المسئؤلية أمانة من يتولاها كالقابض على الجمر لاسيما إن كان ضميره حياً لن يمت على نعومة حريرها الخادعة .. ومن يقبل تكليف من يولونه إياها اياً كان مستواها لابد أن يقبل بذلك إن كان يأنس في نفسه الكفاءة للقيام بإنجاح مهمته في الحد الذي يرضي ذلك الضمير الحي فيه ويتعداه الى توفير ما يتوق له من نصبوه من إنجازات تنعكس إيجاباً على حياتهم..ولكن بالمقابل لابد أن يكون شجاعاً لتحمل تبعات فشله إذا ما كان مردودها سيئاً بالقدر الذي يستوجب محاسبته ويكون ذلك واحداً من اهم شروط العقد المبرم بينه وبين أهل التكليف ! رئاسة الجمهورية في البلاد التي تُخضعها لمحدودية دورات توليها ، ذلك لأن مراجعة الإنجازات والإخفاقات تكون سهلة والإقتداء بها أو تلافي ضررها لا يستعصي على أهل الدراية والإصلاح من بعد ذهاب الرئيس المنتهية ولايته بالتداول لآن المدد تكون قصيرة وسهلة المحاصرة في الجرد ! ولكن حينما يذهب الرئيس بعد أربعين عاما أو ثلاثين أو ربع قرنٍ كارثي سواء كان بموته أو الإنتفاض عليه تتفاقم عقابيل ذهابه ،فالخروج من نفق دولة الرجل أو الحزب الواحد وما تركته من أثار وحتى بعد أفولها يصبح أمراً أكثر كارثية وقد يتطلب سنوات طويلة و باهظة الثمن بالدماء والمال وإعتصار العقول النيرة لإعادة توازن دولة تقوم على المؤسسات المخولة من الأمة بشفافية ووعي شعبي وإدراك وطني ..ولعل ما تشهده ليبيا و العراق ومصر و اليمن وسوريا خيرُ برهان على هذا المصير المحبط ! الإنقاذ حتماً ستمضي الى منصة المشانق التي نصبتها للشعب السوداني في معيشته وكرامته وترابه ودمائه الغالية ومستقبل شبابه وصلاته الخارجية والأسوأ تراجع كثير من قيمه التي لطاما تباهى بها أمام العالمين ! وقد تصبح مشكلتنا ليست في ذهاب الإنقاذ ولكن في ترتيب بيتنا من الداخل من بعدها بالعقول النظيفة التي تقبل التكليف وهي متجهمة من عظم المسئؤلية وليست باسمة لما يسر النفس من مكاسب ذاتية او حزبية ! الرئيس البرازيلي السابق لولا دي سيلفا الذي قفز ببلاده الي مصاف الدول الإقتصادية التي تحتل الصف الأول في عالم اليوم ..وحينما طلب منه البرلمان أن يعّدل له الدستور حتى يحكم منتخباً لدورة رئاسية ثالثة ..فبكى ..رافضاً أن ياخذ فرصة قد ينالها من هو أكثر كفاءة عنه في المرحلة القادمة ولم يبكي خوفاً من تسليمه للمحكمة في بلاده لأنه سرق او قتل أوظلم أو أخفق في مهمته ..فذهب الى بيته لينام قرير العين و قد تسلمت بعدة سيدة قالت له أنا لها وربما حينما تذهب هي سيبكي الشعب عليها لأنه لم يبكي ألماً منها ولا من سلفها ! فمتى يحكمنا رئيس .. يبكي حينما نطلب منه أن يُنشد لنا فاصلاً جديداً من إبداعات قيادته الرشيدة .. ونبكي نحن حينما نراه مترجلاً عن المنصة رافعاً رأسه عالياً بالفخر..لا منكساً له وهو يعتليها ليدخله في خية المشنقة بينما نبكي نحن فرحاً و لعنات خيبات حكمه هي التي تلاحقه رمياً باحذيتنا بدلاً عنا ولكن ! متى ؟ [email protected]