انتهى مجد اللغة عند المُحبين الهائمين لدى قوائم الحرف ، والمنهاج والقلم . كنتَ بسطة رقّة تنظم الدُرر اللغوية في بُساط أحمر ، فخمٍ يزيّن ديوان العربية . هكذا أنت . كنتَ رفيق الصُحبة ، جليل المقام ، تهُز سيرتك أضرحة الوجد اللغوي ، وتنير الشِعر بموسيقى قلبت ظهر المُجَنِّ على كل منظومة تثِبُ . (2) تكدّر الصبح ، وغلّفت شمسه الصادحة أدمُعٍ سكبت عصير الزهر حبراً أسوداً، حلبَت الملح ، وعمّنا البؤس من حيث لم نحتسب . كنتَ تلملمُ آجال الخرز المجبول على العِشق ، وتأتينا الرياح بما يشتهي الحُزن . تحمل الرواحل الخبر على زكائب ، وتنزع الخيام ريح تُزلزل الأرواح . البستان النضير ، انطوت الأغصان على نفسها من وقع ما حدث وسقطت الثمار دون موعد نُضجها . (3) هذا أوان المراعي بلا عُشب . هذا موعد اللقاء بلا عُشاق . هذه مراثي بلا مقبورين . هذا موعد السماء أن تنشق ، والجبال أن ترتجف من رهبة البرهة الشقيّة .رحل الشاعر ، نضّاح . بئره لا تنضب ، وسيله ذاهب من أعلى الوادي إلى المصائر الباكية عند لقاء النُهير في الوادي العظيم . كنتَ سيدي تهجو وتفرد جناحك للمدائن ، تُخلدها بشِعرك ، وتتركها باكية على رُبى التاريخ . (4) اليوم تساوت البرهة بالساعة الثقيلة على الميزان . هنا تقرأ على الورّاقين كتبهم حيرى ، وتصرخ الأوراق قد ضلّت السبيل بعد رحيلك. أتذكر حين كتبت سيدي : سألتك الله ربَ العرشِ في حُرَقٍ إنِّي ابتأستُ وإنِّي مسَّنى الضرَرُ هل تُبْلِغَنِّي حقولَ الرونِ ناجيةٌ تطوي الفضاء ولا يُلْفَى لها أثر قربَ الجبالِ جبالِ الألبِ دَسْكَرةٌ قد خصَّها الرِّيفُ، لا همٌ ولا كَدَرُ تلقاكَ مونيك في أفْيَائِها عَرَضا غضُّ الإهابِ ووجهُ باغِمُ نَضِرُ (5) ما أبهى طَلعُكَ ، وما أخضر فرعكَ ، وما ألذ فاكهتُك بما تبوح به . ريّان قبرُك ، تُباهي ملوك الفراعنة بما استصحبت من كنزٍ معك ، ونسجتَ حرير اللغة ، تُخيط لها فستان زفافها .وفي قمم الأحزان جعلت اللغة ضاحكة وهي تزُم المدائن . باسمة وهي تُخلد المكان والزمان ، وبسرعة هززت جزعك وتساقط عنك الثمارٌ ، تَروي وتُشبِع . عبد الله الشقليني 20 أكتوبر 2014 [email protected]