الصحافيون في السودان نوعان نوع يتمسك بأسس المهنة ومرتكزاتها ويتشبث بأخلاقياتها ودوره كصحافي شريف في نقل الخبر وفي النقد والتحليل وهؤلاء في صراع دائم مع الخطوط الحمراء التي ترسمها قوانين وأمزجة القائمين وفي تردد مستمر على مخافر الأمن وهم قلة قليلة محاصرة ومحظورة ومضيق عليها في رزقها وحركتها لكنها تجد التكريم والتقدير من الشعب الذي تعبر عن طموحاته وآلامه وآماله من مؤسسات الصحافة الحرة على مستوى العالم . ونوع آخر تنكر للمهنية وآثر اللقمة الهنية في كنف النظام وهؤلاء أيضا قسمان . نوع محسوب على مهنة الصحافة بحكم تاريخه وممارسته المهنية لانشك في انتمائه للمهنة لكنه باع مبادئه المهنية طلبا لمصالحه الخاصة وآثر السلامة بممالأة الحكام وتزلفهم وشراء عطفهم وهؤلاء كثر يملؤن الشاشات . ونوع من زمرة الأدعياء الذين لا علاقة لهم بمهنة الصحافة من زوار مواقع الانترنت وموظفي العلاقات العامة والهواة الذين آتي بهم من مشارب شتى لدعم عصبة النظام ووزعت عليهم بطاقات الانتماء لاتحاد الصحافيين الذي يدين بالولاء للحزب الحاكم وهؤلاء تعرفهم بسيماهم وفي لحن القول. أما القابضين على جمر المهنة واخلاقياتها فلا يسمح لهم الا نادرا بإبداء الرأي أو التعليق على الأحداث الهامة خوفا من صدقهم وجرأتهم في قول الحق وبالتالي لامجال لهم في وسائل صحافة او اعلام هي مملوكة للنظام الحاكم أصلا وإن كان بأساليب وقراءات مختلفة إلا بقدر مايزين تلك الوسائل في مواسم الانفراج السياسي النسبي وبقدر معلوم ومحسوب. ولك أن تدلل على صدق ما نقول بمتابعة جيش من يطلق عليهم بالمحللين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين الذين تستجلبهم قنوات النظام لترويج سياسات الحزب الحاكم من ذوي الثقافة السياسية المحدودة والذين يطلب اليهم منذ البداية ما يقولون كما يحدث في ظل أنظمة الحزب الواحد . علما بأن تسمية محلل سياسي او خبير استراتيجي تطلق فقط على قلة في العالم الحر أوروبا او الولاياتالمتحدة الأميركية ففي واشنطن على سبيل المثال تطلق هذه التعريفات على صناع السياسة الدولية مثل مارتن اندك و دينس روس وهنري كيسنجر ومثل هؤلاء لهم بحوث ودراسات ومحاضرات في أكبر جامعات العالم وتجارب في السياسة الدولية معلومة على مستوى العالم وأسهموا لسنوات في مراكز الثينك تانك ورسموا العديد من السياسات التي غيرت خارطة السياسة الخ. جالست وزاملت العديد من الصحافيين العرب والأجانب في القاهرة وفي وزارة الخارجية الأميركية والبنتاغون ومبنى الصحافة الوطنية في مؤتمرات ولقاءات صحفية لم اسمع ان صحافيا ينبري للدفاع عن نظام حاكم او يحرض النظام على طرد منظمات اجنبية او وطنية مثلما يحدث من البعض تحت مظلة الصحافة السودانية وهو امر مضحك ومبكي في نفس الوقت أن تنحدر الصحافة السودانية في ظل الإنقاذ إلى هذا الدرك من الضعف المهني بحيث لم يعد للصحافة الحرة من مجال في ظل القيود المكبلة من القوانين المقيدة لحرية العمل الصحفي وملاحقة الصحافيين الشرفاء . حتى يمكن ان نقول على سبيل المثال " "يوجد صحافيين شرفاء في السودان ولكن لا توجد صحافة او اعلام حر" ويظل واجب الصحافيين الشرفاء في داخل السودان وخارجه هو الكشف عن ملفات الفساد المحظور تناولها في السودان وكشف خطط تمكين سياسات القمع بفضح عمليات التزييف باسم الانتخابات أو هيمنة الحزب الحاكم باسم الحوار الموجه والمرسوم وتصعيد المطالبات بحق الشعب السوداني في الحريات الأساسية وحقه في حوار حقيقي يضع حدا للحروب ويمهد لقيام نظام ديمقراطي حر يقوم على سيادة القانون ومحاربة الفساد والمفسدين هل يجرؤ من يقومون على أمر الصحافة في بلادنا اليوم ان يطالبوا بهذه المطالب المعلومة؟ إذا كانت الاجابة لا إذن هذا هو الفرق بين الصحافة الحرة والصحافة المقيدة بقوانين بيت الطاعة وأوامره ونواهيه. [email protected]