بددت الكلمات القوية في ندوة الحزب الشيوعي من الظلمة الناجمة عن انقطاع الكهرباء بميدان المدرسة الأهلية في ام درمان الذي استضاف مساء السبت اللقاء الذي اتصف بحميمية ثورية طاغية، وأكدت الندوة أن جدوة الثورة تكتسب دفعا جديدا وأن ما يحدث حاليا من حراك سياسي ليس منه من أحد وأنه حق مكتسب تحقق بفضل الضغط والحراك الجماهيري.. هذه المعاني جاءت منسجمة مع قالت به ندوة حزب المؤتمر السوداني في اليوم السابق، وكل ذلك يصب في سياق عام لا يزال يتخلق للخروج ب" خارطة طريق" لهؤلاء الذين يرفضون حوار المؤتمر الوطني، كما أنهم يتفقون على رفض أي حوار لا يؤدي إلى تفكيك النظام، كما يرفضون اعطاء ضمانات للذين أجرموا في حق البلاد كما جاء في كلمة المحامي ساطع الحاج رئيس الحزب العربي الاشتراكي الناصري.. وكما اشرنا فقد كانت الساحة مترعة بمشاعر ثورية امتزجت بأنغام الكورال والهتافات، ولم تستثني اريحية اللقاء رجال الشرطة ، فقد شكرهم سكرتير الحزب بالعاصمة القومية ميرغني عطا المنان على تعاونهم في تنظيم الندوة، وقال آخر أنهم موجودون الآن في الخارج وأنهم حتما يستمعون لما يقال، ملمحا بذلك إلى غياب حالة التجهم والترقب التي كانت تلازمهم وهم يتحفزون للانقضاض على أية تظاهرة أو تجمع.. وعلى كل فهم في النهاية مواطنون سودانيون يتم الرج بهم في معارك ضد مواطنيهم، لكنهم الآن مدعوون للاستماع عل هذه الكلمات تستأثر باهتمامهم، فعندما تحدث صديق يوسف الناطق بلسان الحزب الشيوعي عن الارتفاع الجنوني لأسعار السلع، وأن ذلك يتم بمتوالية هندسية ( 2، 4، 16، 256) وليست حسابية، فلا بد أن مثل هذا الكلام يجد وقعا لدى الكل خاصة عند المقارنة مع أرقام عن الفساد تتزايد ليس بطريقة هندسية وانما فلكية.. ولن نقول أن السيناريو هنا يتضمن أن ينتهي الأمر برجال الشرطة إلى اطلاق هتافات ( الشرطة تريد تغيير النظام)، وعلى كل حال فإن حدث ذلك فهو من بركات الحرية المرتجاة، فهي تصل بالأشياء إلى نهايتها العظمى ما دامت هذه النهايات من خيارات الشعب ومن الأهداف الطيبة، لكننا نتطلع إلى الصيغة المعروفة في أدب الثورات السودانية والقائلة ب( بتلاحم الشرطة مع الشعب). وفي هذا المقام أيضا نذكر دعوة رئيس حزب المؤتمر السوداني ابراهيم الشيخ في ندوة شمبات إلى ضرورة اعادة تأهيل كوادر الأمن.. وتستمر الندوات التي أفلحت في ترسيخ واقع جديد في الساحة فرضته هذه الروح الثورية التي تتغذى من ارث تاريخي متجذر من النضال الهبتها مؤخرا هبة سبتمبر فضلا عن واقع حال يغني عن السؤال. والمهم كما جاء على لسان ميرغني عطا المنان الاستمرار في تجويد الأداء السياسي مهما كانت نتائج الحوار مع الاستجابة لنبض الشارع وتأمين الحقوق وعدم اغفال الواجبات الوطنية الملحة.. [email protected]