هناك حيث الصراع أحيانا لا مفر منه، لا يتحدث اللسان بل الرماد والخوف والتكدس في الخيام و القتل والغدر المعلن على أيدي مجهولين والرصاص الطائش، هناك كل ذلك يتحدث نيابة عن اللسان ليخبرنا بحكاية أعظم نعمة كانت على الإطلاق، الأمان والتعايش، الوجع أمر لا مفر منه في هذه الحياة لكنه يصبح قاتلاً إذا أُضيف إليه الخوف والجوع و المرض لقد عركت الحياة دارفور الحبيبة بالمعارك والاقتتال الداخلي والنزاع البغيض والبؤس والغدر والفتن ومع أن الحمد كان حاضراً على لسان نسائها الصابرات والحمد كما يقولون أولى بالمحن ومن أجلهن وأجل أطفالهن نقولها للتجاني السيسي – إن كان يقرأ - راع الله في أهلنا في سرك وعلنك وتذكر النفوس التي ذهبت دفاعاً عن الأرض والعرض وتلك التي ذهبت غدراً وحماقة، والأطفال الذين ماتوا بالحصبة والكوليرا ، والأمهات اللائي مت في الولادة بالإهمال وعدم وجود المستشفيات ، والشلل الذي بصم على مستقبل الأطفال هناك بالعجز، تذكر التائهين دون تعليم والمتسولين دون لقمة صغيرة تستر جوعهم، تذكر أن الجائعين لا ينامون وكذلك الخائفين، وأننا نتقلب بينهما، تذكر رفيقاتي اللائي اضطرتهن الحرب للإنجاب في العراء والطرقات الجافة المكشوفة وهدّهن الوقوف الطويل في صف الصدقات والهبات وأذلتهن حياة المعسكرات. وأن النساء هناك وحدّهن يتولين مسؤولية الحياة ، ويبكين سراً وهن يمسحن دموعهن بطرف ثوبهن ، تذكر الأرامل وما أكثرهن ، والأيتام الصغار المنتشرين في الأسواق بحثا عن عمل صوراً يجب أن تكون حاضرة في ذهنك لتُخرجها عند الضرورة من قلبك أمام عينيك لتكون ماثلة وأنت تتحدث عن أهلي في دارفور لأن القلوب هناك منهكة والأجساد مجهدة تنتظر عودة الأمل والقرى والبيوت القديمة والأمان والأبناء . إنما أقولها تاركة تلك النظرة المتشائمة جانبا ، أنني لا أشير عليكم بل لأذكر فقط بالقلم دموعا ذُرفت وقري كاملة هُدمت وغاب عنها رجالها وعراء ودروب من رماد وشباباً يموتون بالجملة وأطفالاً ينتظرون الخلاوى والمدارس والكراسةً والكتاب ، يحلمون بفك الخط وبممارسة حقهم في الحياة ليكن كل ذلك في قلبك يا لسيسي فالحياة هناك معلقة لا هى ميتة ولا هى حية . أعلم أنها الحرب وأن الضحايا يذهبون دون ثمن وقبل أن يعرفوا لماذا حتى وأن الغدر بطلها والمحن تتصدر أُفقها ، لكن تذكر وأنت في فنادق الدوحة الفخيمة أن الفؤاد هناك مجروح على أيتام فاق عددهم حد المعقول وأن رسول الرحمة بشر كافل اليتيم برفقته . تذكر شمائل الرجال وضعف النساء وإنما الفاروق خُلد أسمه بالعدل وبمخافة الله يوم الوقف العظيم [email protected]