رمز من رموز التكنولوجيا، وظاهرة قوية اجتاحت العالم، تسللت إلى عقول عامة الناس ولاسيما من الشباب، بحيث إنك لا تكاد تجد عائلة لا تعرف ما هو (الفيس بوك) أو لا يمتلك الفرد الواحد على الأقل حساباً أو حسابين وربما أكثر . أصبح أولادنا وحتى سائر أفراد الأسرة منطوين على ذواتهم عاكفين على تصفح ذلك المدعو الفيس بوك آناء الليل وأطراف النهار، الذي أصبح يمثل لكل فرد من أفراد الأسرة الكنز الثمين. ودون روية أو تفكر أصبحنا منساقين حول هذا الوافد الجديد ربما دون دراية بما أن يجرنا إليه من مشكلات وما يمكن أن يترتب على الأمر من تداعيات. هنا من المهم وربما من الحيوي جداً أن نطرح السؤال على أنفسنا: ما هي نهاية المطاف لكل هذا الانهماك الذي استغرق كل أوقاتنا وما ذا بعد؟ قد لا نستطيع إنكار أن كثيراً من العائلات تفرقت بسبب ظروف معينة سواء كانت حروباً أو هجرات .. إلخ، بحيث إنهم فقدوا الأمل باللقاء أو العودة والتقوا عن طريق (الفيس بوك) ومواقع الاتصال على اختلاف أنواعها، وكم من شخص التقى بصديق الطفولة واسترجعوا ذكريات ظنوا أنها اندثرت مع الفراق وأحياها لهم (الفيس بوك)، لكن لا يفوتنا كذلك كم من ناس جرفهم تيار الفساد عن طريقه أيضاً وكم شائعات جرى تناقلها عن طريقه ولاسيما مع عزوف معظم الشباب اليوم عما يتعلق بالفكر أو قراءة كتاب، بحيث غدا مصدر معلوماتهم الأول، وهنا مكمن الخطر، لأن المعلومة في كثير من الأحيان قد تكون مغلوطة أو مفبركة أو مجرد إشاعة. بل إن بعضنا أصبح يستدل بتلك المعلومة، ويتأكد الخطر عندما يتعلق الأمر بالفتوى أو أمور الدين، بينما قد تكون المعلومة غير مؤسسة ولا دليل عليها. وعن طريق العديد من التطبيقات التي وفرها (الفيس بوك) مثل تطبيق المناسبات والأحداث، والفيس بوك أثر في عقول الشباب وأضعف لغة التخاطب بين الشباب وأصبحت اللغة ركيكة والتفكير سطحي وعدم مسؤولية حتى الأن الشاب عمر 30 عاماً ، تجده عديم المسؤولية وسطحي وأطفالنا وأكبادنا هم الأن محرومون . لن أنكر أن الأشخاص معرضين إلى خطرالإدمان على الفيس بوك، فقد أثبتت الدراسات أن بعض الشباب يقضون من 4-6 ساعات يومياً في التحدث مع أصدقاء (الفيس بوك)، هذه الساعات الضائعة قد تحرم الشخص من الكثير كالتعبد والمذاكرة وفي عدم الإحساس على سبيل المثال. هناك من يبحث عن السلبيات في كل ما هو جديد، فمن الناس من قال أنه موقع تعارف ، بل هو موقع تعارف، ولكن هو أيضاً موقع تتبع وضياع الوقت وعطاله وتدمير فكر الإنسان، وهو خطر على أطفالنا وأكبادنا ، ولو تأملنا جميعاً في تربية الطفل الوديع البريء تجده هائماً وشارد الذهن ولا يدري ما يدور حوله من الأمور حتى إن صلته بوالديه تلاشت والحوار معهما أصبح منعدماً في ظل ما يسمى الفيس بوك، وفي الحين ذاته قد يخدش حياء الطفل من الصور والمقاطع التي تتداولها هذه الموقع. والخلاصة أنه إن كنا مهتمين بمستقبل أبنائنا فيجدر بنا أن نقف سوياً ونتدارك هذا الخطر على شبابنا وأطفالنا والأسرة كلها، ونفكر سوياً في محاربة هذه المواقع في الرجوع إلى العلم النافع ، وأنا إذ أكتب هذه الكلمات البسيطة من واقع ما شاهدته من سلبيات هذه المواقع الخطيرة على عقول شبابنا وأطفالنا والأسرة. [email protected]