بقلم: الدكتور نائِل اليعقوبابي *(ويحك يا ننار، لقد هوت مقدسات أور، وذبح البرابرة شعبك. لقد تشرد القوم، وأصبحت أور خراباً" من "مرثية أور" 2000 ق.م [ ..من لم يضبط عينيه وهما في حالة تلبس بدمعتين فرتا من دون وعي أو إرادة، وكل دمعة أحر من أختها، فلعله بحاجة إلى أختصاصي في طب العيون، وإذا أفتى الطبيب بسلامة العينين فلا بأس من مراجعة طبيب أنف أذن حنجرة، وإذا لم يكن بهما أي خلل فقد تجد الجواب عند اختصاصي الأمراض الجلدية، وأيضا إذا لم يتوصل إلى جواب فربما يحصل على النتيجة عند طبيب القلبية والأوردة والشرايين، وإذا لم يكن بها أي عارض فلا بأس من استشارة اختصاصي الأمراض العصبية والدماغ، وأخيراً إذا أثبتت كل الفحوصات والتحاليل والإيكو والدوبلير والتخطيطات والطبقي محوري والرنين المغناطيسي أن هذا المخلوق سليم ومعافى من أي مرض أو علة، فعلى الأغلب أنه كائن مدسوس بين عالم الأحياء بأعضاء اصطناعية، أي بلاستيك في بلاستيك ولا علاقة له بالإنسانية إلا من حيث الشكل وتشابه الأعضاء. الدمعة الأولى لمشاهد الدماء والقتل والمجازر والتدمير الذي يغطي مدن بأكملها، وهو أكبر من أن تستوعبه كل ما لدى البشرية من دموع وأعصاب، أما الدمعة الثانية فهي أحر من الأولى، لأن الدمعة الأولى قد أدمنِّاها وغدت جزءا من حياتنا، منذ الحرب الأهلية، حتى حالات الاغتصاب الجماعي في تابت لحرائر دارفور وغيرهن، وقتل الأبرياء في جنوب دارفور وأخرها ما حدث في قرية حمادة والحبل على الجرار وحتى الآن، لكن الدمعة الثانية وهي دمعة الفرح ونادرا ما عرفناها من قبل، وقد تفجرت الآن ونحن نتابع المظاهرات والتأييد مع التنديد بهذا النظام الفاشي، من قبل شعوب أوروبا وأميركا وسائر العالم، وهؤلاء لا يربطهم بقضيتنا سوى الهم الإنساني والوجداني والوقوف إلى جانب الحق والعدل، وهذا ما أفرزته حرب دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق بما قدمت من ضحايا. من المؤكد، أو الأرجح إن أي واحد من ضحايا هذه المناطق قد استطاع أن يقدم للقضية السودانية ما عجزت عن تقديمه وسائل الإعلام السودانية خلال ستين عاما لأن الإعلام السوداني بمعظمه لم يكن مكرساً سوى لتلميع النظام والطغمة الحاكمة، ولم يكن بمحصلته سوى كلام في كلام. [email protected]