في تقرير اممي جاءت صناعة السياحة في المرتبة الثالثة بعد الاستثمار في قطاعي الطاقة والاتصالات من حيث كونها رافعة ضخمة للاقتصاديات الوطنية و المحلية، ويضيف تقرير صادر من المنظمة الدولية للسياحة وهي منظمة تابعة للامم المتحدة تتخذ من مدريد مقرا لها ان سوق صناعة السياحة شهد بروز مدن وقري جديدة في الشرق الاقصي الاسيوي قد تنافس مدن اوروبية معروفة، وان الناتج الاجمالي من صناعة السياحة عالميا قد اقترب من الاربعة ترليون دولار امريكي مع ارتفاع عدد السياح عالميا ليصل قرابة المليار سائح حول العالم. واضاف التقرير ان فرنسا وفد اليها قرابة المائة مليون سائح في صيف 2013 مع تاثر المنطقة العربية سلبا في قطاع السياح نقصد به السوق المصرية والسورية والتونسية والليبية أو ما يعرف بدول الربيع العربي وذلك للاضطرابات السياسية التي شهدتها هذه الدول. من هنا تاتي اهمية السياحة، وينبغي ان ينصب الاستثمار في هذا المجال بشكل اكثر تخطيطا وتاهليا، نحن في السودان لدينا صناعة السياحة ما زالت في طور الخام الذي لم ينتج بعد ويتحول الي منتج يقدم بشكل عملي، بالرغم من ان السودان فيه خصائص سياحية لا توجد في دولة اخري من دول العالم قاطبة علي سبيل المثال مقرن النيلين ولحظات التقاء النيل الابيض مع النيل الازرق، وان اول من عرف تقنيات فن عمارة بناء الاهرمات هو السوداني الاول أو النوبي، واول اهرمات تم بناءها في المنطقة الافروعربية كانت في السودان ثم مصر لاحقا. صحيح ان هناك نشاط سياحي قد برز في السنوات الماضية متمثلا في المهرجانات السياحية ولاسيما في بورتسودات والعمران المصاحب لذلك، وقد تكون هناك حركة سياحة شبة عالمية صوب السودان، لكن بالرغم من كل ذلك ثمة عدة تحديات تجابه صناعة السياحة بالسودان، مثل عدم وضوح الرؤية والوعي الكامل أو المناسب لدي الكثيرين عن السياحة، فاغلب الناس يعتقدون ان السياحة هي ان يسافروا ويستمتعوا بحياتهم وهذا في حد ذاته يعتبرونه ترفا في واقعهم الفقير أو المعدم، وهذا لا علاقة له بصناعة السياحة اطلاقا، ايضا من ابرز التحديات التي تواجه هذا القطاع هو الفقر المدقع في البني التحتية الداعمة للسياحة وعلي راسها المطارات، ففخامة المطار وهندسته المعمارية تعطي السائح انطباعا جيدا أو سيئا عن حال البلاد، فاذا صلح المطار صلح البلد كله، وان فسد وخرب المطار فسد البلد كله في عيني هذا السائح أو ذاك، اضف الي ذلك نظافة المدن ومدي الاهتمام بالجانب البيئي، من تناسق الوان المنازل والعمارات والخ، وعدم وجود طرق مرصوفة ومعبدة، وقلة الشركات المتخصصة في صناعة وهندسة وتشيد وتصميم المهرجانات السياحية التسويقية, ان تدشن مهرجانا سياحيا سنويا فانت تحتاج الي شركات احترافية لتصميم وهندسة جغرافية الموقع من حيث الديكور والزينة والمسرح بما يتناسب مع المناسبة، ايضا من التحديات التي تواجه المشهد السياحي هي استعادة المسروقات الاثرية التاريخية السودانية التي سرقت نهارا جهارا وعرض البعض منها في متاحف اوروبا، وايضا تحدي اخر يتمثل في تجديد متاحفنا القومية، اما عن التسويق والدعاية والاعلان عن السياحية بالسودان فالامر محزن للغاية اذ تكاد تكون معدومة فمثلا مهرجان البركل لم نري تغطية يومية من قبل وسائل الاعلام المحلية لنشاطاته، ولا نعلم عنه الا ما كتب في بعض الصحف وباقلام لا ندري ان كانت موضوعية أو تحريضية وايضا فشل الحكومة في اقناع الاوروبي ان السودان بلد امان، فكثير من الاوروبين يعتقدون ان السودان كله دارفور اغتصابات وجرائم وقتل وحروب!! والذين ياتون يعتبرون انفسهم مغامرون. اخيرا وليس اخرا السائح الاجنبي مورد رزق لاكثر من اسرة سودانية لو اعدنا النظر بتجرد لصناعة السياحة، فسائق التاكسي الذي يجلب السائح من المطار الي الفندق مستفيد، والويتر الذي يقوم بادخل حقائب هذا السائح من باب التاكسي لغرفة نومه مستفيد، وعمال خدمة غرف الفندق مستفيدين، والطباخ أو الشيف داخل هذا الفندق مستفيد، وبتاع الركشة مستفيد، والمترجم الذي يقوم بالترجمة مستفيد، واصحاب الوكالات السياحية مستفيدين، والذين يقومون بتاجير شققهم للسياح مستفيدين، والعاملين في مجال الخزفيات من بروش وقفف الخ ايضا مستفيدين، واصحاب معارض تاجير السيارات مستفيدين. اذن يمكن للمهرجانات السياحية والسياحة ان تدر دخلا مقدرا للمجمتعات ولخزينة الدولة اذا وظفت توظيفا جيدا ويمكن ان تكون مأكلة ونهب للمال العام ان لم توظف توظيف جيد وساعتئذ الخاسر الاول والاخير هو المواطن. [email protected]