رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. على أنغام أغنية (حبيب الروح من هواك مجروح) فتاة سودانية تثير ضجة واسعة بتقديمها فواصل من الرقص المثير وهي ترتدي (النقاب)    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجندر (النوع) ودراسة الطب في وسط السودان

Gender and Medicine in Central Sudan
سوزان م. كينيون Susan M. Kenyon
عرض وتلخيص: بدر الدين حامد الهاشمي
مقدمة: هذا عرض وتلخيص لمقتطفات من مقال نشر في العدد التاسع عشر من مجلة الأحفاد Ahfad Journal الصادرة في عام 2002م (ويباع أيضا في موقع أمازون)، بقلم الدكتورة سوزان م. كينيون والتي وتعمل أستاذة غير متفرغة في جامعة بتلر الأمريكية، وهي حاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة براين ماور الأمريكية في الانثربولوجي في عام 1977م، وكان موضوع دراستها عن سكان الأصليين في منطقة على الساحل الغربي لكندا. وعملت باحثة مستقلة بين عامي 1979 و1985 في منطقة سنار، وأثمر بحثها عن كتابين هما "خمس نساء من سنار" وكتاب عن الزار والريح الأحمر في سنار. وساهمت المؤلفة في غضون تلك السنوات أيضا بالعمل في حملات محو أمية النساء وفي تعلمينهم حرفة صناعة وبيع المشغولات اليدوية ضمن مشروع مولته السفارة الهولندية بالخرطوم. وعادت لسنار في أعوام 2000 و2001 و2004م ضمن فريق يبحث في أمر الخيارات العلاجية (واستخدام الأعشاب الطبية) في سنار بالتعاون مع كلية الطب بسنار.
ينبغي تذكر أن هذا البحث قد أجري في عام 2001م، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن حدثت كثير من المتغيرات في بعض ما أتت به الكاتبة من معلومات. هذا بالإضافة لحماسها لعملية التوسع المفرط في التعليم العالي (خاصة الطبي) دون الاشارة لأثاره السالبة. وهنالك الكثير مما يمكن قوله في باب النقد الموضوعي للبحث، خاصة في أمور تتعلق بكفاية عدد الطلاب الذين شملهم البحث، وعشوائية اختيارهم، للوصول لنتائج موثوقة إحصائيا يمكن الركون إليها، ولا علم إن كانت قد استعانت الكاتبة بخبير في شئون الإحصاء الطبي أم لا.
المترجم
****** ********** *********** **********
سجلت الكاتبة في مقدمة ورقتها بأنه، ومع تزايد أعداد الطلبة والطالبات من الجنسين (خاصة الإناث) الذين يدرسون الطب، فإنه تأثير الجندر (الجنس / النوع) لا بد أن يأخذ مكانا له عند دراسة أسباب ودوافع ذلك التوجه. وتتناول هذه الورقة آراء وتصورات الطلاب في كلية الطب في سنار وطريقة تفكيرهم حول اسئلة تدور معظمها حول الكيفية التي يمكن بها للنوع أن يؤثر على التدريب الذي يلقونه، وعلى مستقبلهم المهني لاحقا، والآثار المحتملة للتوسع في الدراسات الطبية على وجه العموم.
وذكرت الكاتبة أنها لاحظت شيئين مهمين في أثناء سنوات بحثها الميداني في سنار، أولهما هو الزيادة الكبيرة في أعداد كليات الطب في السودان، وهذا في حد ذاته - في نظرها- أمر يثير الإعجاب. فقبل ثلاثين عاما كانت هنالك كلية طب واحدة في البلاد هي كلية الطب بجامعة الخرطوم. واليوم (أي في 2001م) توجد بالعاصمة وحدها على الأقل خمس كليات للطب، منها كلية طب الأحفاد، والمخصصة للبنات فقط. ومنذ منتصف التسعينيات بدأ تطبيق سياسة لامركزية التعليم العالي في البلاد، وأدى ذلك لإنشاء كليات طب في جامعات إقليمية في الفاشر وكسلا وشندي وسنار ومدني. وبعض هذه الكليات الطبية (مثل التي في جامعة الجزيرة) تعتمد نمطا في الدراسات الطبية موجه نحو المجتمع. ولا تزال كل هذه الكليات تجتذب اوائل الطلاب (بحسب نتائج الامتحانات في نهاية المرحلة الثانوية). والأمر الثاني الذي لاحظته الكاتبة هو أن كليات الطب بالسودان تقبل أعدادا كبيرة من الطالبات. ففي كلية الطب بجامعة سنار مثلا تمثل الطالبات أكثر من ثلثي عدد الطلاب الكلي. وقد يكون هذا انعكاسا لتفوق الإناث على الذكور في امتحانات الشهادة في كل مناطق السودان. غير أنه ينبغي – بحسب رأيها - تذكر أن كثيرا من الطلاب الذكور لا يرغبون في الاستمرار في الدراسة الجامعية في السودان بعد اكمالهم للمرحلة الثانوية، إذ أنهم يرغبون في الهجرة لخارج البلاد لأغراض الدراسة أو العمل وذلك لأسباب سياسية أو اقتصادية متنوعة.
وكان من المتوقع أن يسد ما سبق ذكره من توسع كبير وسريع في التعليم الطبي النقص في الأطباء في سائر أنحاء البلاد، خاصة المناطق الريفية والطرفية البعيدة، حيث تقل أو تنعدم الخدمات الطبية. غير أنه من المعروف أن خريجي كليات الطب لا يتحمسون – ولأسباب مختلفة - للعمل في المناطق الطرفية أو البعيدة عن المدن الكبيرة في وسط السودان. وتعيب الكاتبة على النظام التعليمي الحالي هو أنه يقبل الطلاب في كليات الطب على أساس قومي وليس على أساس إقليمي، وهذا مما يؤثر قبول الطلاب من المناطق الأكثر غنى ورفاهة. فلم تلاحظ الكاتبة مثلا في كلية الطب في سنار غير طلاب مناطق الوسط النيلي حيث توجد تقاليد للتعليم العالي ليست موجودة عند غيرهم، مع وجود غير متناسب لطلاب ولاية سنار ذاتها.
وتري الكاتبة أن تخرج تلك الأعداد الكبيرة من الإناث في كليات الطب (وهو أمر يسعد النسويات feminists على نحو خاص) قد يؤدي لآثار وعواقب لم يتم فحصها أو دراستها بعمق إلى الآن. فهنالك من الذكور من طلاب الطب والخريجين والأطباء وعامة المواطنين ممن يبدون بعض القلق من تلك الأعداد (المفرطة في نظرهم) في أعداد الطبيبات بحجج متنوعة، رغم أن النساء في سائر أرجاء العالم (والسودان كذلك) يجدن أنه من الأسهل والأكثر مناسبة لهن أن يقابلن طبيبة (وليس طبيب) عند شكواهن أو شكوى أطفالهن من علة ما. ولكن يجب أيضا أن نتذكر أنه يصعب في السودان على الطبيبة (والمرأة عموما) غير المتزوجة أن تسكن بمفردها وبعيدا عن عائلتها أو أن تنقل معها عائلتها. وهذا بالطبع مما يحد من الاستفادة من خدمة الطبيبات في المناطق الطريفة البعيدة. وتورد الكاتبة أن البعض يرى أيضا بأن زيادة هيمنة وغلبة النساء في مهنة كانت وإلى وقت قريب مهنة ذات أهمية سياسة لا يزاولها غير الرجال، قد تقلل من مكانة (status) الأطباء في المجتمع، كما لوحظ في بلدان أخرى من العالم (لم تتوسع الكاتبة في هذه النقطة كما كان ينبغي لها، ولم تذكر أمثلة لتلك البلدان).
وتبين للكاتبة من البحوث التي أجرتها في سنار (حول بعض جوانب الطب الاجتماعي) أنه يلزم القيام بمزيد من الجهد في مناهج التعليم الطبي لزيادة إدراك ووعي الطلاب (الذكور والإناث معا) بالقيود الثقافية والاجتماعية والتحيزات (biases) في ممارسة مهنة الطب، والتي تؤثر على عملية تقديم الرعاية الطبية لكل المواطنين، إناثهم وذكورهم.
وقد لمس من قبل كثير من الباحثين السودانيين وغيرهم (مثل رقية أبو شرف وأسماء الدرديري والسون جاقر وجي بوودي) بعض الجوانب العامة المتعلقة بالعلاقة بين النوع (الجنس / الجندر) والطب في السودان. فأجريت على سبيل المثال بحوث حول الختان وتأثيراته على الإناث (والرجال أيضا)، وعلى طرق التداوي البديلة في بعض مناطق السودان وغير ذلك.
وفي هذا البحث قامت الكاتبة برصد تصورات وآراء عدد من طلاب وطالبات كلية الطب في جامعة سنار حول تدريبهم وعن أمور الجندر وتأثيره في ممارسة الطب، ودور الجنسين في الحياة عموما، وعن "ثقافة" الطب ككل في هذه المنطقة من العالم، إذ أن الفرضية الأساس عند هذه الكاتبة هي أن الطب (تسميه الكاتبة biomedicine) مثله مثل أنظمة الشفاء (healing systems) الأخرى يتغير بحسب السياق الثقافي، وليس هنالك من طب مستقل عن سياقه التاريخي.
وأجرت الباحثة مشروعها البحثي (والممول من جامعتها الأمريكية) في شهري سبتمبر وديسمبر من عام 2001م في كلية الطب بسنار وبمعاونة هبة عوض حسن وحنان أ. محمد من معهد أبحاث المناطق المدارية (الحارة) بجامعة الخرطوم. وتم في بداية البحث توزيع استبيانات لأربعة وأربعين طالبا يدرسون في فصول مختلفة، ثم تم عمل مقابلات مكثفة مع أربعة وعشرين منهم، ومع الأكاديميين والموظفين بالكلية لجمع معلومات عن تاريخ الكلية والتنظيم الإداري فيها، وحضرت عددا من المحاضرات في مختلف المواضيع. وكان غالب مخبريها informants من المتبرعين من الطلاب، ولهذا السبب فإن العينة (الصغيرة) التي شملها البحث لا تمثل تمثيلا كاملا النسبة بين الجنسين، أو مختلف الآراء الدينية التي يحملها طلاب تلك الجامعة. ورغم أن الطلاب الذكور كانوا أقلية في الكلية إلا أنهم كانوا أكثر رغبة في المشاركة في البحث من الطالبات، وأكثر استعدادا للحديث معها والأنس من غير كلفة قبل بدء المقابلات الرسمية. وأقرت الكاتبة بأن طلاب مجموعتين من الطلاب قالوا لها بعد أن سألتهم عن الهجوم الأمريكي على أفغانستان أنهم لا يريدون مساعدة أي أمريكي الآن، ولا يريدون لأسمائهم أن تظهر في أمريكا. وكانت هنالك مجموعة متحفظة أخرى، تعرف ب "أنصار السنة"، وهؤلاء عددهم قليل نسبيا في الكلية، ولكنهم موجودون في كل فصل. وقد استبعدت الكاتبة هذه الأقلية من الطلاب من المناقشة في هذا البحث، وهذا أمر قالت إنها تتمنى أن تتلافاه في أبحاثها المقبلة! وبالطبع يعد ما فعلته الباحثة من الأمور غير المألوفة في الأبحاث العلمية والمسوحات والاستبيانات، ويقدح في موثوقية النتائج المتحصل عليها. كذلك لم تذكر الكاتبة العدد الكلي لطلاب الكلية والذي اختارت منه 44 طالبا وطالبة فقط، ولم تأت على ذكر لمعايير الإدخال أو الاستبعاد من الدراسة مما يطلق عليه inclusion and exclusion criteria.
واستعرضت الكاتبة في صفحة كاملة بعض المعلومات الأساس عن مدينة سنار وكلية الطب بها مثل الموقع والمبنى (مبنى مدرسة سنار الثانوية بنين) ومنهج الكلية الدراسي وطرق التدريس وجنس الأساتذة (وكانوا كلهم من الذكور، مع 3 من مساعدات التدريس) وغير ذلك. وذكرت المناطق التي أتى منها الطلاب المشاركين في البحث، غير أنها لم تذكر إن كان هؤلاء الطلاب قد وقعوا في البداية على نموذج موافقة (consent form) على الاشتراك في البحث، وعلى السماح بالإعلان عن اسمائهم ومعلوماتهم الشخصية في البحث المنشور. وذكرت أنه من بين الأربعة وأربعين طالبا الذين تحدثت معهم كان 9 منهم من منطقة سنار نفسها (ويشمل ذلك كريمة وتكتوك وود العباس)، و7 من مدني والدمازين و6 من منطقة الخرطوم الكبرى، وطالب واحد من شندي، وآخر من الأبيض، وكان بعضهم الآخر من مناطق الجزيرة المختلفة مثل الحصاحيصا والمناقل ورفاعة والمحس وريحانة. ورغم أن الكاتبة لم تفصح عن مغزى سؤالها للمشاركين في البحث عن قبيلتهم، إلا أنها أوردت – دون تعليق - أن التركيبة "الاثنية" للطلاب الأربعة وأربعين كانت مكونة من الجعليين (15 طالبا) ثم المحس (4) والكواهلة (4)، والبقية من قبائل متفرقة. ولم يكن هنالك أي طالب من جنوب السودان. وكان هنالك أيضا طالبان من سوريا وطالب من الأردن، ولم يدخل هؤلاء ضمن العينة التي تم الحصول على المعلومات منها.
وسألت الكاتبة جميع الطلاب الذين تم قبلوا بالمشاركة في البحث عن ديانتهم فأجابوا بأنهم مسلمين، غير أنها أضافت أيضا بأن هنالك "تنوعا أو اختلافا في الأصوات الإسلامية" قد يؤثر على تصورات وآراء طلاب الطب فيما يخص طرق التداوي والشفاء، وتحديد هويتهم الذاتية. وجدت الكاتبة أن الطلاب من ذوي الاتجاهات الصوفية أكثر انفتاحا نحو العديد من طرق التداوي المتنوعة، بينما عبر طلاب آخرون عن اعتمادهم الشديد على القرآن كمصدر للهداية والإرشاد وفهم الطب. وكانت هنالك أقلية صغيرة من الطلاب ترى أن الطبيعة العلمية للطب تميزه عن كل نظم الشفاء الأخرى. وكانت هنالك أيضا اختلافات دينية أخرى، إذ لاحظت الكاتبة أن الطالبات المنتميات لجماعة "أنصار السنة" كن أقل مشاركة عملية في تجارب التعلم، وفي التواصل والنقاش مع بقية الطلاب الآخرين، خاصة من الجنس الآخر.
وأتضح للكاتبة بعد السؤال عن عائلات الطلاب المشاركين في البحث أن هنالك عددا كبيرا غير متناسب من الطلاب أتوا من عائلات مهنية أو متعلمة تعليما عاليا. فكان هنالك 8 طلاب أفادوا بأن أباءهم يعملون في مهنة التدريس أو التجارة.، وأفاد خمسة بأن آبائهم يعملون بالزراعة، بينما ذكر آخرون أن الوالد يعمل طبيبا أو رجل شرطة أو موظفا في مصرف ( بنك). وكانت الكاتبة تتوقع أن يكون في عينتها بنات وأبناء بعض العاملين في الحقل الطبي، غير أنها فوجئت (كما ذكرت) بأن في عينتها بنات وأبناء لسائقين وعمال كهرباء ونجارة وميكانيكا. وليس هنالك من سبب لللاستغراب هنا إذا علمنا بأن جامعة سنار جامعة حكومية وليست جامعة خاصة لا يقربها إلا أبناء وبنات الأثرياء!
أما بالنسبة لمهن أمهات الطلاب والطالبات فقد كانت 36 من أمهات الطلاب والطالبات في العينة (أي نحو 90% منهن) من ربات البيوت. وكانت خمسة منهن يعملن في مجال التعليم، والباقيات يعملن في مجال الزراعة أو التجارة البسيطة (دلالية) أو دراسة القانون أو الطب الشعبي (بصيرة مختصة بمعالجة كسور العظام).
وأخيرا سألت الكاتبة الطلبة والطالبات عن أصعب شيء صادفوه / صادفهن في كلية الطب، وكانت تتوقع أن يذكروا/ يذكرن لها مقررا محددا أو مادة طبية معينة . غير أن إجابة معظمهم / معظمهن كانت تدور حول بعدهم / بعدهن عن الأهل والعيش بعيدا عن مناطقهم / مناطقهن الأصلية، وحول صعوبة التعرف على الآخرين في الكلية (خاصة من الجنس الآخر). وينبغي تذكر أن هؤلاء الطلاب كانوا قد درسوا جميع مراحل تعليمهم في مدارس ليس فيها اختلاط بين الجنسين، ثم قبلوا بالجامعة ووجدوا أنفسهم فجأة في جامعة مختلطة فصعب عليهم (وعليهن) التأقلم على الوسط الجديد.
وأوردت الكاتبة في ختام ورقتها بعض ما سجله الطلاب من تصورات وآراء حول تأثير النوع (الجندر) في الطب، وهذه أمثلة لبعضها:
1/ "لا يعتمد النجاح المهني على نوع الفرد. يحتاج الطب للذكور والنساء على حد سواء". طالب في المستوى الثالث.
2/ " الطب مهنة تناسب النساء لأن المريضات يتحدثن مع الدكتورة بحرية أكبر" طالبة في المستوى الخامس.
3/ "اختارت لي عائلتي (وبموافقتي) كلية الطب، وندرك الصعوبات التي ستقابلني، وأتمنى قهرها". طالبة في المستوي الثاني.
4/ "لاحظت أن النساء أقل حظا في النجاح بسبب ظروف المجتمع. فالزواج يعيق تقدمهم في العمل. وحتى إن لم يتزوجن، فهن يظللن يفكرن في متي سيتزوجن. ولذا فالرجال أنجح من النساء في الطب". طالب في المستوى الخامس.
5/ "الطب أصعب للنساء لأن الزواج يؤثر على عملهن المهني". طالبة في المستوى الثالث.
6/ "لا. الطب أنسب للرجال أكثر من النساء. ولكننا نحتاج للطبيبات أيضا لعلاج النساء، رغم أنهن أقل كفاءة من الرجال". طالب في المستوي الثاني.
7/ " التدريب الطبي يناسب الرجال أكثر من النساء لأن النساء حساسات ويتأثرن بسرعة". طالب في المستوي الثاني.
8/ "يفترض أن يكون الأطباء من الذكور في ما عدا تخصص أمراض النساء والتوليد". طالب في المستوي الرابع.
9/ "لا فرق بين الرجال والنساء في غالب التخصصات، إلا أن الجراحة (خاصة جراحة العظام) تحتاج إلى رجال". طالبة في المستوى السادس.
10/ "أحيانا أشعر بأن الطب لا يناسبني، وأقلق من التفكير في المستقبل والتوفيق بين مهنتي وعائلتي". طالبة في المستوي الثاني.
سيكون من المفيد (على الأقل من ناحية بحثية بحتة) أن يتم سؤال الذين سئلوا وهم طلابا ذات الأسئلة التي وجهت إليهم عام 2001م، وهم الآن بالتأكيد أطباء عاملين في مختلف التخصصات، لمعرفة إن كانوا يحملون ذات الآراء والأفكار والتصورات، أم لا.
ختمت الكاتبة ورقتها بالتأكيد على أن النوع (الجندر) عامل مهم عند البحث في الطب ودراسته.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.