بسم الله الرحمن الرحيم قرأت فى الراكوبة اليوم(23/9/2014م) مقالاً عجباً كتبه الكاتب بصيحفة الميدان حسن وراق، ولأول وهلةٍ لم أصدِّق أن الكاتب الذى ظل يكتب بتجرد عن قضايا الجزيرة وأهلها وفداحة تجربة حكم الإنقاذ على كل السودان دون إستثناء قد خط بيمناه هذا المقال الحاض على الكراهية والمُثبِّط لعزيمة أبناء الوطن الذين يريدون هدم صنم الإنقاذ الذى جثم على صدر البلاد ردحاً من الزمان فأصاب أهلها ما أصابهم من ويلات وإبتلاءات، لم أكُ أتوقع أن ينحدر كاتبٌ ظل يكتب لعدة سنوات مثل هذا الإنحدار الممعن فى الغلو والمتمادى فى الفتنة، ويقينى أن خبث حكومة الإنقاذ لم يصل إلى هذا الحد الذى وصله يراع حسن وراق فى بث الفتنة والشقاق بين أبناء الوطن الواحد فى الوقت الذى بدأ فيه أهل السودان يتهيأون للإنقضاض على حكومة الإنقاذ الفاشيستية ويلقون بها فى مزبلة التاريخ. للأسف، وكشأن كثيرٍ من السياسيين الذين لم يتحرروا بعد من وهم حكم السودان على ذات النسق والنهج القديمين، وقع الكاتب فى الفخ الذى طالما حذِّرنا منه وهو أن هناك عدداً من الذين يناهضون حكم الإنقاذ لا يرغبون فى التغيير بمفهومه العصرى والذى يرتكز على إفتراع نظام حكمٍ جديد يستند ويقوم على دستور متفق عليه مبنى على العدالة الإجتماعية والتوزيع العادل للثروات والتبادل السلمى للسلطة، إلا أن أمثال ورّاق لا تروق لهم الفكرة ولكنهم كانوا يسايرون المد المطالب بسودان جديد خالى من كل الأمراض التى عابت مسيرته منذ خروج المستعمر وحتى هذا التاريخ وهذا يشمل فيما يشمل عهد حكومة الإنقاذ، فهى أصلاً جزءٌ من الأزمة وليست كل الأزمة، فالأزمة متجذرة فى عمق الحياة السودانية، ولكنه وضح جلياً أنه لم يكن ممن يؤيدون مثل هذا الطرح التقدمى الحدّاثى بل هو بكلياته ينكفئ على ذات النظام القديم الذى مهد لإفقار البلاد وأبطأ نهضتها حتى هب إنقلاب الإنقاذ الذى نجزم جزماً لا يُخالطه ثمة شكٍ أن سوء إدارة البلاد فى عصر ما قبل الإنقاذ هو الذى شجّع الأخوان المسلمين للسطو على السلطة وبما أنهم قد خبروا عيوب النظام القديم وتفكير من يؤيدونه فقد إستخدموا معرفتهم تلك للبقاء فى السلطة لأطول فترة ممكنة حتى صعب أمرهم على الجميع وعندما بدأت ضربات الجبهة الثورية تؤثر فى بنية النظام وتُضعف من قبضته الفولاذية ولاحت فى الأفق علامات إنهياره بدأت القلوب المليئة بالمرض والغرض تُبدى قلقها، علها تستعطف الشارع للوقوف ضد التغيير القادم بقوة. حسن ورّاق وإمعاناً فى التأليب، إستخدم الجبهة الثورية منصةً لإنطلاق مزاعمه وإتهاماته الفطيرة، ليُقحمها قسراً فى مستنقع الجهوية الآسن، فسعى وبتخليطٍ ممعن فى سوء القصد بإيراد وقائع تأريخية يُعزِّز بها مقاله السقيم مثل التنازعات أيام المهدية بين الخليفة عبدالله والأشراف وحادثة محاولة تغيير حكم النميرى عام 1976م، كان حرىٌ به أن يعلم، أن كلا النموذجين لم يكنا آنذاك رأياً غالباً أُستشير فيهما أهل الهامش واتخذوا القرار بالمشاركة فيهما، فالخليفة كان يحكم برأيه ورأى أخيه جراب الحاوى، وأحداث 1967م( الجبهة الوطنية) كان وراءها أناسٌ طامحون للسلطة ليست لديهم أهداف ولا برامج واضحةً وطموحةً لحكم السودان ودليلنا على ذلك أن السيد الصادق وبعد عقدٍ من الزمان، بعد تلك الأحداث، جاءته السلطة عبر تفويضٍ شعبى إلا إنه فرّط فيها، وأهل جبهة الميثاق حلفاء الصادق المهدى فى مغامرته تلك انتزعوا منه السلطة فيما بعد وساروا بها إلى يومنا هذا والنتائج ماثلةً اليوم لكل أهل السودان. أأتنا يا حسن وراق بدليلٍ واحد لأىٍ من قيادات الجبهة الثورية وهو يحض ويُحرِّض سراً على كراهية عنصرٍ من أهل السودان ضد آخر؟ وإن لم تفعل ولن تفعل، فتأكد بأنك أنت هو الذى يحض على إحداث فتنةٍ فى أوساط أهل السودان، بل وأكثر من هذا فإنك تخدم أجندة المؤتمر الوطنى وتدعم بقاءه فى السلطة بعد أن بدأ يترنح بفعل ضربات الشرفاء من معارضيه الحقيقيين من أبناء السودان. كان على حسن ورّاق وهو صحفىٌ، بدلاً من تسور حائط الجبهة الثورية، أن يتصل بقيادات الجبهة الثورية ويستجلى منهم حقيقة ما يُشاع عن دعوتهم العنصرية عبر حوارٍ ينشره فى صحيفته الميدان، بدلاً من تقصى الحقيقة من شفاه أناس يخبئون تحت ألسنتهم الكراهية لفكرة توحيد أهل السودان حول قضايا بلدهم، فالوحدة تأتى خصماً على إستئثارهم بالسلطة والمال دون وجه حق، فهناك من هم، مهما كانت وجاهة حلم وحدة السودان، لا يريدون التغيير لأنه يتصادم مع مصالحهم. يا حسن وراق، سودان اليوم ليس هو سودان المهدية ولا سودان 1976م ، نحن اليوم فى سودانٍ لن تقر بلابله ولن تهدأ عواصفه إلا بأسلوبٍ جديدٍ للحكم ليس فيه مكان للعنصرية، فالأجيال الجديدة أصبحت أكثر وعياً ومسلحةً ومحصنةً ضد مثل دعوتك التحريضية وأفكارك البالية، لأنها تعلمت الدروس والعبر، فلا إستقرار ولا تنمية ولاتطور إلا بإحداث تحولٍ سياسى وإجتماعى وإقتصادى لصالح دولة السودان الجديد الذى فيه الجميع متساوون أمام القانون، لهم مالهم من حقوق وعليهم ما عليهم من واجبات، رُفعت الأقلام وجفّت الصحفُ. رابط مقال الأستاذ حسن ورّاق فى الراكوبة: http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-164606.htm [email protected]