ألم ترى الثورة الصناعية، والتكنولوجية وثورة الإتصالات الحالية. ألا تشهد تطور البشر في الإكتشافات والإختراعات في كل يوم تشرق فيه الشمس. فصارت كثير من الأشياء التي كانت غامضة واضحة، والمخفية ظاهرة، والمبهمة بينة، والبعيدة سهلة المنال. أي أصبحنا نعتمد على الجاهز في الكثير من أمور حياتنا. بيد أن، برغم هذا التطور والتقدم والإرتقاء ما يزال الفساد في الأرض يجري على قدم وساق في هذا العالم، حيث يذبح الأطفال وتغتصب النساء وتكثر الحروب التي تسفك فيها الكثير من الدماء. وبرغم وفرة الطعام والأغذية وتطور الصحة ووسائل المواصلات، ما يزال الكثير من الناس يموتون من الجوع ونقص الغذاء والدواء والثمرات في كافة أرجاء المعمورة. وبرغم كثرة حديثهم عن حقوق الإنسان لا يزال هناك ظلم وطغيان وإضطهاد وعنصرية مقننة بمختلف المسميات والشعارات بإسم المبادئ والقيم والأخلاق وحتى الدين. ففي هذا العصر تتشابك المصالح وتختلط القيم وتمتزج المبادئ وتتشاجر المفاهيم وتختلج المعلومات الصادقة والكاذبة ليجد الكثير منا نفسه حائرا في مواقف مختلفة يصعب عليه فيها معرفة الصواب من الخطأ. والكثير يريح باله بإتباع الجاهز من الموروث والتقاليد ويطمئن لذلك، ويلجأ للفتاوي ولسان حاله يقول: علقها في رقبة عالم تطلع سالم. ولكن هل نجار وربح؟، كلا والعصر إن الإنسان لفي خسر، لإضطرابه في التفريق بين الحق والباطل. لذلك أقدم إليكم أعزائي القراء سلسة مقالات بعنوان "كيف تفرق بين الحق والباطل". سنتحدث عن الحقيقة وأهمية الأنس بها، فهي نور نقتبس منه الحق أو نجد على النار هدى. ومن نور الحقيقة نمضي سويا لنأخذ لمحة عن العوامل النفسية والقيم الإجتماعية وتأثيرات العقل والمنطق والدوافع التي تحدد خيارات الإنسان في حياته، فيميل لما يظنه حق وهو باطل، ويحيد عن ما يظنه باطل وهو حق. ثم نتحدث عن موضوع الجدل وداء التعصب. ثم نتطرق لدروس التاريخ التي هي خير أمثلة نتعرف فيها عن الحق والباطل. ففيها نستعرض: عن الصحابة ووهم تقديس الأشخاص. فإذا كانوا مقدسين فكيف أقتتلوا إذن؟. والله يقول: ((ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق))، فهل هناك قتل نفس بحق وما هو هذا الحق؟. ونستعرض لأمثلة ك: محك معركة الجمل، ونتوقف عند النزاع بين علي ومعاوية، ودرس الإمام الحسين. ثم نأخذ مقاييس قرآنية أخرى وأعطيك أمثلة واقعية وتدريبية، لتعرف كيف تفرق بين الحق والباطل. ثم نتعلم كيف نفرق بين الدجال والمصلح وندلل بميزان السيد المسيح عليه السلام. ونختم بنموذج مؤمن آل فرعون، ثم نلقي عليك قولا ثقيلا بكلمة أخيرة. المصادر التي ساعدتني في كتابة هذا الموضوع: القرآن الكريم. طبيعة النفس البشرية، د. سعد البزار أنا النبي لا كذب، سيف الحق حسن الصفوة، أمين محمود صبري خوارق اللا شعور، د. علي الوردي نبوة محمد، د. فاضل السامرائي أنت تحتاج لتتعلم الكتاب والحكمة. فإذا تعلمتهما حق التعلم ستهتدي وتصل للوعي الكامن الذي ستكون به فاروقا يعرف كيف يفرق بين الحق والباطل. فهذا الموضوع بأهمية بمكان للجادين فقط، الذين يعقلون، الذين يريدون النجاة من خسر الإنسان في كل عصر، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم. * الحلقة: كيف تفرق بين الحق والباطل (1) عن الحقيقة.. الأربعاء إن شاء الله. [email protected]