وصغاره ، وهي حالة ، لا تقبل التأجيل ، ولازمة ، لا يمكن التقاضي عنها ، والحد الأدني للإجور سيدي الرئيس لا يكفي حاجة طفلا واحد لشهر ، فكيف يكفي أسرة . أجعناهم ونحاكمهم لبيعهم كلاهم ، إن كانوا هم الجاني من المجني عليه ياتري من الضحية ، لقد دمعت عيناي حين تزكرت بكاء عمر بن الخطاب فجرا وهو يلوم نفسه ويقول يا لبؤس عمر بن الخطاب كم قتل من أبناء المسلمين ، فقط لبكاء طفل تدربه أمه علي الفطام وتمنعه الرضاعة ليكون له نصيب من بيت المال لأن عمر لا يعطي الرضيع . تعلم سيدي الرئيس أن غرفة العمليات مكان يتجنبه المريض ، ولا يدخله إلا وقد سدت في وجهه السبل ، فكيف بالسليم ، يدخل ليقطع بعضه وقد لا يخرج أبدا . إننا سيدي الرئيس نحاكم من إرتضت أن تبيع كلاها حتي لا تبيع عرضها ، من إرتضت أن تبيع كليتها لتحفظ شرفها . تراهم جناة أم ضحايا ومن الجاني تري . وقد ذادني ألما سيدي الرئيس أني كنت أقرأ قبلها للطاهر ساتي عامودا بعنوان حصل خير عن الإختلاسات والتسويات فذكرت حديث الرسول {ص} ( إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد ) فدمعت عيناي نعم والله قد بكيت والآن أكتب وعيناي دامعة ليس بسبب المحاكمة ولكن بسبب ما آل اليه أمر الناس وماهم فيه من عوز وفقر حمل البعض للبحث في الكوشة والنفايا عن طعام مع القطط والكلاب والهوام{ والله لم أقل إلا صدقا} وتتعجب حين تري ما تري فنحن نعفوا عن من يسرق ونحاكم من باع كليته حتي لا يسرق . ( مالكم كيف تحكمون ) سيدي الرئيس عمر البشير إن دعوتك السودانيين بمختلف طوائفهم وأحزابهم للحوار ومحاولة الوفاء ببعض المطلوب هو دليل حرص منك لإشراك الجميع حتي من إشترطوا شروطا للمشاركة في الحوار . الدعوة للحوار والسعي لإشراك الآخر هو إقرار بأن هناك مشاكل إستعصت علي الحل ، وأن الإنفراد بالأمر ليس خيرا دائما ، واليد الواحده مابتصفق ، وأنكم قدمتم الوطن علي ما عداه ، وأنك شخصيا سيدي الرئيس قد حزمت أمرك ، أن تعمل لغد فيه حساب بلا عمل ، وأن تحمل نفسك ومن معك للعمل بما يعود خيرا للوطن . وبيت الداء سيدي الرئيس هو الفساد وقد كان معلوما مرسوما مخططا مقننا أسموه التمكين في مبتداه ، كانت الوظيفة لطائفة دون الناس ، ولهم العقود والقروض ولنا النطيحة والمتردية وما أكل السبع ولم يكفهم ماهم فيه من تمكين ، فأنشأوا الشركات الوهمية وفازوا بالعقود المليارية وكلما زاد مالهم زاد طمعهم وجشعهم وقلت خشيتهم وتكاثروا فكسروا الوطن . امنوا الحساب والعقاب فباعونا اسوأ ما يمكن وأرخص ما وجدوه بأغلي من ثمن أفضل مايمكن أضعافا مضاعفة، وإشتروا لأنفسهم الذي هو أدني بالذي هو خير فوصلنا لما وصلنا اليه . سيدي الرئيس إن كنت جادا في الإصلاح ، وترجو ما عند الله ، وتخشي عذابه فأبدأ بالفساد، وأكنس المفسدين وأغلظ عليهم، فلا صلاح ولا إصلاح في وجودهم، وأنت تأثم وهم يكسبون قال{ص} ( شر الناس من باع آخرته بدنياه وشر منه من باع آخرته بدنيا غيره ) وأنت أحق بمحاسبتهم ومحاكمتهم، وتطهيرك لهم اليوم ، تطهيرا لنفسك ، فحاسبهم اليوم قبل أن تحاسب بهم غدا ، وأوكل أمر ذلك لمن لا تأخذه في الحق لومة لائم ، ومن لا كبير عنده فوق القانون ، وأقتدي بالخليفة الزاهد، العادل ، عمر بن عبدالعزيز ، لم تبلغ فترة خلافته ثلاثة سنوات ، وبلغ ذكره وعدله عنان السماء ،وسارت بسيرته الركبان ، وخلده التاريخ . وقصص الفساد في بلادنا شاع أمرها وفشي خبرها تحدثت عنها الصحف وما برحت ، وقنوات التلفزيون وما فتأت ، وأضحت ملح المجالس ، وأنت والله خصيمنا في كل ذلك امام الله يوم القيامة ياعمر . فأختار لنفسك . قال الرسول {ص} ( أغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك ) [email protected]