ورد في تقرير منظمة الهجرة الدولية الصادر يوم أمس الأول ان عدد الضحايا المهاجرين الأفارقة في مياه البحر الأبيض المتوسط تجاوز ال3000 غريق حسب الإحصاءات منذ بداية هذا العام2014 حتي تاريخ اللحظة،وأشارت المنظمة الي أن أي جثة هامدة يتم العثور عليها توجد إثنتان في أعداد الفقد نتيجة لإتساع المياه البحرية ووجود الكائنات المفترسة،وهذا يؤكد مضاعفة الرقم المذكور أعلاه لضعفين أو أكثر. ونجد ان المبكي والمثير للحزن والشفقة الإعتقاد السائد لدي أغلب المهاجرين هو قناعتهم التامه بأن( إفريقيا هي أرض الجحيم) وفي هذا الإطار يدور مخيلتهم حول صنوف العذاب والموت الحتمي داخل أوطانهم إجباريا،عن طريق البطش والقهر والإضطهاد من الحكومات الدكتاتورية تارة،وتارة أخري علي أيدي جماعات الهوس الديني والإسلام السياسي،أمثال بوكوحرام،الكيزان،الجنجويد،الطوارق،الشباب المجاهدين وغيرهم من المتشددين مصاصي دماء الشعوب،ومن ناحية أخري الإرتضاء للموت السريري تحت مظلة البؤس ،الهوان،الذلة وإنعدام الكرامة الإنسانية،علي شاكلة الإستسلام للقاهر كما ونوعا أو الإنقراض عن طريق ممارسة المصارعة في حلبة الأمراض الفتاكة،مثل الإيبولا،الأيدز،السرطانات وفي أفضل الاحوال الإنقراض تحت عرش الملاريا. إذن كل هذه الخيارات المرسومة أمامهم لنهاية المصير جبريا أصبحت مرفوضة ،ومن هنا نبعت رحلة البحث او تجريب الموت الإختياري برضاً كامل وقلبٍ مفتوح في سبيل البحث عن ذرة للإنسانية خارج القارة أو إهداء الأجساد الطاهرة للاسماك والأحياء البحرية البريئه،وتكمن برائتها في أنها لا تخرج لليابسة وتبحث عن الإنسان كي تصطاده كما يفعل الأخيرة،ولكن في بيئتها تمارس مشروعية الإفتراس دفاعا عن النفس أو سدا لحاجة الغذاء.ومن هذا المنطلق وهب المهاجرين انفسهم لاسماك القرش بدلا من الوحوش البشرية الرعناء الذين بلغوا درجة أسوا من التوحش بممارسة عادة الذبح مع إخوتهم بصورة أفظع وأبشع من ذبح كباش الفداء. وعبر نفس المنوال هاتفني صديق لي ووهو من القلائل الذين نجوا من رحلة الموت بإعجوبة ووصل الي أرض أحلامه(اروبا)كما يسميها مغادرا السودان للأبد،إذ قال:عندما ركبنا القوراب ورفعنا شعار الذين سبقونا المسمي بشعار المصير وهو(ياقِرش يا سمكة القرش) بمعني نعبر البحر ونجيب قروش او نغرق ويستفيد منا سمكة القرش هنياً مريا،فقلت له وإن لم تجد القروش فقال:ضاحكا يكفيني إسترداد كرامتي الإنسانية وسعيدٌ لأنني تذوق هذا الإحساس!ثم سألته هل من بين الضحايا سودانيين؟ فسكت برهةً وأجاب في سكون نعم يوجد المئات وسوف يلحق بهم المئات!!طالما رحلة الموت وأسبابها مازالت مستمرة،وخيارهم هذا افضل من الموت تحت سقف حملات التطهير العرقي او إستقبالهم لصواريخ الأنتنوف في تلك القري النائية بالإضافة الي محارق شواء أجساد الأطفال من قبل الجنجويد،ورغم بعدي ما زلت اموت مئة مرة في اليوم عندما اتذكر صور الأطفال المحروقين الذين شاهدتهم في جبال النوبة فتباً لهم. تخيل عزيزي/ة القاريء إن كان الألاف يموتون سنويا في البحر المتوسط فقط فكم من الالاف نفقدهم في البحر الاحمر،المحيط الهندي والهادي؟وأتساءل أيضا كم من الأفارقة يموتون في عبر الحدود المختلفة بين أوطانهم،وكم منا يموت في المعتقلات وسجون التعذيب،وكم منا من هلكهم الحروب وما تزال تستمر في الإستهلاك،دعك من الذين يموتون بسبب المرض والجوع وغيره من الأسباب. في تقديري لا يمكن حصر هذه الأرقام وما يتم حصره شهريا فقط في القارة السمراء يصيبنا بالجنون وهذا هو الذي خلق مشروعية التبرير للذين فروا بجلدهم بعيدا عن طريق المغامرات غير مباليين !،وكل هذا نتاج من الأنظمة الفاسدة الجاثمه علي صدور الشعوب بالقوة،وأيضا نتاج لإستسلام هذه الشعوب للأنظمة ومنحها فاتورة الإستمرار في القتل،التعذيب والتشريد،فأوطاننا في ظل الإستلاب لم تعد أوطاناً،وأوطان غيرنا لا تحقق الإنتماء مهما طال الزمن لذا لابد من ثورة تحرير في كل البلاد الإفريقية من أجل إسترداد إنسانيتنا ونمحوا من ذاكرتنا وذاكرة الشعوب لغة الإنسان الإفريقي هو الأدني والأرخص والأكثر تخلفا من بين شعوب العالم. بقلم/صالح مهاجر 1.10.2014 خلف الستار السودان ليس مقراً للتفاوض! بقلم : صالح مهاجر صحيح أن السودان من أكثر الدول إلماماً وإحاطة بمشاكل جنوب السودان وطبيعة الصراع فية،ومشروعية الأكثرية في الإلمام يرجع للأصل الواحد للدولتين،كما نجد أن الأخيرة نتاج لإفرازات مشاكل الاولي التي فشلت مراراً وتكراراً في حلها وبعد مخاض عسير وعملية قيصرية لم يسبق لها مثيل تحقق الإنفصال.ولكن المؤسف هو دور الشعب السوداني الذي ظل متفرجا لهذه المسرحية التي تحاك ضده،بالإضافة الي التعامل مع إنشطار الوطن بحس أقرب الي التبلد وصمت غير مبرر أدهش وأذهل وأخجل بقية شعوب العالم، مما جعلهم يصفون إنفصال السودان بالكارثة الإفريقية الكبري التي قد تمتد لبقية الأقطار ناقلة شكلا جديدا من العدوي، مع إن الحبيبة (ماما أفركا) أيضا دخلت في حالة إغماء عصيب لم تفق منها حتي الآن، وأري أن الصدمه نتاج طبيعي لإصابة أكبر أبنائها بالشلل وتخشي أن يكون المرض وراثياً !وما زاد في إغمائها وهو ذاك التصرف الهمجي من بعض أبناء إبنها الأكبر عندما دقوا الطبول وذبحوا ما ذبحوا فرحا وإبتهاجا بالشلل، والمحزن أيضاً أن الآخرين إتخذوا الصمت شعاراً والفرجه بالبلاهه دون التأثر بالمرض أو التفكير في رحلة البحث عن علاج،أو حتي معاتبة المتسبب لذا فالمسؤولية التاريخية سوف تقع علي عاتق الجميع وإن كان المتسبب واحد. ومن السياق أعلاه ووفقاً لما ورد من أطراف الصراع في جنوب السودان عن رفضهم للتفاوض في اديس أبابا لأسباب ما ، من ثم ترشيح السودان وكينيا كمقرين يمكن نقل التفاوض لإحداهما ، لان السودان يحتل موقع الجارة والأم في نفس الوقت ولديها العديد من الروابط التاريخية المشتركة مع جنوب السودان.أما كينيا تصنف بأنها الجارة ذات الخصوصية والتميز لجنوب السودان لان فكرة الإنفصال نفسها نضجت في أراضيها عندما تم تضمين حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان في إتفاقية نيفاشا كخيار إحتياطي إذا رفضت حكومة السودان خيار الوحدة الجاذبة ذات الأسس الجديدة،وهي ايضاً لعبت العديد من الأدوار المثالية في حل قضايا السودان في السابق ونجحت في إيقاف أطول حرب في القارة الإفريقية فقدت فيها الملايين من الأرواح. وفي تقديري ان الدولة التي ترعي التفاوض يجب أن تمتلك الصفات الجيدة التي تؤهلها لذلك مثل الأمن والإستقرار وتكون خالية من الحروب وتمتاز بنظام حكم ديمقراطي تعددي تكسبها الإحترام إقليميا ودوليا، كما يجب أن لاتتعامل مع الإرهاب ولا تأوي الإرهابيين بالإضافة للتمتع بالسيادة الكاملة وعدم التفريط في أي شبر من أراضيها مهما بلغت حجم الخلافات الداخلية أو الخارجية،بالإضافة الي عدم التدخل في شئون دول الجوار وزعزعة أمنهم وغيرها من الصفات السامية. والجدير بالذكر ان كل ماذكر أعلاه من سمات الدولة الراعية للتفاوض لا تتوفر في الحكومة السودانية،غير أنها حكومة غارقة في المشاكل مع نفسها وشعبها حتي النخاع،إضافة الي إمتلاكها حزمٌ من منابر التفاوض في دول الجوار،وأخري خارج القارة السمراء وهي أيضا تتصدر قائمة الدول الفاسدة في مستويات متعددة وكثيرا ما تتربع علي منضدة مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية وهي مدانة ،بسبب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بإستخدامها للمليشيات المسلحة ومصاصي دماء الشعب تحت مظلة سياسة الأرض المحروقة وما خفيه أعظم. وفي ذات الإطار نجد ان حكومة المؤتمر الوطني الحالية هي الوحيدة التي تسببت في إنقسام البلاد دون سائر الحكومات المتعاقبة منذ الإستقلال،وأكاد أجزم بملء الفيه لولا حكومة السودان لما كانت هنالك حكومة في جنوب السودان أو دولة تسمي جنوب السودان في الأساس،بالإضافة الي إنعدام فكرة الإنفصال من أصله لولا أن أوجدتها حكومة المؤتمر الوطني وطورتها بآلياتها الممنهجة نحو لا وحدة في التنوع والإنفصال خيار الشعب الأوحد والدولة تحكم بالشريعة فقط و (الما عاجبوا يشرب من البحر ألف مرة ...إلخ ) وهكذا. لذا رسالتي للإيقاد وطرفي النزاع في جنوب السودان والأمليين في حل الصراع بصورة سلمية عليكم الإبتعاد عن الخرطوم ونظامها إن أردتم حلولاً لمشاكل الدولة الوليدة،فمن تسبب في أصل المشكلة وإستمر في إشعالها لا يمكن أن نجد عنده الحل والعلاج الشافي أو حتي مسكنات لحظية، فمن أراد شفاء مريض مسموم عليه أولاً إيقاف مصدر السم ثم التفكير في العلاج. 30/9/2014 [email protected]