بسم الله الرحمن الرحيم الحوار قد يكون بين أفراد أو مجاميع ، أو قبائل، أو جهات سياسية أو دول أو أديان، أو يدور بين الفرد ونفسه. بمعنى أنك عندما تكون جالسا بمفردك ،أكيد لا يتوقف عقلك عن العمل، بل في كثير من الأحيان قد تحاور نفسك (الزول بيونسوا غرضه) ، أو قد يأخذك خيالك لمحاورة آخرين في غيابهم، طبقا لحالتك النفسية في ذلك الوقت، وتصل الي قرارات قد تكون لها آثار جوهرية +ايجابية أو سلبية) على بقية حياتك وتصرفاتك. فالحوار نستخدم فيه اللغة لعكس افكارنا أو ما يدور بأذهاننا للآخرين أو لمجتمعاتنا، وهو نقاش بغرض الاقناع بفكرة معينة أو موضوع أو شعار، بغرض النقاش للوصول الى فكرة أو اتفاق أو مشاركة أو حلول. تخيل عزيزي القارئ بأنك قررت أن تؤسس متجر (دكان)، فهل يعقل أن تؤسسه بمنطقة خلوية خالية من السكان / الزبائن؟ بالضرورة ستؤسسه بحي عامر بالسكان (الزبائن). فان كان سكان هذا الحي لهم رأي فيك أو علاقتك بهم سيئة، فلن يتعاملوا مع متجرك هذا؟ والنتيجة معروفة!! أمامك حل من حلين: اما أن تغلق هذا الدكان وتنتقل به الي حي آخر، أو أن تبدأ حوار مع السكان وتحول أن تقنعهم بأنك شخص جيد يمكنك التعاون معهم، وأن الاستفادة ستكون للجانبين، وتنقذ تجارتك. فان فشلت في اقناعهم، فلا مناص من رحولك ودكانك. عليه بدون حوار لن تجد زبائن/ مواطنين لتشغيل متجرك./حزبك الدكان هنا هو/ يمثل النظام الحاكم الآن في السودان، ممثلا بمؤتمره الوطني، صاحب السيادة على هذه البلاد والعباد، ومن فضل من شعبها (الزبائن). صاحب هذا للدكان تسلط وفرض سيطرته عن طريق انقلاب، وقام بتقفيل كل الدكاكين الأخرى، وأصدر قوانين امتدت لحوالي عقدين من الزمان تمنع الدكاكين الأخرى (الأحزاب) من العمل، فنسيهم الزبائن (لعدم المعايشة وعدم المعرفة بها)، بل أن الزبائن الذين ولدوا خلال ربع القرن الماضي لا يعرفون متجر سوى ذلك التابع للمؤتمر الوطني. حاول هذا السوبر ماركت أن يتعامل مع العالم من حوله، ومع كل ولايات السودان ، وكان نتيجة تعامله الفظ مع الجميع الفشل الذريع مما هدد احتمال استمراريتهم، بل كسبوا عداء أغلبية الشعب الفضل (الزبائن)، بل كراهيتهم، والنتيجة هي الهلع والتخبط. سمح لبعض الدكاكين الأخرى (الأحزاب) بأن تفتح متاجرها وبشروط مشددة وغير مقنعة ، وأغلبها يماثل رمي الشخص في البحر وهو مكبل ومطلوب منه السباحة!!!، لكنها كما هو متوقع ومنطقي فشلت فشلا ذريعا في اقناع الزبائن القدامى والجدد (بوجودها)، بل (بجديتها ومقدراتها) على المناطحة والمنافسة، أو على الأقل منع الدكان القديم من التلاعب والفساد والافساد والاحتكار كأضعف الايمان، والدليل نتيجة الانتخابات السابقة. بدأ أصحاب السوبر ماركت المسيطر على كل المواقف في (تحليل مواقفهم)، وتساءل البعض عن (أسباب الفشل)، وآخرون عن لماذا (يكرههم) الزبائن قاطبة، ومجموعة ثالثة من داخل الحزب تفكر ماذا سيكون (مستقبلهم / مصيرهم ) كأفراد وكحزب ان حدث ما يشبه ما حدث من قبل في أكتوبر وابريل والربيع العربي، والي متى سيستمرون في الحكم؟ خاصة وأنهم لم يكونوا متوقعين أن يستمروا في الحكم طوال هذه المدة. وهل أن تنازلوا عن هذا السوبر ماركت هل سيكونون بمأمن داخل الوطن؟ الاجابة والنتيجة التي توصلوا اليها جميعا (المجاميع الثلاثة) هي أنه لابد من (الحوار للمخارجة)!! لكن الحوار مع من؟ ولماذا؟ وكيف؟ والى ماذا (يجب) أن يقودنا هذا الحوار؟ الاجابة علي كل علامة استفهام من العلامات أعلاه تختلف من مجموعة الي أخري حيث ، هدف كل مجموعة داخل نفس مجلس ادارة السوبر ماركت (الذي كان دكانا) ويختلف من أهداف المجموعتين الأخريين. نعم كلهم مع الحوار، لكن لكل (شروط وثوابت) لا يريد أن يتنازل عنها، مثله مثل الشحاذ الذي يسألك أن تعطيه (بعنطزة) ويشعرك بأنه سيدك. يعني حسنه وأنا سيدك)!!! الحوار حق أريد به باطل. الدليل يكمن في ما حدث للسيد الصادق المهدي، ورئيس حزب المؤتمر السوداني، وأخيرا ما حدث امس الأول لرئيس تحرير التيار. الحوار يتطلب مصداقية ومرونة وتنازلات مع استخدام المنطق وضمان حقوق الانسان. الحوار يتطلب المساواة في التمثيل وتعدم حرمان أي شخص أو جهة أو اتجاه أو عرق أو جنس من المشاركة. الحوار يبدأ من الصفر دون وضع شروط أو خطوط حمراء. الحوار يتطلب الدخول في أدق التفاصيل. الحوار في السودان يتطلب وضع السودان والسودانيين في حدقات العيون. كيف لدولة على وشك الانهيار أن ترفض الحوار وهو المنقذ الأخير والفرصة الأخيرة لها لتكون دولتها طبق أسس ومعايير متعارف عليها أكاديميا وسياسيا وعمليا. كيف يكون هنالك حوار واتجاه واحد يسيطر علي مصائر الوطن والبشر، مع عدم تمكنه من حماية أي منهما، والدليل السيارات اللاندكروزر التي تحمل ملثمين وبدون لوحات ترخيص وفي قلب العاصمة وتعتدي على قادة الرأي بالبلاد. ما الذي يمنعها من مداهمة أعلي سلطات البلاد أو القيادة العامة أو المطار أو الاذاعة أو الكباري أو الادارات الحيوية الأخرى بالعاصمة وغيرها. ما حدث للأستاذ عثمان ميرغني والعاملين بالصحيفة عمل القصد منه تبليغ رسالة وبعنف، ومنع كل من له رأي من ابداء رأيه حيث أن هنالك من هم أولى منه بإبداء الرأي وهم نصبوا أنفسهم أوصياء علي هذا الشعب المنكوب. بالتأكيد مثل هذا الفعل الارهابي والاجرامي يعكس وجهة نظر بعض الذين يتحدثون عن الحوار ويطالبون به ، لكن بشروطهم. كما قلنا الحوار يتطلب المنطق، اين المنطق في ما حدث. يتطلب الشجاعة، أين الشجاعة عندما تأتي ملثما ومسلحا وتهاجم من يحمل قلما؟ هل كان الأمر جهادا؟ ضد من؟ وفي شهر حرام والناس صيام وعلي وشك الافطار!! لماذا لم يطالبوا بمحاورة السيد رئيس التحرير في ما نسب اليه؟ الاسلام يدعو الى العدل، اين العدل في ما قاموا به من جرم؟ أقول لهم أن الباشمهندس لن يتخلى عن رايه ، ولن يتوقف عن الكتابة، ولن يقوم بإغلاق صحيفته أو يغير سياساتها، وأن الله يمهل ولا يهمل الحوار بالطريقة والآلية الحالية لن يقوم وان قام لن يؤدي الى حلول. الحل يكمن كما قلنا من قبل أن يعطى الخبز لخبازه حتى يعد الأرضية المناسبة للحوار التي تضمن النجاح والا فالفشل هو المتوقع والنتيجة الحتمية، وعواقبه وخيمة على الوطن والمواطن. أللهم نسألك اللطف (آمين). الحوار: لماذا وكيف ومع من؟ بروفيسر/ نبيل حامد حسن بشير جامعة الجزيرة