أريدُكِ أن تغتسلي الليلةَ بماءِ الطيبين وصابون الأمهات ، وتتعطّري برائحة النعناع والليمون وقهوة حامدِ ، أجل إنه الهيامُ يا مجنونتي، فمنذ مدّةٍ أفكّر بالكتابةِ عنكِ، لا كما تتناقلُكِ الأخبار، ولا كما يريدُكِ "الشنبلي" مدينةً للهمج ، أو "زريبة " كما يريدكِ شنيبو ، أو عنواناً للهزيمةِ كما يريدكِ "المؤتمر الوطني "، أريدُ أن أكتبَ عنكِ كما أريدكِ أنا، وكما أحبّكِ أنا،،، فأنتِ مدينةُ السذّجِ والطيبين أمثالي، وكلّ ذنبكِ أنكِ مثلي لا ترفضينَ أحداً، وتتقبّلينهم كلهم حتى ولو جرحوكِ، وتسامحينهم إذا ركبوا على ظهركِ وبصقوا في طبقكِ الذي التهموه قبل قليل .. لا أعلمُ لماذا أقولُ الآن إني أحبّكِ ، وإنّي مَدينٌ لكِ بأشياءَ لا أعرفها، ربّما هو خوفي أن أفقدكِ، فلا تتركي أحداً يسرقكِ منّي، أنا لم أعد أحتملُ خسارة مدينةٍ أخرى، أنا ابن ليلكِ حينَ يذهبُ الظالمونَ إلى النوم، وننتشرُ أنا والزمالي وعبدالله حسن الهواري ، ومجانين لا أعرفهم ، كلّ في شارعه الذي أهدتيه خلسةً، لنمسّجَ أكتافكِ المُنهكة من ضربات المقاولين والسياسيين التماسيح ، حينَ تعودينَ مدينةً صغيرة، بأضواءَ خافتةٍ، وشوارعٍ أليفة للقطط، مدينةٌ لشيخٍ يسبّحُ الله، وسكرانٍ يحتكرُ زاويةَ الحائطِ ولا يلتفتُ حوله. لا أعلمُ لماذا اليوم يشدّني الحنينُ إليكِ، وبي رغبةٌ أن أصافحَ أعمدةَ الشوارع وأن أجرّبَ الجلوس على بقيّة أرصفتك ، وأعتذرَ لكِ نيابةً عن شتائمِ بائعي الخضار وعن زجاجات العرقي الفارغة في طريق دار السلام والرَديف ، أريدُ الليلةَ أن أكونَ عاملَ نظافة ، لأنظّفَ مكاتبكِ من الخطابات ، وشاشاتكِ من عناوين الأخبار ، وأنظّفَ بريدَكِ من مخططاتِ المشاريع ومسودات القوانين . ليسَ هذا ما أردتُ أن أكتبهُ عنكِ ، بل نصّ حبٍّ خالصٍ ، أو قصيدة ، أريدُ أن أقبّلَ جبينَكِ ، أشكرَكِ ، وأعتذرَ لكِ ، وكلّ هذا لسببٍ مجهول، فكوستي هي حيثُ يشعرُ الطيبون بالحبّ بلا سببٍ أو لسببٍ مجهول .. ! [email protected]