في لحظة حاسمة توقف الحكم في منتصف الملعب.. كانت تلك اللحظة الفاصلة بين الشوطين والتي تقتضي من الحكم الاستراحة في الغرفة الجانبية.. الحكم في سابقة قرر أن يستريح في منتصف الملعب بعد أن تحسس رأسه.. أصوات الجماهير الغاضبة تشقّ عنان السماء.. مكبرات الصوت كانت تحض على الكراهية.. كان إيقاع الحياة في كادوقلي صاخباً يناسب أجواء الحرب التي ألفتها المدينة.. لم تكن هنالك بوادر حرب.. لا سبب غير أن هلال المدينة ينازل نادي الرابطة كوستي في مباراة رياضية.. لم يكن بمقدور أحد التنبؤ بمالات الأحداث إن خسر هلال كادوقلي تلك الجولة. لفت نظري أمس احتجاج من نادي الخرطوم الوطني.. هذا النادي يحتج على جمهور خصمه في النادي الأهلي ارتدى ملابس عسكرية.. الخبر الذي حملته "التيار" يفتح الباب لمناقشة اتجاه بعض المؤسسات القومية إلى إصباغ رعاياتها على بعض الأندية الرياضة.. الغريب أن نادي الخرطوم الوطني الذي ارتفع صوته محتجاً كان من الأندية التي شملته تلك الرعاية.. حيث اضطر النادي العريق أن يضيف كلمة الوطني حتى يواكب المرحلة الجديدة.. أما نادي الأهلي فبات تحت رعاية القوات المسلحة رغم أن اسمه يشير إلى النشاط المدني. ربما يستسهل البعض هذه الاتجاهات الرامية لعسكرة الرياضة.. إلا أن هنالك أسئلة موضوعية في هذا الصدد.. مثل ما هي الأسس التي تجعل فريقاً مثل الأهلي يحظى بدعم مؤسسة قومية.. هنالك عشرات الأندية التي تنتظر الدعم والرعاية.. المحك الآخر العصبية الرياضية باتت متفشية.. كل فريق بما لديه فرح.. ماذا إذا أصاب مثل هذا الرشاش المؤسسات الراعية لهذه الفرق.. ماذا إذا هتف جمهور بهتافات سوقية ضد فريق الخرطوم الوطني. في تقديري مطلوب بإلحاح إبعاد الدولة ورموزها من النشاط الرياضي.. الرياضة باتت لها استقلالية كبيرة وإرث أكبر في الديمقراطية.. لهذا من الأفضل أن تبعد الدولة نفسها عن هذا المجال وتتفرق لما يليها من واجبات. بصراحة.. مطلوب من القائد الأعلى للقوات المسلحة أن يصدر توجيهاً يبعد المؤسسات العسكرية من أنديتنا الرياضية.. هذه الأندية العريقة يكفلها منذ سنوات المجتمع باعتبارها مؤسسات مجتمع مدني.. هل يكفي أن يكون الفريق عبد الرحيم محمد حسين من عشاق النادي الأهلي حتى يتم حشد الجيوش في مباراة كرة قدم.. بهذا المنطق من حق سكان كوبر أن يطالبوا برعاية من رئاسة الجمهورية لفريقهم العريق. قبل أيام اضطرت الحكومة النيجيرية أن تتراجع في آخر يوم من مهلة أشهر معدودات من قرارات كانت قد أصدرتها بحق اتحاد الكرة المنتخب.. في آخر يوم أذعنت حكومة لاغوس وأعادت الرجال المنتخبين إلى عملهم وسحبت ممثليها.. إن لم تفعل ذلك لانهال على رأسها سوط العقوبات الذي لوح به الاتحاد الدولي لكرة القدم. التيار