لو كان البشير يعلم أن الدعوة للحوار ستؤدي الى توحيد القوى لم يفتح لها بابا, لذلك حرص على تقييدها ببعض القرارات المنبثقة من الحزب الواحد الحاكم والماسك على زمام الأمور ... ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي سفينة الانقاذ المتأرجحة أصلا والمتعطلة تماما ... الحمد لله لقد توحدت القوى والرؤى, وانتظمت الصفوف وعمدت الى تفعيل النداء للحوار بالجد والاصرار ورفض كل ما يكبل الحريات ويقف في طريق الأمن والسلام... واقتلع الشعب السوداني حرية الرأي والكلمة, وأصبح يجاهر ويشاهر بها في كل مكان : في الأسواق والمناسبات , وفي سبل المواصلات, وعلى وسائل التواصل الاجتماعي على الشبكات الالكترونية, وفي بيوت الأفراح والأتراح غير مبال بما يقول السفاح ومن ما أصدر من قرارات لتحجيم سير الحريات ... فالحريات لا تجزأ ولا هي عطية من أحد ... ولكن في ظل الحكومات الدكتاتورية الشمولية التعسفية: الحريات لا تأتي على طبق من ذهب وانما تنتزع بالعزيمة والاصرار والايمان بالقضايا العادلة والمصيرية, ومعرفة الحقوق والواجبات, ونبذ التفرقة والتشدد والشتات, والعصبية والجهوية والعنجهية حتى ندك معاقل الدكتاتورية ... لأن السودان لم يكن حكرا لأحد حتى تباع أراضيه ومشروعاته, وتجفف مستشفياته, وتعطل مدارسه وجامعاته وتصبح معقلا للجريمة والتصفيات , وانما هو ملك للجميع ... فهو غني بموارده وخيراته وامتداده الوسيع, وخصه الله بهذا التنوع الفريد ليسع الجميع ... لذلك يجب انتشاله من هذا الضيق السحيق والسقوط المريع... ولا بد من وقفة حاسمة وكلمة سواء, حتى نأخذ حق بناتنا وأولادنا الشهداء وأهلنا الضعفاء, ونقتلع أراضينا من أيدي الغرباء والدخلاء وننعم نحن أهله بالخير والنماء والرخاء... ويجب علينا ألا نقلل من البدايات, ولا نستهين بالشعارات, ولا نبخس عملا يصب في معين الحريات ... فالحريات هي أصل الحياة ومنحة من رب العباد القائل في كتابه العزيز:( وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) والمراد هنا من القسط والميزان (العدل) أي لا تبخسوا الوزن بل زنوا بالحق والفسط ... حتى قوله سبحانه وتعالى :( والأرض وضعها للأنام) أي لجميع خلقه على اختلاف أنواعهم وأشكالهم وسحناتهم دون تمييز: على أن يعملوا على عمارتها ويعيشوا فيها بحب و سلام... فالحكومات التي تميز بين مواطنيها وتعيث في الأرض فسادا غير آبهة بما جاء في كتاب الله الكريم : فهي غير جديرة بأن تحكم الناس, لأنها بعيدة كل البعد عما يرضي الله ويريد , فهو يريد لنا عمارة الأرض بالحق والقسط ... ومادمنا نكافح من أجل استرداد هذا الحق فحتما سنناله , وما عند الله ليس ببعيد فهو المستعان واليه ترجع الأمور ... وأستغفر الله وأتوب اليه ... [email protected]