بسم الله الرحمن الرحيم كل طفل يولد يستقبل عالمه الجديد صارخا, بسبب الأكسجين الذي يندفع الى صدره من الجو الخارجي, غير ذلك الذي كان يستنشقه في بطن أمه, والدفء الذي اعتاد عليه بين ضلوعها... تحدث هذه الصرخة الاحتجاجية رغم الظروف والأجواء, التي يقوم بها المحيطون به لتهيئة المناخ الملائم مع توفير سبل الراحة والعناية الصحية, والفرش الوثيرة, مع صيحات الفرح والتبريكات والزغاريد المجلجلة احتفاءا بالقادم الجديد سيد الموقف ... على النغيض: تضع مريم المحكوم عليها بالاعدام بتهمة الردة, مولودها البريئ في أحد سجون النظام بالعاصمة الخرطوم, ليحاكم هو الآخر في قضية لم يكن طرفا فيها, ليصبح أصغر سجينا في العالم... اذا كان كل مولود يصرخ ألما, رغم كل الظروف الصحية والمريحة لاستقباله, فلا أستطيع أن أتخيل كيف استقبل ابن مريم هذا عالمه الجديد, المجرد من الرحمة والدفء والحنان, رغم قول المصطفى صلى الله عليه وسلم :(ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا). والله انه لجرم وظلم فاضح وكبير, ورسالة الى العالم الخارجي, نشهد بها على أنفسنا بالظلم والفساد واذلال العباد... واني لأجزم: أن الله لا يرضى لهذا المولود أن يهضم حقه بسبب قضية لم تحسم بعد, ولم تكتمل حيثياتها ولم يكن هو طرفا فيها ... الدين الاسلامي كله عدل ورحمة, فلماذا لا يفرج على المتهمة بكفالة حتى تضع وليدها وحتى سن الفطام, ثم ينظر في هذه القضية لاحقا؟ ولماذا كل هذا التعجل في الأحكام رغم ظلامية القضية وخيوطها المتشابكة؟ ألا يوجد هناك من يستطيع أن يقول كلمة حق في وجه سلطان جائر؟ أين الحق والعدالة والدين وسماحة الاسلام مادمنا أننا ندعي الحكم بشرع الله؟ أرجو أن تتذكروا دائما أن الدين الاسلامي لم يكن شعارات ترفع ولا أكاذيب تفترى, وانما هو أحكام و آيات منزلات من رب العباد, ليقيم بها العدل والاحسان وينهى بها عن الفحشاء والمنكر والبغي والعدوان, ولا حول لنا ولا قوة, وما علينا الا أن نقيم الدين على النحو الذي هو يريد, وليس لنا الخيرة في حدود الله وأن نفعل ما نريد وعلى النحو الذي نريد, بل نسأله أن يهدنا الى طريق الخير والعمل الرشيد والرأي السديد ... ونستغفر الله ونتوب اليه ... [email protected]