الخرطوم «القدس العربي»: صادر جهاز الأمن السوداني طبعتي الأمس من صحيفتي «الأخبار» و«اليوم التالي» بعد إكتمال عمليات الطباعة دون إبداء أي سبب للمصادرة، ولا يزال الصحافي حسن اسحق معتقلا منذ العاشر من يونيو/ حزيران الماضي بسجن مدينة الأبيض، دون توجيه تهمة. جاءت هذه الإجراءات بعد تصريح لنائب الرئيس السوداني أعلن فيه رفع الرقابة عن الصحف ،وتم الرد عليه بتعميم صادر من جهاز الأمن أشار فيه إلى أن الرقابة القبلية تم رفعها منذ عام . و تتم مصادرة الصحف في السودان بواسطة جهاز الأمن والمخابرات الوطني، بدون الحصول على إذن قضائي، ودون سند قانوني، ووفقا لصحيفة «الطريق الألكترونية» فإنّ عدد الصحف التي صادرتها سلطات الأمن بعد الطباعة – خلال الأشهر الثمانية الماضية – بلغ(47) صحيفة، وشهدت الفترة الماضي استدعاء العديد من الصحافيين من ضمنهم مراسل «البي بي سي» لمكاتب جهاز الأمن والتحقيق معهم . يعاني الصحافيون أيضا من قرارات إدارية تصدر من قضاة ووكلاء نيابة بحظر النشر في قضايا مهمة مثل قضية الأقطان وفساد مكتب والي الخرطوم ،وفي كثير من الأحداث تلزم السلطات الصحف بنشر بيانات الشرطة أو الأمن فقط ،وتتعرض الصحف التي تخالف ذلك للإيقاف وعقوبات أخرى منها الحرمان من الإعلان،كا تمنع السلطات بعض الكتاّب من الكتابة بقرارات شفاهية لرؤساء التحرير والناشرين،وتمارس الصحافة السودانية عملها وهي تقفز يوميا فوق حقول ألغام تتمثل في الرقابة الأمنية والقرارت الإدارية والضغوط الإقتصادية . ولم تقتصر مضايقة الصحافيين على النسخ الورقية فقط، بل ظلت الصحافة الإلكترونية تعاني ،حيث تعرضت مواقع سودانية شهير مثل «الراكوبة وسودانيز أون لاين» للإغلاق عدة مرات ،كما تعرض موقع سودانايل يوم الاثنين الماضي لعملية تهكير استهدفت عددا من الملفات الهامة ،ويقول طارق الجزولي رئيس تحرير الموقع إن «سودانايل» ظل يتعرض لمحاولات تهكير عديدة في الفترة الأخيرة من جهات مجهولة وأخرى معلومة وقد تعرض الموقع للتهكير لأكثر من سبع مرات خلال هذا العام والعام والمنصرم،ويضيف :» نحن ندين هذا الاسلوب الجبان الذي ينم عن خلق مريض وضيق بالرأي الآخر ومحاولة يائسة لتكميم الأفواه وحجب الحقائق في زمن صار العالم فيه غرفة صغيرة.» ويقول الصحافي فيصل محمد صالح الفائز بجائزة بيتر ماكلر العالمية للعام 2013م ،إن الحال لن ينصلح ما لم يتم تحديد القوانين التي تعطي أجهزة الأمن سلطة رقابة ومصادرة وإيقاف الصحف ويضيف أن هنالك قرارات برفع الرقابة تصدر من حين لآخر، لكن سرعان ما تتبخر، وطالب بإصلاحات جذرية في البيئة السياسية تؤدي لتعديل القوانين المقيدة للحريات مع وجود إرادة قوية تضمن تنفيذ هذه الإصلاحات. ويقول فيصل إن الصحافيين جربوا وسائل ناجعة ضد هذه الإجراءات مثل تنظيم الوقفات الإحتجاجية المحظورة من أجهزة الإعلام العالمية ،إضافة لضرورة الشروع فورا بتأسيس نقابة مهنية تضم الصحافيين العاملين حاليا في هذا المجال ،بغض النظر عن إعتراف الحكومة بها، وهو يرى أن العدد الكبير للصحافيين الممارسين للمهنة الذين قاطعوا الإنتخابات الأخيرة تأكيد على رفضهم للقمع ويؤكد بأن البحث عن حلول عبر أجهزة الدولة ومؤسساتها حرثٌ في البحر. ويقول الصحافي علاء الدين محمود من شبكة الصحافيين» وهي جسم مستقل يدافع عن حقوق الصحافيين» إن المصادرة الاخيرة «أمس» لصحيفتي اليوم التالي والاخبار جاءت عقب الإعلان عن رفع الرقابة على الصحف وهذا يدل على أن الحكومة تطلق مثل هذه التصريحات لمجرد الاستهلاك السياسي ، ويضيف في حديثه «للقدس العربي:» الرقابة مستمرة وستظل مستمرة طالما أننا نعيش في ظل نظام شمولي، فالرقابة لا تكف يدها عن الصحف والصحافيين إلا في ظل أنظمة ديمقراطية، وطالما هذا النظام مستمر فأيدي الأجهزة الأمنية ستظل مطلقة على الصحف ولن ينجح أي قانون للصحافة مهما كان ديمقراطيا، لأن القوانين في ظل الانظمة الشمولية تكون للزينة فقط مثلها مثل دستور 2005م الانتقالي ،فعلى الرغم من كل حسناته الا انه لم يفعل شيئا ولا يمكن الحديث عن حرية صحافة في مثل هذا النظام.» صلاح الدين مصطفى [email protected]