كان سيكون العيد عيدان،لو ان اذان حكامانا تسمع الصياح،وتعرف المواقيت،وتحسن التدبير،كان سيكون عيدنا كرنفال فرح ذاهي،وتكرف شذا الهمبريب،والالفة مع غيم يظل،وبرق يشلع،ورعد يلعلع،كان سيغسل المدينة من درنها،وتاخذه المصارف حيث ينفع،لزرع وضرع . ولكن الخريف يفاجئنا كل عام،كانه موت فجائي،توجف القلوب،وترجف الانفس،وتبحلق العيوان،وينفتح باب الاحتمالات واسعا،هل سننجو،ام يدركنا الطوفان،هل سيفيض النيل،ام سياخذنا السيل،اي درب سد امامه هذا العام،هل سيدخل من جهة مرابيع الشريف،ام سياتي علي سوبا،والف سؤال،ليالي مثقلات بالهواجس،وايام من الكرب،ومواعيد للكرب والبلايا لا شك هي الوحيدة الصادقة. من خرب قانون الاشياء البسيط،غير مسار الاودية،سد مجري السيول المعتاد منذ القدم،لماذا سدوه بشوارع الاسفلت دون معابر،حتي اذا وجد دربه موصدا،كر علي البيوت فجندلها،ثم اعاد كرته علي شارع الاسفلت فمحاه من الوجود،من اي سوق تخرج هذا المهندس الذي مسح الاحياء او الذي خطط لشارع الاسفلت البائس. الان الناس تقطعت بها الدروب،شوارع الاسفلت صارت لعنة ونغمة،مصيدة لدورهم،تحاحي لهم السيل المهلك الغدار. وفي جوف المدينة،بلغت الكوميديا السوداء مداها،فغمرت المياه جوف صالت المطار،واسرة المستشفيات. هذه النعمة عبث بها،هذه الرحمة لو احسن ادارتها لزينت وجه الحياه،لو اقيمت السدود والحفائر،المحابس والمصارف،وجهت المياه لحيث المساحات الواسعة،خزنت لتعهد السهول والزرع في اوقات الشده،نثرت البذور،غرست الاشجار في هذا الوطن الواسع،لتفجرت الحياة،لبنا وحبا،فاكهة وابا،لانشغل الوطن بالفجر والامل،واشتعل بالفرح والنشيد. في بلاد غير بلادنا،كان يمكن لنعمة مثل امطارنا،ان تشعل كرنفالات الافراح بكل افق،اما هنا،فانها مواسم الخوف والبكاء.. عبدالعزيز عثمان [email protected]