لا شكّ في أنّ موسم هذا العام كان جيّداً إجمالاً و نعم فيه المزارعون بمحصول جيّد مقارنة بالأعوام السابقة الأمر الذي أنعش الآمال بقرب مفارقة الفقر ولو مؤقّتاً ريثما يعود وتعود معه المعناة و البؤس. و كما يقولون فإن المزارع دوماً يتفاءل و يأمل في موسم لعله القادم أو ما يسمّى في كردفان ب"سنة العميّة". هذا العام إستبشر المزارعون فيه خيراً خاصّة إذا علمنا أن الموسم الماضي كانت فيه أسعار المحصولات الزراعيّة جيّدة بوصفهم فعلى سبيل المثال فقد قفل الموسم و سعر قنطار السمسم قد وصل إلى 650000 جنيه (ستّمائة و خمسين ألف جنيه). هذه البشري لم تتمّ فهناك السوق الذي يترصّد فيه التجار الذين أصبحت لهم دولة المزارعين البسطاء لينقضّوا على الغنيمة السهلة دون وازع من ضمير أو رادع من سلطة يلجأ إليها لتحمي. هكذا كان المشهد مريعاً لهذا الموسم و لا يزال فقد نزل التجّار عديمو الضمير بسعر قنطار السمسم الآن إلى 330000 جنيه (ثلاثمائة و ثلاثين ألف جنيه) فقط و أسقط في أيدي فقراء بلادي. هذا و كانت الجهات الرسميّة قد أعلنت أن السعر الأدني لقنطار السمسم لهذا العام لا يقلّ عن 550000 الف جنيه (خمسمائة و خمسين ألف جنيه) أو كما قالت الإذاعة كما أنّ سعر قنطار السمسم في القضارف على حسب ما جاء في صحيفة الراكوبة الإلكترونية اليوم نقلاً عن (سونا) 737000 الف جنيه (سبعمائة و سبعة و ثلاثين ألف جنيه). إنّه الحيف نفسه ولا أدري ما يراد بالكردفانيين. الآن قد أحبط مزارعو كردفان و تاهوا و فقدوا الأمل بتحسّن الأسعار و نخشى أن يفقدوا معه الأمل في الزراعة نفسها ولا يكون أمامهم إلّا التوجّه إلى المدن التي لا يحسنون فيها غير الأعمال الهامشيّة التي تركت لهم وحدهم. المطلوب اليوم من مثقّفي كردفان و كلّ صاحب ضميرٍ حيّىٍ أن يرفع صوته ليبلغ آذان الحكومة الولائيّة و المركزيّة معاً للتدخّل عاجلاً لرفع الظلم عن كاهل المزارعين المستضعفين الفقراء الذين لا يملكون غير ما ينتجون بعرقهم و شقائهم وان لا يتركوا ليكونوا فريسة سهلةً للتجّار الذين تكالبوا و إشتدّ سعارهم. كما إن المطلوب أيضاً من أبناء كردفان العمل بجدّية على إستنباط حلول جريئة يكون بمقدورها كسر الحلقة الجهنّمية التي يفرضها التجّار عاماً بعد عام على المزارعين الفقراء و ذلك بالوصول بالمنتج إلى الأسواق العالميّة و البيع المباشر للمستهلك. إن حدث هذا فستتغيّر خارطة الفقر تماماً في كردفان ولا عزاء للمرابين العاطلين. [email protected]