بسم الله الرحمن الرحيم نحن لسه في عز الشباب طلعنا مقهورين .. كان حلمنا أنو نبني وطنا بأيادينا .. نعيش بين أحضانه .. نسافر في ربوعه.. نتعرف على أهله ومعالمه .. نمشي الشمالية .. نمشي واو .. نمشي كسلاوالجنينة... ناكل قراصة أهل مروي .. وعصيدة الدخن لأهلنا في فاشر السلطان... نزور جبل مره ونأكل تفاحو .. كانت أحلامنا كبيره بحجم الوطن... لكن للأسف كلو ضاع .. كل شي أتهدم ... هدمو كائن اسمو " الكوز " ضيعنا وضيع الوطن معاهو ... وا آسفا ه... المعلق القارئ كوش – تعليقاً على خبر جاء فى الراكوبة (محاولة انتحار (عاري) داخل مطار الخرطوم) 09-17-2014 لدى قناعة جازمة أننى أتعلم كثيراً من قراءتى لتعليقات قرّاء الراكوبة الأذكياء، ولذا أحرص كثيراً على قراءة تعليقاتهم فى كل موضوعٍ أُطالعه فى الصحيفة الغراء، اليوم وأنا أقرأ الأخبار فى الراكوبة طالعت خبر الشاب العاشق الذى فقد رباطة جأشه فى مطار الخرطوم بسبب سفر الفتاة التى أحبها، (غلبو الثبات) فتعرى وتمحن، نسأل الله أن يُفرج كربته. على كلٍ عرّجتُ على تعليقات القراء كعادتى، فوجدت مساهمات جيدة من القراء كالعادة، منها تعليقات تضج بالسخرية الممزوجة بالحزن الدفين من الحال الذى آل إليه حال الشباب وحال الشعب السودانى عموماً جرّاء الأوضاع المعيشية التى يُعانى منها الناس بسبب خطل وفداحة سياسات حكومة الإنقاذ الرعناء، الأمر الذى أفقد الشعب الأمل فى العيش فى وطن حدادى مدادى زاخرٌ بالثروات، مختلفة المصادر وفى ألوان يصعب أن تتوفر فى قطرٍ واحد فى هذه الدنيا، إذاً تبارك الله الذى وهبنا هذا، ولكن بسبب نظامٍ أشبه بكارثة طبيعية إنشقت عنه الأرض ليجثم على صدر البلاد والعباد، فيضرب السودان بإعصارٍ كارثى أسوأ من كارئة تسونامى. التعليق الذى كتبته فى صدر المقال أعلاه، كتبه المعلق "كوش"، أفئد قلبى وأثار شجنى وزاد حسرتى جرّاء الذى أصاب الوطن العزيز، كتبت مئات المقالات فى شأن بلادنا ولكن لم أستطع شرح جرح بلادنا الغائر بمثل ما فعل المعلق "كوش" بالتأكيد هذا هو الحلم المثالى لكل سودانى غيور على بلاده ويعرف قيمة تداخل أهل السودان وتأثيره على تعزيز النسيج الإجتماعى، طبعاً هذا قبل أن يُمزقه الأبالسة، هذا التعليق إذا ما قُدر لأحدٍ من المفكرين والمقتدرين أن يشرح فحواه لكتب مجلداً عن ما يهدى البلاد إلى إستقرارها وسعادة أهلها. السودانيون كانوا، حتى قبل إندلاع الحروب فى غرب وشرق وجنوب السودان، لا يعرفون بلادهم، فهم مثلاً يعرفون مصر ومدنها ونجوعها أكثر من وطنهم، ومن المفارقات العجيبة أن الحروب التى إندلعت هى من ساهمت فى تعريف السودانيين ببعضٍ من مدن بلادهم فى الغرب والشرق وجنوب كردفان، لو تم إجراء إستطلاع وسط السودانيين لوجدت نسبة الذين سافروا إلى القاهرة أكبر بكثير من الذين سافروا إلى بورتسودان أو إلى الفاشر أو دنقلا، أخى "كوش" نحن لانعرف وطننا ولذا من البديهى أن نجهل قدره، ومما لا شك فيه، لو أن أهل السودان كانوا يتجولون فى وطنهم وهم فى عز الشباب ويعيشون بين أحضانه ويسافرون فى ربوعه، ويتعرفون على معالمه ويتأملون فى جمال ربوعه ويتحسسون ثرواته، من الشمالية إلى واو ومن كسلا إلى الجنينة، وأكلوا القراصة والدخن وحلّوا بتفاح جبل مرة وبرتقاله، لكانوا إحترموا وطنهم ولكان هذا الإحترام دافعاً لهم ليبنوه بأيديهم، ولكانت أحلامهم الكبيرة، والتى هى بحجم الوطن البازخ السامق فى كل شئ، لم تضع سداً وتذهب مع ريح الكيزان الصرصر. الأخ الوطنى المرهف الحس"كوش" أستحلفك بالله ألا تتضعضع ثقتك بالوطن ولا تدع لليأس سبيلاً لتثبيط همتك، بل فلتكن مثل كلماتك هذه دافعاً لنا جميعاً لإنقاذ وطننا الجميل من براثن هؤلاء الطغاة، فهم بإذن الله إن إتحدنا لايعجزوننا، فقط علينا أن نُقدِّر وطننا حق قدره، ففيه متسعاً للجميع ومازالت أرضه تزخر بالخيرات، فى باطنها وظاهرها، فقط علينا أن نعمق إرتباطنا بالوطن ونُعزِّز وحدة الوجدان الوطنى ولننبذ الجهوية والعنصرية ولنعتز بتنوع أعراقنا ونحول هذا التنوع إلى مصدرٍ للقوة بدلاً من الفرقة والشتات، وهى عملية فى غاية السهولة، تتمثل فى روشته مختصرة أن نحترم بعضنا البعض وألا يعتقد أحدٌ منا أنه أفضل من الآخر، وأن نجتهد فى طرد أئمة الفتنة الذين تلاعبوا بالنسيج الإجتماعى لأهل السودان، لا لشئ سوى إرضاء نزواتهم فى الحكم والتسلط والإثراء من مال الشعب، ثم بعد ذلك نكتب دستوراً دائماً لبلادنا يضع حداً للصراع حول السلطة، وليتم تبادل السلطة سلمياً، دستوراً يحمى المواطن السودانى من إنتهاك حقوقه المدنية والإنسانية، دستور مبنى على الحقوق والوجبات، والعدالة فى فرص العمل، إذ لايُعقل أن بعض السودانيين يكدحون ليل نهار وبالكاد ينفقون على متطلبات حياتهم الضرورية فى الوقت الذى فيه المتعطلون من فاقدى الموهبة يعيشون فى بحبوبةٍ من العيش والسواد الأعظم من الشعب السودانى تطحنه المسغبة، مثل هذه المعادلات المختلة إن لم يُصلح إختلالها فلن ينصلح الحال، ولن ينعدل هذا الإختلال طالما حكومة الإنقاذ فى سدة السلطة لأنها ببساطة أستولت على السلطة بقوة السلاح واستوت على كرسيها لربع قرنٍ من الزمان ونتيجة حكمها بائنة لكل ذى عنيين مثل الشمس فى رابعة النهار، فقد أضاعت حلمنا الكبير والذى هو بحجم الوطن مثلما ذكرت فى تعليقك، لك الشكر الأخ الوطنى كوش فليكثر الله من أمثالك، فأمثالكم هم من سينقذون الوطن بحبهم الفيّاض له من التردى الذى إعتراه فى عهد الإنقاذ المشئوم، فالذين هاجروا فى كل هذه الدنيا هرباً من جور العصابة الحاكمة المجرمة أدركوا جيداً أن الوطن مهما كان ضيقاً فإنه أوسع من أى بلدٍ آخر لاذوا به، فوالله لا وا أسفاه، سنبنيه رغم كيد الفاسدين الأقزام الذين لا يرون أبعد من أخمص أقدامهم. أختم حديثى بشكر صحيفة الراكوبة الإلكترونية التى أتاحت لنا فرصةً للتواصل الحقيقى مع بنى جلدتنا دون زيف، تواصلاً قاسمه الأعظم المشترك هو الوطن، والشكر أجزله لقرّاء الراكوبة المثابرين الذين علمونا الكثير. [email protected]