الدعوة ولا نقول حتى الآن الفتوى التي وجهها الرجل الثاني في قيادة إتحاد علماء المسلمين الشيخ أحمد الريسوني للرئيس البشير طالباً منه التنحى لسلطة شرعية ، يمكن النظر اليها من عدة زوايا لتتكامل عناصر قراءتها الصحيحة وتمحيص معانيها وفهم مضامينها ! أولا الرجل على ما يبدو من العلماء الذين ينتمون للحركة الإسلامية وله صلات قديمة مع نظام الرئيس البشير التي إحتضنته الحركة على مستوياتها الداخلية والخارجية وهومتابع لمسيرة هذا النظام و يعرف طبيعة شخصية الرئيس البشير و من الذين كانوايعولون على أن النظام سيكون فتحاً جديداً لبوابات كثيرة تنفذمنها الحركة للمضي في برنامجها الإسلاموي الأممي! وقد يكون إستنتاجه الذي المح فيه الى فشل نظام الإنقاذ ورئيسه في توصيل رسالة الحركة الى مبتغاها ، أن ذلك لم يقف عند هذا الحد بل وأصبح النظام وسمعة رئيسه الخارجية و تشبثه بالسلطة رغماً عن كل ذلك الإخفاق جالباً للمزيد من النقمة في مرحلة مفصلية تتضاءل فيها فرص الحركات الإسلامية حيال إستعادة ثقة الذين توهموا أنها البديل المثالي لكثير من النظم العلمانية الحاكمة في المنطقة التي إكتسحتها رياح التغيير في السنوات الأخيرة وما نتج عنه من صعود هذه الحركات الى سدة الحكم لتعيد بلدانها الى نقطة هي أسواء بكثير مما كانت عليه في سابق أوانها بل ودفعت الثمن باهظاً في أن ذهبت ريح عرينها المركزي في مصر جراءالعجلة والشغف للسلطة والتمكين لتصبح حذوك النعل بالنعل مع نظام الخرطوم الذي بات مضرباً للمثل الشائن في إنتهازيته التي تجعل من أفظع الوسائل مطية لإدراك أفشل الغايات! ولعل هيئة علماء المسلمين التي تمثل الموجه من الباطن لحركة الأخوان المسلمين قد بدأت تنظر الى نظام الرئيس البشير بعين الريبة وهو يسومهم في سوق تنازلاته لأعدائهم ويبيعهم بثمن توفر الدعم لنظامه وله شخصياً ولو من كفار قريش في سبيل إستمرار سلطته التي يشكل وجود الرئيس على سدتها صمام الأمان من تسليمه للمحكمة الجنائية من طرف من يخلفه ولو كان من حوارييه الحاليين ! إذاً دور الرئيس البشير و مؤتمره الوطني الذي بدأ يتحول من حزب الجماعة الى حزب الرئيس وبطانته السيئة والمستفيدة في بقائه قد إنتهى في نظر الكثيرين من موجهي الحركة الإسلامية العالمية المتمثلين في من يحركون مسرحها من خلف الستار! ولكن هل بعد هذه الرسالة الواضحة المعالم التي تعتبر تقييماً صارخاً لفشل نظام البشير لاسيما شخصه, في تحقيق ماكان يهلل له هؤلاء العلماء من عريض الأمل في هذا النظام الذي كانوا والى مدىً قريب إعتبروه الخميرة التي ستتمدد من خلالها عجينة برنامج الحركة في تنور المنطقة وتستوي على إشتهاء مذاقهم للسيطرة الكاملة على الإقليم بل وكانوا يصمتون من أجل ذلك الهدف المنظور حتى بعد إنشقاق النظام الى قصر ومنشية على جرائمه وحروبه وفساده و عزلته..! فهل نتوقع أن يخرج علينا الشيخ العلامة يوسف القرضاوي بما يسند نصيحة الشيخ الريسوني أو يدحضها .. ! وهو عراب الإخوان المسلمين المصري القطري والناطق الرسمي بإسمهم عبر منبر الجزيرة الفضائية الذي كان يرى في قبح هذا النظام غاية الجمال الساحر ولطالما تغنى به و برركل ممارساته التي تنافي ابسط متطلبات الشكل العام لنظام إسلامي قولاً وفعلاً! اما نتائج حكم البشير ونظامه المارق بعد كل هذه التجربة الطويلة .. فقد لخصها ذلك الشيخ الناصح للرئيس بالتنحي في النقاط الست التي أوجزت و أوفت لا في تقييم خبر النظام بل والعودة لإستنكار كيفية مبتداه ! وهي الموضحة أدناه وقد إقتطفناها من بيان الشيخ أحمد الريسوني..للتذكير وتعميم الفائدة ! 1/لأنهم استولوا على الحكم عبر انقلاب عسكري لا غبار عليه. 2/لأن انقلابهم كان ضد حكومة شرعية منتخبة لا غبار عليها. 3/لأن سندهم الأقوى في الاحتفاظ بالحكم هو امتلاكهم الجيش وغيره من أدوات الحكم والتحكم، وأما دور الشعبية والمصداقية فيأتي لاحقا وتابعا للقوة العسكرية والأمنية وللوجود الفعلي في الحكم. 4/البشير الآن أمضى في الحكم ربع قرن، وهو وحزبه يطمحون في تمديد حكمهم لأجل غير مسمى. وهذا عادة لا يتأتى إلا بالأساليب التحكمية وفرض الأمر الواقع. 5/أما حكاية الدستور والانتخابات والفوز الديمقراطي بالرئاسة والتمديد الديمقراطي لفتراتها اللامحدودة والتأييد الجماهيري العارم... فهذه أمور نعرفها ونعرف قيمتها ونتانتها، مع جعفر النميري وجمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك وعبد الفتاح السيسي ومعمر القذافي والحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي وهواري بومدين والشاذلي بن جديد وعبد العزيز بوتفليقة ومعاوية ولد الطايع ومحمد ولد عبد العزيز وحافظ الأسد وبشار الأسد وصدام حسين وعلي عبد الله صالح... فالاقتداء بهؤلاء والتحجج بنهجهم وطريقتهم في تولي الحكم والبقاء فيه، أصبح مجرد حجة دكتاتورية سخيفة ومبتذلة. . 6/وأخيرا أقول للأخ عمر البشير: حاول أن تستل نفسك من هذه القائمة السوداء، وسجل نفسك في قائمة سلفك الصالح، الكريم المكَرَّم، المشير عبد الرحمان سوار الذهب. وإنَّ أحسن ما تتقرب به إلى ربك، وتخدم به دينك ووطنك، وأفضل ما تهديه للأمة الإسلامية وللحركة الإسلامية، هو أن تتنحى عن الحكم راضيا مرضيا، وتشرف على نقل الرئاسة إلى غيرك وغير حزبك، بطريقة شرعية نزيهة مسلّمة لا شية فيها.. [email protected]