كلما جاء ذكر الإمام الصادق المهدي، رماه البعض ماوسعهم، بما لا يليق قوله في مثله، وكالوا له الإتهام جزافا، وتهموه بالعجز والتقصير والتردد، والإمام حفظه الله ورعاه، وهب جل عمره وكل جهده للوطن، حمل همومه حاكماً ومحكوماً، وبذل في سبيله فوق طاقته، ولم يسمح لسواه أن يشغله عنه، فلم نعرف للرجل غير إصلاح الوطن شغلاً، ولا غير صالح المواطن هما، وهو يقوم بذلك السنين الطوال لا يطلب ثمناً، ولا يكلفنا مالاً، ولا يرهقنا مناً، ولكن يتحمل في سبيل ذلك الأذي وجهل الجاهلين. شئنا أم أبينا يبقي الإمام الصادق المهدي من أفضل ما لدينا إن لم يكن أفضل ما لدينا، فما نعلمه عن الرجل من حب العمل، مع طهارة اليد وعفة اللسان، وحسن الخلق، وسماحة التعامل، تجعله فوق الشبهات ، فليس بينا من يطعن في أمانته، ولا من يتهمه بالتعدي علي المال العام، ولا من من يطلبه بدم، هذا إضافة لغزير علمه، وتراكم خبرته، وإهتمامه بالشأن العام، وفوق ذلك كله، الإمام الصادق المهدي مقبول عالميا، فلا تجد لدولة عليه مأخذ، وليس بينه وبين حكومة من حكومات العالم عداوة، فهو من أهل الحكمة ومن دعاة الإعتدال والوسطية، والذين يسيئؤن الظن في قدراته القيادية، ويتهموه بالتقصير، ويحملونه المسؤلية عن بعض الذي نعانيه، يجهلون أن الصادق المهدي ترأس الحكم في الديمقراطية الثانية 65-69 لأقل من سنة، وفي الديمقراطية الثالثة كان رئيس الوزراء لثلاث سنوات، ولكنه في المرتين علي قصرهما، أتي للحكم عن طريق إئتلافات مع أحزاب أخري، ولم تكن له أغلبية برلمانيه، تمكنه فعل مايريد، فكان رئيس لحكومة معظم أعضاء برلمانها ينتمون لأحزاب تعارضه، يجهدون أنفسهم في تعطيله وعرقلةمشاريعه، فنجاحه محمدة لحزب الأمة ترفعه فوق أحزابهم وتعطيه إنجاز يفاخر به، لذلك ما كان له أن ينجح لان نجاحه يطيل رقبة يريدها المنافسون قصيرة، وكلنا شركاء في الفشل، لأننا لم نحمل المسؤلية لحزب واحد تكون له الأغلبية، فيحسب له النجاح، ويحاسب علي الفشل، وقد تنبه بعض السياسيين لذلك الخلل، وكانت وصفة العلاج هي إستبدال نظام الحكم عندنا من البرلماني للرئاسي، فيفوز بالإنتخابات الرئاسية حزب واحد، ويحمل المسؤلية كاملة. ولكن دوما كان العسكر بالمرصاد لكل ديمقراطية، فكانوا يئدون كل ديمقراطية حصلنا عليها في مهدها، ولم يسمحوا لتجاربنا الثلاث أن تبلغ الحلم، فتصلح نفسها وتسد نقصها، ليعود علي الناس خيرها، ويختار الناس خيار من جربوهم حكاما. لتجهد الأحزاب نفسها في ماينفع الناس، ويتباري قادتها في بذل أقصي الجهد، وعمل ما يمكن لبناء الوطن وخدمة المواطن، لينالوا الرضي، ولكن كيف لذلك أن يتم والعسكر يتحينون الفرص للإنقضاض علي الديمقراطية، وفي كل مرة عدوهم عليها، يعود علينا بالضرر، وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً، فقد تصدي عبود للديمقراطية الأولي وجندلها، والسودان في أيام إستقلاله الأول، لم يكمل عامه الثالث مستقلاً، ولم يكمل البرلمان دورته الأولي . وذهبت أكتوبر بالفريق عبود وحكمه وأتت بالديمقراطية الثانية ولكن العسكر ضاقوا بها، ولم يحتملوها فعدا عليها نميري وصحبه بليل وإنفردوا بالحكم 16 سنة قتلوا فيها من قتلوا، وسجنوا من سجنوا، ولم يصنعوا فينا كثير خير حتي أذهبهم الله غير مأسوف عليهم. وأظلتنا الديمقراطية الثالثة بعد طول غياب، ولكن العسكر كانوا علي الوعد، لم يرضوا لها لتكمل دورة واحدة لأربع سنوات، ولم يرضوا لنا أن نرجع نفوسنا في من نوليه ثقتنا، فتصدي لها البشير وصحبه فدفنوها وهي إبنة ثلاث سنين. ومثل كل مرة كان الصادق سجين العسكر وخصمهم، يحمل همومنا لا هم نفسه، ولو شاء لعاش في النعيم ما طالت حياته، ولكنه لا يرضي أن يعيش لنفسه، إنما يوقف حياته لصالح مواطنيه. وأعجب لبعض المتطاولين عليه، ومتهميه بالتقصير، وهم لم يكلفوا نفوسهم يوما أن يصنعوا لهذا الوطن شيئا،ً وأختم منتقديه بسؤال ماالذي كنتم تنتظرونه من الصادق المهدي ولم يفعله وما الذي كنتم تأملونه وخيب فيه ظنكم [email protected]