أين حلفا الجديدة من (الحوار المجتمعى) ولماذا تخلفت كسلا عن رصيفاتها من الولايات وهى أحوج ماتكون للحوار المجتمعى الذى أطلقه رئيس الجمهورية ، لإنقاذ الولاية من نعراتها الجهوية وتوجهاتها القبلية الضيقة والخروج بها من ذلك النفق المظلم لأن تصبح (المواطنة) بفتح الطاء والنون هى أساس الحقوق والواجبات ، فما يجرى فى حلفا الجديدة من خلافات بين المجموعات السكانية (قضية) تبحث عن حلول ... أساسها (المواطنة) وتلعب الأرض وإستخداماتها فيها رأس الرمح ، (الصحافة) من جانبها نفتح الباب واسعا لإدارة حوار بناء وهادف لمناقشة القضية الخطيرة المسكوت عنها (المواطنة فى حلفا الجديدة) ... قضية تبحث عن حلول! فى (4) حلقات ، وننوه بأن ما سنأتى بها من أسماء أشخاص أو قبائل أو جهات ... (للتعريف والتوضيح فقط وليس لقصد آخر) ، إنتبهوا أيها السادة (حلفا الجديدة تستغيث) ... أدركوها قبل فوات الآوان !. موية تحت التبن (كومارى) مفردة معروفة يتداولها الناس فى حلفا الجديدة هكذا بالضحك والهزار والمرح فى حق أى شخص من تلك المجموعات السكانية التى تسكن المنطقة من (الغرب أوالشرق أوالشمال أوالجنوب أوالوسط ) وتعنى (أى شخص غير حلفاوي) ، ولم يكن معهودا بين الناس التمسك بمعناها أو مقصدها الذى تعنيه أو مجرد التفكير لما ستأتى بعدها من تبعات ،هكذا يقول محمد سيف الدين شمو على دينار ومحمد عمر وآخرين فى حديثهم لنا،فما يجرى فى حلفا الجديدة من خلافات مجتمعية وإستفزازات هنا وهناك قضية جعلت هذه المفردة تقود لتفرقة (جهوية وعنصرية) وإستعلاء على الثقافات لدرجة التكبر والإستهزاء بالعادات والتقاليد المتبادلة والتعدى على القيم والموروثات ، وكادت أن تقود بدورها لطامة كبرى حسبما يقول حمدان عبد المكرم ! ،فأصبحت بذاتها قضية تستوجب الوقوف عندها طويلا ... أساسها (المواطنة) وأسبابها الأرض وإستخداماتها وهى مسألة فى غاية الأهمية ، حيث لازالت دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان تتجرع سمها !ولا يمكن التوافق بشأنها إلا عبر الحوار المجتمعى ، فما يدور في حلفا الجديدة من أحداث هنا وهناك عبارة عن سيناريوهات مكررة لأزمة تولدت منذ زمن ليس بالقريب وتصاعدت بسبب نقص التنمية والخدمات التى لم تجد العلاج الناجع لها من قبل الحكومات المتعاقبة ،فظلت (موية تحت التبن) ، ولكنها تصاعدت فى الأونة الأخيرة بشكل مخيف ، بسبب ذات العوامل الأرض وإستخدامات الأرض . ميدان التحرير فما حدثت من أزمة بين سكان القرية (26) و(كمبو الثلاثة شجرات) فى يوليو من العام الماضى 2013 ، ماهى إلا نتاجا لتراكمات إدارية بسبب إنعدام الحلول الجذرية لها سواء كانت على مستوى المحلية أو الولاية أو المركز، بدأت القضية بمشاجرة بين طلاب (أطفال) فى مدرسة القرية من قبل الطرفين وكانت معالجتها فى غاية البساطة كما يقول القيادى الإسلامى المعروف دهب محمد صالح ولكنها تأزمت بتدخل الكبار ، ولا يخلو من قصد وتخطيط من قبل قيادات أرادت من خلفها إشعال فتيل الفتنة ليخلو لها الأجواء لتعبث كما سولت لها نفسها الحديث لدهب ، فتطورت المشكلة لضرب وحرق متبادل بفعل الكبار ،ومن ثم منع سكان القرية، السكان فى الكمبو من دخول القرية لقضاء إحتياجاتهم اليومية التعليمية والصحية والتسوق والمواصلات وأداء الصلوات فى المساجد ، رغم أن الحديث الشريف يؤكد بأن الناس شركاء في ثلاثة (الماء والكلإ والنار) ، تطور الأمر لنصب صيوانا من قبل سكان (القرية 26) أطلقوا عليه (ميدان التحرير) لطرد (سكان الكمبو) من المنطقة كما يقول محمد سيف الدين شمو الذى وجد نفسه فى حلفا برفقة والديه منذ العام 1969 حيث درس فيها المرحلة الإبتدائية والثانوية ولايزال يتخذ من حلفا سكنا ومواطنة ولكن شمو ليس لوحده فحاله حال آخرين كثر . تصرف صبيانى ذات السيناريو وذات المشهد تكرر فى يوليو الماضى من العام الجارى 2014 مابين سكان القرية (10) وتجمع (10) وصفه القيادى فكرى عابدون ب(التصرف الصبيانى) وقال إنه بدر من شباب متهور إلا أن آخرون من بين الشباب رفضوا السلوك واعتبروه مشينا وقاموا بالواجب حسب فكرى عابدون ، بينما أعاب دهب على المعتمد غيابه للمرة الثانية عن الاحداث متهما إياه بعدم الإهتمام واللامبالاة ، فكانت النتيجة أن تم قفل المدارس وعزل سكان التجمع كما تم منعهم من الإستفادة من خدمات القرية فى نسخة مكررة على مسمع ومرئى حكومة المحلية والولاية ، بينما برزت أصوات تطالب بطرد (الوافدين) من حلفا الجديدة كما يقول محمد عمر وآخرين ،سيما أبناء غرب السودان من أراضى المهجرين ، وقالوا إنهم أكبر مهدد سياسى لمستقبل قيادات المنطقة، إلا أن فكرى عابدون ودهب والقيادى هاشم على كرار وآخرون جزموا بإن وجود الوافدين أصبح واقعا ومسلما به فلابد من التعايش السلمى وزاد القيادى الشاب الدكتور ياسر شاهين قائلا (الناس جميعهم شركاء ولا يستطيع أحد أن يلغى الآخر ... وأى حديث غير ذلك غير منطقى وغير واقعى وقد تجاوزه التاريخ) ويدافع فكرى عابدون بشدة قائلا المهجرين أهل سلام ولديهم المقدرة لحلحلة قضايا السودان وليست قضية حلفا لوحدها !وطالب عابدون الحكومة بأن تولى المهجرين إهتمامها ومشاركتهم فى الشورى والمساهمة فى بناء الوطن . مهجرين ومستضيفين ووافدين (دعوها إنها نتنة) فتنة قبلية وجهوية تطورت وإجتاحت حلفا الجديدة التى تجاوز عمرها ال(50) عاما بقليل ، فالفتنة أصبحت أزمة تهدد المنطقة بعدم الإستقرار وكادت أن تنسف التعايش السلمى الذى ظلت تزخر به المنطقة منذ العام 1962 بين (المهجرين والمستضيفين والكيانات الأخرى أو الوافدين) ،بينما يقول شاهين بروز المشكلة بعد (50) عاما يؤكد بأن هنالك خللا مجتمعيا يجب الجلوس لمعالجته ويتهم شاهين الحكومة بتعقيد الحلول ويقول إنها جزء من الأزمة ، فالأحداث المتلاحقة هنا وهناك تشير فى مجملها إلى إنزلاق مجتمعى خطير يهدد وحدة الصف ، بل يعتبرها كل من عثمان سليمان والقيادى بخيت موسى على إبرة وآخرين من المؤشرات المجتمعية المفتعلة من قبل ما أسموهم بأصحاب القلوب المريضة بهوس الفتنة لنسف الإستقرار فى المنطقة ،الفتنة التى نهانا الله عنها وقال الله تعالى بشأنها (والفتنة أشد من القتل) ،فإن لم يتم التعامل معها بالبتر والمعالجة الفورية ستصبح طامة كبرى ، الفتنة بدأت حالاتها فردية ما لبست أن تحولت لجماعية ولولا يقظة نفر من القيادات الأهلية كما يقول كل من دهب وإبرة وآخرين لحلت بالمنطقة كارثة لاتبقى ولاتذر ، إنطلقت الأزمة فى وقت تكابد فيه رئاسة الجمهورية العنت والمشقة لتنفيذ (الحوار الوطنى ومن ثم الحوار المجتمعى) اللذان أطلقهما رئيس الجمهورية لوضع حد للحرب والإقتتال القبلى والنزاعات الجهوية والعنصرية لإنقاذ الأوضاع الأمنية والإقتصادية والإجتماعية المتردية فى السودان . مصالح ذاتية وإنتخابية مشكلة الأرض فى حلفا الجديدة نفسها لم تكن جديدة كما لم تكن الأولى أو الأخيرة فقد بدأت تطل برأسها باكرا ولكنها تأزمت بتقاعس المهجرين وتفريطهم فى حقوقهم وتزايد أعداد الوافدين والتى أصبحت (فرض الأمر واقعا) كما يقول الدكتور عبد الله سيد أحمد القيادى الإسلامى المعروف أيضا فى حديثه لنا ،واتفق القياديان عبد الله ودهب أن ضعف أداء المعتمد وضعف أداء الحكومات القائمة وضعف وتقاعس المهجرين وبروز قيادات سياسية لعبت فيها دورا سالبا لأجل مصالح ذاتية وسياسية وإنتخابية جميعها من الأسباب الرئيسية التى أدت لتطور المشكلة ، بينما قسمت الحسابات السياسية حلفا الجديدة إلى (محليتين) ووحدات إدارية بصورة جهوية (محلية نهر عطبرة) للعرب المهجر إليهم وهم أهل الأرض و(محلية حلفا الجديدة) ومنها وحدة ( إدارية ريفى حلفا) للمهجرين من حلفا القديمة (32) قرية تخلف منهم سكان (8) قرى ، (وإدارية المدينة) للكيانات الأخرى ،قبل أن تلحق بها محلية ثالثة (خشم القربة) الجامعة لمختلف الكيانات بالمنطقة ، وقد ساهمت الخطوة فى تأزم الأوضاع لتصل إلى ما وصلت إليه الآن ، إلا أن الإحتقان بدأ يتولد شيئا فشيئا بين المجموعات السكانية ساعدت عليها الحكومة المحلية وشخصيات معروفة تحت باب حماية (حقوق المهجرين) كما يقول شمو وهى حقوقا معلومة ومثبتة ومحمية بالقانون كما يشير دهب ، إلا أن آخرون يؤكدون بأن حلفا الجديدة أصبحت قومية بموجب القرار الجمهورى (803) الصادر فى العام 1995 ،ولكن تابعونا فى الحلقة المقبلة لنتعرف على حيثيات ودواعى وتداعيات القرار الجمهورى . [email protected]