حتي كولونيلات الراحل (ماركيز) نفسه كانوا سيندهشون بشدة من هذه الحروب العبثية التي تشنها حكومة الانبياء الكاذبون في السودان,والتي احالته بحق لقرية (ماكوندو) الخيالية المعزولة عن العالم,فبعد خمسة وعشرين عاما من الحكم الاسلامي العضوض,هاجر ثلث السكان, وانفصل ثلثهم بدولة الجنوب,وبقي الثلث الاخير غير المحظوظ يكابد شظف العيش وشظف الاجهزة الامنية,ويتحين الفرصة للسفر والفرار بعيدا. فلقد حارب الاسلاميون الجميع بلا إستثناء:حاربوا المواطنيين في الجنوب بدعوي الجهاد المقدس وحاربوهم في الغرب والشرق والشمال بدعوي التمرد,وأخرسوا أصواتهم بالقوة في الوسط بدعوي الخيانة,وقتلو عددا يفوق أضعاف أضعاف ماقتله المستعمر,وعذبوا الناس في (بيوت الاشباح) عذابا يفوق عذاب التتار لأهل بغداد. وحاربوا الجيران و العالم بدعوي التآمر وحاربوا انفسهم بدعوي الفتنة وحاربو طواحين الهواء بدعوي العمالة,وحاربوا كل شئ.عزلونا عن عالمنا وعن محيطنا,وعزلونا عن بعضنا البعض بعنصريتهم البغيضة.جعلوا وطننا نكرة بين الاوطان,ومادة دسمة لأخبار الكوارث,وزبونا دائما لمنظمات العون الانساني.جعلاو من السودان دولة فاشلة حتي الثمالة حسب التقارير العالمية. فلماذا يفعلون ذلك وبكل هذا الاصرار الغريب؟ ألم ترضعهم الامهات والخالات مثلنا كما قال الطيب صالح؟ أليس هذا الوطن وطنهم مثلنا ايضا؟ماذا يريدون بالضبط؟أيريدون الحكم والغني والنفوذ؟فكل ذلك قد توفر لهم ولربع قرن كامل,فليس منهم اليوم فقير,وليس منهم اليوم غفير,فالكل وزراء ومدراء ومسئولين.إذا" ماذا يريدون أكثر من ذلك؟ألم يكملوا مهمتهم المقدسة بعد في تحطيم هذا الوطن والرقص علي أشلائه كما يفعل الرئيس في كل مناسبة؟هل يستمتعون بالحكم بهذه الطريقة؟!! لقد تركهم الناس من زمن بعيد وأنصرفوا عنهم,فلماذا لايتركون هم الناس؟ ماذا يضيرهم لو تركوا الناس في حالهم وأستمروا هم في حكمهم وحالهم؟!! الناس الان لايريدون منهم أكثر من ذلك.الناس يريدون أن تخرج الحكومة من حياتهم كما خرجوا هم من حياتها,الناس يريدون ألا تحشر الحكومة أنفها في مأكلهم ومشربهم وملبسهم وغرف نومهم وصلواتهم وطريقة حياتهم.لو تركوا الناس يزرعون,لما إحتاج أحد أن يهجر مزرعته للعمل في رعي الاغنام بصحاري الخليج,لو تركوا الناس يتاجرون ويعملون ,لما أحتاج أحد للعمل بالطبخ وصب الشاي والقهوة بقصور أثرياء السعودية والكويت.لو تركوا الناس يقولون مايريدون,لما أحتاج أحد للعيش في دياسبورا أوربا وكندا. أيحتاج اقتصادييهم وسياسييهم الكثر,ان يبعث الله, آدم سميث من قبره , ليعلمهم مبدأه البسيط:(دعه يعمل,دعه يمر),والذي نهض به إقتصاد اوربا وامريكا,بلا نظريات دينية مثل نظرياتهم,وبلا مؤتمرات دعائية مثل مؤتمراتهم,وبلا مغالطات ومكابرات مثل مغالطاتهم ومكابراتهم وبلا نقاط تفتيش وجبايات مثل نقاطهم؟؟فلماذا يكررورن اختراع العجلة بنفس طريقتهم الأولي؟أليس هذا الجنون بعينه؟ففي تعريف الصينيين للجنون:هو أن تفعل ذات الشئ وبنفس الطريقة وتتوقع في كل مرة نتيجة مختلفة,أليس منهم رجل رشيد؟!! عماد عثمان/طبيب بالصحة النفسية-السعودية [email protected]