السُّودان أمام مجلس الأمن: إيران لا تلعب أي دورٍ في الحرب ويجب ردع الإمارات.. ومؤتمر باريس كان يهدف إلى عزل السُّودان!!    إطلاق البوابة الإلكترونيةبسفارة السودان بالقاهرة وتدشين الهوية الرقمية الجديدة    بلينكن عن التدقيق في مزاعم انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان: سترون النتائج قريبا    يمضي بخطوات واثقة في البناء..كواسي أبياه يعمل بإجتهاد لبناء منتخبين على مستوى عال    السيارات الكهربائية.. والتنافس القادم!    واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر    اللواء 43مشاة باروما يكرم المتفوقين بشهادة الاساس بالمحلية    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل من تعديل لنبوءة الأستاذ محمود محمد طه؟
نشر في الراكوبة يوم 25 - 01 - 2015

قطعا لم يكن من الإخوان المسلمين الذين عملوا مرشدين لأجهزة المخابرات العالمية , ولكن عداوته الشديدة لهم التي أضمرت إحساسا بأهميتهم المستقبلية والمرحلية , واهتمامه الصريح بهم بنقدهم المتكرر مع أنهم كانوا أقلية , جعلاه أقرب ما يكون منهم بتسليطه الضوء المشبوه على فئة ليست بذات شأن وإن كانت في بؤرة الاهتمام المخابراتي في فترة الاستعمار وما بعدها , وبلغت فائدته لهم من هذه الناحية , ومن ناحية التوجيه المستقبلي , والتشجيع النفسي بالتهويل من قوتهم الفكرية ومشروعهم الخطير , بل وبث الثقة في تنظيمهم وقدراتهم , ما لم يقدمه أمثال حسن البنا أو حسن الترابي أو رجب طيب أردوغان أو راشد الغنوشي .
يجوز لنا بلا حرج أن نقفز فوق المألوف الراسخ , وأن نلتف حول المنعرجات التي ضللتها , ومحت آثارها المخابرات , وأن نلوي عنق القداسة التي استغلنا بها الأشرار , حينما نعتبر الأستاذ محمود الذي رفعه وقدسه ونظفه مصيره العجيب الذي أخفى أسرارا أكبر من زبد البحر هو عراب انقلاب1989 الخفي بنبوءته التي ذاعت شهرتها والتي وضعت الخطوط الأولية للنجاح والمنعرجات الرئيسية التي يجب تلافيها مستقبلا , إنها النبوءة التي اختصرت تاريخ الإنقاذ . وهي التي تقول : " من الأفضل للشعب السوداني أن يمر بتجربة حكم جماعة الهوس الديني , وسوف تكون تجربة مفيدة للغاية , إذ أنها بلا شك سوف تكشف مدى زيف شعارات هذه الجماعة , وسوف تسيطر هذه الجماعة على السودان سياسيا واقتصاديا – حتى ولو بالوسائل العسكرية – وسوف تذيق الشعب الأمرين , وسوف يدخلون البلاد في فتنة تحيل نهارها إلى ليل , وسوف تنتهي في ما بينهم , وسوف يقتلعون من أرض السودان اقتلاعا . "
لماذا فضل للشعب السوداني المرور بتجربة الهوس الديني في مجال الأمنيات الطيبة , والتصورات الرحيمة , ولم يتجاوزها إلى أي أمنية أخرى مما يتمناه الكبار من أصحاب الضمائر الشعبية الشاملة كأن يتمنى له النهضة والتطور والمستقبل الزاهر والأمن العميم ؟ لماذا فضل الدكتاتورية الدينية ذات الهوس الديني والانغلاق الذهني والروح الانتقامية المتشفية التي تذيق الشعب ( الأمرين ) وتنكل بأبنائه الطيبين على غيرها من الدكتاتوريات ؟ ولماذا أراد أن يجعل من الشعب السوداني _ الذي ظل منتظرا الخلاص منذ مملكة سنار مرورا بالعهد التركي الذي أذاقهم شرور النكال , والحقبة المهدية التي فرقت وما جمعت وفهمت الملك بأنه حرب مستمرة _ حقل تجارب , وفئران معمل , وأوز في حقول الرماية , حتى يكشف زيف شعارات تلك الجماعة , وخلوها من مشاريع نهضة وتطور, وأنها امتداد حيوي واستراتيجي لحقبة الاستعمار الذي أراد عن طريق قدراتها المذهلة على الخداع باسم الدين , أن يصحح أخطاءه في تقسيم البلاد , وتفريق الشعوب , وإشعال الحروب , وتشجيع الانقسامات الطائفية , والتوترات بين الدول , وفي المحصلة تقويض الروح الشعبية النامية , والقوى الوطنية الليبرالية الوليدة ؟ ألا يكفيه أنه ظل طوال عمره المديد وهو ممسك بذاك القلم المتأثر بالمنتجات العقلية والأسلوبية المصرية في أوائل القرن العشرين , ولا شغل له يشغله آناء الليل وأطراف النهار سوى تحليل اختيارات ونصوص الفكر السلفي وقضاته , وتفكيك خطاب ومواقف وفقه جماعات الهوس الديني ؟ لا تفسير قريب نتجه إليه لتلك الأمنيات إلا أن الجماعات الدينية متطرفها ومعتدلها مصلحها ومتخلفها كالطيور على أشكالها تقع , وذلك ما كشفه على أوسع نطاق وبتعقب شمولي دكتور نصر حامد أبو زيد في كتابه ( نقد الخطاب الديني ) كاشفا عن تماثل هذه الجماعات من حيث المنطلقات والآليات , فهي في النهاية متفقة في إقامة شكل من الدين يتفق مع مصالحها الآنية ورؤيتها لوجودها المرحلي وأهداف حياتها الوقتية , فوراء كل فكرة دينية مهما كانت نيرة ومحايدة وغيرية , ومهما بلغت من الطرافة والفائدة والحداثة يكمن حس أيدلوجي يعتصر الدين فوق إمكانياته و ( يقولبه ) على غير ما صنع له من أهداف ومرام وقد حدد أبو زيد تطابقها من حيث المنطلقات والآليات في (1) التوحيد بين الفكر والدين , وإلغاء المساحة الفاصلة في كل اتجاه علمي بين الذات والموضوع , (2) وتفسير الظواهر كلها بردها جميعا إلى مبدأ أو علة واحدة , وتستوي في ذلك الظواهر الاجتماعية والإنسانية والطبيعية , (3) والاعتماد على سلطة السلف أو التراث بعد تحويله من نصوص ثانوية إلى رئيسية تشاركها في قداستها مع رفع الفقهاء إلى مراتب لا مساس ولا مناقشة (4) اليقين الذهني والحسم الفكري ونضيف إلى ذلك مساندة بعضها البعض بوعي أو من غير وعي من أجل إنجاز مشاريعها الفاشلة حتى ولو بالتنبؤ الاستباقي طويل المدى , وتحضير وتمهيد النصوص وبعث التراث محررا من سياقاته التاريخية بالجدل والمساومات الفكرية مما ينتج عنه بيئة قابلة للتنبؤ ومستعدة للتجاوب معه في طريق جدلها وخطابها ولغتها الغيبية , وهنا حقا وفعلا يلغي الأستاذ محمود المسافة بين الذات والموضوع بل يلغي المسافة بين العقل والواقع , ويلغي المسافة بين الزمن في السبعينات والزمن في التسعينات وأوائل الألفية الجديدة , ممتطيا خيول السراب أو ( آلة الزمان ) التي تحدث عنها إتش.جي. ويلز ليعبر حكم الوقت كي يعبر لنا عن كل أفكار عن ( سوف ) وإذا كان التراث لا يكف عن النبوءات , فهي نبوءات منطقية قريبة التحقق وجائزة الحدوث فنبوءة فتح مكة , وهي نبوءة قرآنية إلهية , لا تتجاوز بينات الاستقراء العقلية والمنطقية النمطية لنية تحشد لها الأدوات , وتستبق لها المسافات , وتجيش لها الجيوش . أما نبوءة الأستاذ محمود ( المشبوهة ) تبدو أكثر قدرة ودقة تخطيطية على معرفة مآلات الحال وتطورات المستقبل من نبوءة القرآن الكريم في فتح مكة لأن ذلك الفتح المبين تهيأت وظهرت أسبابه , وأضاءت إشاراته الخافقين , ولكن نبوءة الأستاذ محمود ( المعيارية ) ذات الحدين فكانت نبوءة صافية لا تعتمد على ( شيء ) وتبدو كأنها نبوءة فوقية هلامية كاذبة بكل مقياس لولا وجود المخططات وعلاقات الجماعات الدينية بمراكز صنع السياسات والتقسيمات المستقبلية . ربما ظن الأستاذ المقدس بعد أن يئس من الدكتاتوريات العسكرية في زمن ثورة مايو التي كانت الجماعات تبيع لها البرامج والسياسات ,والتي تحالف معها في البداية , ثم انصرف عنها إلى غيرها من الأمنيات الكذوبة , والأحلام الطائشة , أن تلك الجماعات هي حصان طروادة الذي يمكن أن يحمله يوما ما إلى سلطة من نوع ما , هو وجماعته الجمهورية , إذ نجد كلما دققنا في ذلك النص الملغوم المضمر أنه ليس سوى تمهيد علني , وحث مكشوف مجاني , على الانقلاب على السلطة , وتحويلها إلى دينية , ربما تكون أسهل كثيرا عندما تفشل وتظهر زيف شعاراتها الدينية في ترويضها وطرح أفكار دينية بديلة لها لن تتجاوز الفكر الجمهوري وترقيعه المشئوم . ثم هل كانت التجربة مفيدة بعد أن مزقت سكون السودان التاريخي وقسمت أرضه التي مازالت تخيم فوقها نذر تقسيمات مستقبلية جديدة , وتنكرت للديمقراطية ؟ وأي فائدة أيها الأستاذ المقدس بعد أن تضرب ( الصاعقة ) الماحقة بيت القش ؟ أكان علينا أن ندفع الثمن مضاعفا , وتمزقا , وفقرا , وأن نتلاعب بأسس الدولة وأجهزتها , ومكوناتها , وشرطتها , وجيشها , وأن نتلاعب بوعي الشعب ووجدانه التاريخي وجذوره المعنوية حتى نصل في النهاية إلى النتيجة العملية الواضحة الفاضحة بأن الشعارات الإسلامية حقا زائفة ومضللة وكاذبة ولا تناسب العصر ولا تناسبنا – نحن السودانيين - ؟ أ كان علينا أن نحول السودان إلى بلدين , وأن نحول المواطنين إلى مهاجرين ومفلسين ومتسولين لثمن ( العمليات الجراحية ) , وأن نضعف الاقتصاد , ونسرق ثروات الشعب , وأن نمر بعنق الزجاجة ,ثم وبسم الخياط , وبنفق التدويل حتى نقتنع – نحن السودانيين - بفشل الإسلام السياسي وأطروحاته وأن نبقى زمنا في الجدل البيزنطي هل العيب في الإسلام أم في التطبيق وهل لو فشل الإسلام مرة هل نقبل به مرة أخرى ؟ أفتونا إن كنتم للرؤيا تعبرون ..
عندما قال الأستاذ محمود ( الأصيل ) بأن هذه الجماعة ستسيطر على السودان سياسيا واقتصاديا حتى ولو بالوسائل العسكرية ويعني ( الانقلابات ) فلربما سبق قادتها في هذا التفكير الاستباقي والمستقبلي والغيبي , ولربما كانت هذه العبارة هي المنبه الرئيسي الذي انطلق في ظلامهم وهم يتخبطون في نهاية السبعينات وكانت المحرض الأول لهم على حل عقدهم ومستقبل تنظيمهم الناشئ بتحريك الدبابات والمدنيين الذين سطوا على السلطة وألغوا الديمقراطية ! هل هذه النبوءة المدمرة هي التي أقنعت الترابي بأن طريق الديمقراطية طويل ومتعرج , وأن فرصته في أن يكون حزبا كبيرا يفوز بجل المقاعد في البرلمان فرصة باهتة وغير عملية ومن الأفضل له أن يختصر الدرب المعقد ويقفز المراحل المظلمة ويعتدي على السلطة – حسب النبوءة المحمودية – ومن هناك , من أعلى السلطة , يبني حزبه بهدوء , بمال الدولة المسروق , وعرق المواطنين الكادحين , ويدخل فكرة ( التمكين ) وإلى الأبد ؟ ولكن ألا يدل قول الأستاذ محمود الاستباقي الغيبي هذا الذي اضمر العمل العسكري المسلح , وإراقة الدماء , والتخبط في ظلام الدبابات على أن جميع التيارات الدينية متطرفها ومعتدلها ومصلحها ومتخلفها بلا ريش يعتد به , وغير قادرة على الطيران المفيد حتى وهي تتآمر , و ذات نمط تفكيري موحد , متفق على الآليات والمنطلقات , وأن الفكرة قد تخطر هنا أو هناك باستعمال السلاح متجاوزة للإرادة الشعبية رغم الاختلافات الظاهرية وأن هذه الجماعات في النهاية طيور وصقور , حمائم ونسور , قد تأكل بعضها ولكنها تتصرف على ذات الشاكلة وتفكر بنفس الأسلوب وتحيى وتموت على ذات الإيقاع وأن برنامجهم في السلطة واحد وقديم مهما أدعوا التجديد والإصلاح .
لم يكن الأستاذ محمود من جماعة الإخوان المسلمين , ولكن ربما كان يعلم شيئا من خطط التنظيم الدولي نقلا أو حدسا لأنه كان نصيرا للدكتاتورية في يوم ما تلك التي يمكن أن تقربه رغم أنف الجميع , وتقرب أفكاره وشخصه التنبؤي الفريد , وتطبقها بالحديد والنار , ولأنه ظل سنوات طويلة يحلم بأن يؤمن الشعب برسالته وعندما وجده متجذرا في غيبياته القديمة وسلفيته المتحجرة , فكر أيضا كما فكر التنظيم الدولي في الوثوب إلى السلطة وفرض نظرياته التي كانت ستتكشف – هي الأخرى - الواحدة تلو الأخرى عن زيف وضعف ومخاوف واضطراب لا حد له . ربما كان يود أن يسبقه الإخوان المسلمين الأغبياء المتعطشين للسلطة والمال والخلود ويعتلوا الحصان النافر الحرود حتى يكون بعد خمسة وعشرين عاما بديلا مخففا ومقبولا لهم ولكنها _ وهذا ما لم يعرفه _ جماعات لا تؤمن بالهوس الديني وحسب وإنما أيضا هوس السلطة حيث لا تقبل بالبديل ولا تتحراه مهما فشلت ومهما خسرت ومهما أذاقت الشعب ( الأمرين ) .
مشاركة الأستاذ محمود في انقلاب الإخوان في نهاية الثمانينات فكريا ومن منطلقات دينية وربما بإيعاز ما لا يستطيع أحد أن يدحضها أو يتغاضى عنها لأنه بشر به في زمن كانت تلك الجماعات ضعيفة ومهانة وتم التنكيل والتقتيل بها وبقادتها في عدة ولا تفكر مطلقا في الانقلابات ولا تستعد له , وليست من مخططاتها القريبة , لأنها كانت تعمل بخجل داخل نظام عسكري قوي استطاع إخماد العديد من الحركات المسلحة والانقلابات وحتى مشاركتها في حركة 76 كانت مشاركة متواضعة وهزيلة ومساندة لا يؤبه لها , ولا تساعد أحدا أن ينتبه لها , وأن يتنبأ بسلطة قادمة تشكلها بانقلاب أو بدونه . إذن هل كان الأستاذ محمود ( الأصيل ) الذي جلب له الإعدام الغامض حيث وقف العالم يراقبه بأجهزته ولا يحرك ساكنا كأنما هناك عقوبة على إفشاء سر وليس عقوبة على ( الردة ) هل كان متواطئا مع تنظيم الإخوان الدولي بهذه النبوءة اليتيمة إذا علمنا اتصالاته وعلاقاته الواسعة بالتنظيمات الدينية التي كان مولعا بنقدها وجرجرتها بالجدل وإدعاء العلمية والتصوف وموسوعية المعرفة وعلمنا اتصالاته بدوائر الاستعمار التي حاربها في عدة مواقع وقضايا وتعرف على شخصياتها ؟ أم أن الأمر توارد خواطر برئ من زعيم ديني يؤمن ( بالخلافة ) و ( بالعنف العسكري ) في إعادة مجد دولة المدينة التي سعى لتطويرها بتشريعات نزلت في مكة قبل الهجرة بسنوات وسنوات ؟
من النص يمكن لك أن تستشف أن النبوءة المحمودية كانت مخططا مدروسا ودقيقا ويمر بعدة مراحل ويمكن لك أن تستشف عدد السنين الطويلة التي ستمر بها الخطة وستأخذها المراحل حتى يتم الكتاب ويتقرر الأجل المحتوم ويصمت التاريخ ولو لبرهة وينقسم السودان لدولتين متحاربتين . سوف يسيطرون على السودان بالوسائل العسكرية وسوف يذيقون الشعب الأمرين وسوف يدخلون البلاد في فتنة تحيل نهارها إلى ليل وسوف تنتهي بينهم وسوف يقتلعون من أرض السودان اقتلاعا . كيف علم أن هذه المراحل ستأخذ ربع قرن أو أكثر ؟ أم أن هذا توارد خواطر برئ ؟ هل أعدموه لأنه أفشى خطة للمخابرات الأجنبية بطريقة تصوفيه وجنونية تبعد عنه التقولات والشبهات في فترة بعيدة من الزمن لا تصلها تصوراتنا الموبوءة بمشاكل الحياة اليومية , وتحدث عن جماعة الإخوان المسلمين التي كانت جزءا أساسيا من أدوات المشروع الأمريكي للهيمنة على العالم العربي وتقسيمه طائفيا ومذهبيا وسلاليا ومساعدة إسرائيل في أن تكون دولة مقبولة بشكلها الديني والطائفي حيث أن ما يحدث الآن من ويلات وإرهاب وخلخلة للمجتمعات العربية مخطط لا علاقة له بالنبوءات من حيث هي عمل خارق لا علاقة له بالعقل والطموحات , وهو مخطط دولي عمره أكثر من 80 عاما عمر ظهور الإخوان في الساحة السياسية وفي معية الإخوان ظهرت الحركة الجمهورية في أوج زمن الاستعمار الإنجليزي . أيد الإخوان إعدام الأستاذ محمود , وأيده زعيمهم حسن الترابي كما يقولون .
هل كان الأستاذ محمود ضمن المخطط الدولي الكبير الإخواني الذي سمعنا عنه , والذي قرر في سنوات سابقة تجربة الحكم الديني السني في السودان من أجل استخلاص التجارب والعبرة للعمل المستقبلي والتخطيط القادم وبناء دولة إسلامية عربية موحدة من المحيط إلى الخليج وإعادة سلطة الخلافة العثمانية وأمجاد الخلفاء الأوائل وأمجاد الدولة الإسلامية الزائلة؟
في كتاب ( العلاقات السرية : تواطؤ بريطانيا مع الأصولية الإسلامية ) لمؤلفه مارك لوريدس والذي وصفه ( نعوم تشومسكي ) بأنه عمل قيم ومهم قدم الكتاب الأدلة الدامغة من الملفات السرية الأوربية وخاصة السويسرية على أن الغرب هو من قام بتأسيس معظم حركات الإسلام الأصولية والرادكالية رغم رفعها شعار العداء للغرب والعداء للاستعمار فإذا كانت النبوءة المحمودية تذهب في خط واحد مستقيم لا يلوي على شيء مع المخططات الغربية في تمكين الإخوان المسلمين في ثياب نبوءة من رجل يدعي أمام الناس وشعبه أنه المخلص الأخير وصاحب الرسالة الثانية , فأين الأستاذ محمود نفسه من هذه المخططات التي أعترف بها معاصرون أمثال سيد قطب الذي قال قبل إعدامه في 66 إن أمريكا " كانت تصنع جماعات الإسلام السياسي . " ؟
تلك هي النبوءة المدمرة كما وردت و وكما ظللنا دائما نعجب بها , ونرددها كواحدة من كرامات الأستاذ , وألمعيته الفريدة , وعقليته الجبارة النفاذة التي تخترق الحجب المستقبلية , وتبعثر الغيب . ولكن ما هي الفتنة التي ستحيل نهار البلاد إلى ليل ؟ ولماذا تحدث عن فتنهم بعد أن بشرنا بوصولهم عسكريا إلى السلطة حتى نعرف زيف شعاراتهم الدينية مشجعا لهم وحاثا لخلاياهم النائمة والمستيقظة كي تقصم ظهر السلطة المدنية الليبرالية ؟ أما كان من الأفضل له أن يترك لغة نبوءات ( نستراداموس ) الطبيب الفرنسي الذي تنبأ بعبارات غامضة بالحرب العالمية , وولادة هتلر في الشمال الأوربي , وأن يقول لنا وبصراحة إنها فتنة تشبه الفتنة الليبية وأن يتفضل علينا وأن يعلمنا مسبقا بنهاية العقيد القذافي تلك النهاية الدرامية التي تشبه المستبدين وأنصاف الآلهة , وبنهاية مبارك , أو أنها تشبه الفتنة اليمنية وأن يعلمنا بسيطرة الحوثيين على صنعاء , أو أنها تشبه فتنة سوريا التي تحولت من مظاهرات سلمية إلى قتال في الشوارع وقصف بالبراميل المتفجرة . نحن بالطبع نعيش في فتنة أكبر من الليل والنهار المتحولين ولكن يجب علينا ألا نسقط ما نعلمه بضخامته وتشوهاته على عبارات يتيمة سقطت سهوا أثناء العراك السياسي الديني في نهاية السبعينات عندما كان الجمهوريون يحرضون على إخوانهم من جماعات الهوس الديني ويمنون أنفسهم بمحاربتهم من على مقاعد الأمر والنهي والقيادة والزعامة ويحذرون السلطة من التقرب إليهم , والمجازفة بالتعاطف معهم بالمناصب والتسهيلات والرخص التجارية وعمل البنوك والشركات وما نعتقد أنه نبوءة ليس سوى برنامج عمل سياسي لم تتح له الأقدار أن يكون هو الأول . هذا إذا كانت النبوءة عملا سياسيا يخلطه الأستاذ محمود بعقليته ( التنبوئية ) حتى يزيد رصيده من الأتباع الذين يؤمنون بالمعجزات . ولا علاقة لها بمخطط أكبر يبدأ وينتهي بطموحه الشخصي .
تنتهي النبوءة المحمودية بفكرة يعارضها التاريخ ويخطئها الواقع وهي اقتلاع جماعة ما اقتلاعا . وهذا خطأ تاريخي . وخطأ واقعي . لا يستقرئ الحوادث التي لم تمت بعد , ولا مسوغ لها مما نراه ونتابعه . فها هي الجماعات النازية التي سحقت ( سحقا ) في الحرب العالمية الثانية وقتل قادتها , وحوكم جنرالاتها , وطوردوا في أصقاع الأرض بما رحبت , ومنعت كتبها , مازالت تنشط في الوجود وتعارض في السياسة , وتحاول إدارة عجلة التاريخ إلى الوراء . وها هي الشيوعية التي انفرط عقد إمبراطوريتها , وتقزمت كما لم يحدث لقوة مثلها في التاريخ واضمحلت حدودها , وأثرت حد التخمة بمبادئ الاقتصاد الحر , وعمل البورصات , والتجارة الدولية الحرة التي حررت السلع ورأس المال بين القارات والدول , وخرج العمال الفقراء والفلاحون البؤساء في الأصقاع الباردة من روسيا من قمم ملكيتهم الوهمية المدمرة لأدوات الإنتاج ولرأس المال وللحزب والمستقبل , ولكن مازالت الشيوعية لها أتباع , وتحلم بقيادة العالم, ولماذا نذهب إلى هنا وهناك ؟ ألم يمزق الحزب ا لشيوعي السوداني في أول سنة من السبعينات , ويقتلع اقتلاعا من أرض السودان , ومازال الحزب الشيوعي يطن في الآذان حتى اليوم , ويهرف بالتحليل الماركسي بعد أن تجاوزته أدوات التحليل من وضعية ولغوية وتاريخية ومنطقية ؟ ألم يعش الأستاذ الكبير محمود تلك الأحداث الدامية المريرة التي جلبت للحزب الشيوعي التعاطف ( والبكائين ) من كل صقع أم أن في الآذان وقرا وفي العيون غشاوة وفي القلب شيئا من حتى ؟
ما نريده ليس اقتلاع الإخوان وإنما (هزيمتهم ) التي أصبحت محققة , هزيمة مشروعهم الحضاري الذي هزمته البناطلين الضيقة والوقائع الحياتية الصاخبة واتجاهات العصر المعولم . فالذي يقتلع قد يعود وهذا ما لا نريده أما الذي يهزم فقلما يعود وإن عاد فلن يعود إلا بقناع جديد واسم جديد وهيأة جديدة .
لم يكن الأستاذ محمود المهووس بفكرة النبوة والتميز العلمي ومقارعة طواحين الهواء وآلهة العصر الحديث بالرجل الذي يمكن أن يغامر بتلك الخفة في عصر يسمع ويرى ظل النملة ودبيبها أن يلقى الكلام على ( عواهنه ) بتلك النبوءة ( الخطة ) دون أن يعلم واقعيتها ومن خلف أفكارها لا سيما كما يقول الذين سمعوه إنهم لم يسمعوا من قبل من يتقن اللغة الإنجليزية مثله في الخطاب وفي الكتابة خاصة بعد أن قارع المفتشين الإنجليز الذين درسوا قدراته القيادية وقوته التأثيرية وتحدثوا معه طويلا في شتى الموضوعات وربما ألقوا له في أثناء يذلك أو بعده بشيء من أسرارهم المستقبلية وخططهم للشرق الأوسط الجديد بعد استتباب الأمر للإسرائيليين في فلسطين . أليس هو أول من أيد التقسيم ؟ أكان يعرف أن السودان سيقسم على أيدي الإخوان ولذلك دفع في سنوات الإحباط والكآبة السودانية بعد إحباط حركة الجبهة الوطنية في 76 بمقولته التي أصبحت مانفستو للإخوان ينفذون ما فيها كأنه أمر إلهي ويتجنبون مزالقها كأنهم مرنوا على ذلك آلاف السنين . اسمعوا ! لن يتقاتل الإخوان في ما بينهم حتى يلج الجمل في سم الخياط . فلا تنتظروا وذلك لسببين لا ثالث لهما وهما تجربة الحزب الشيوعي الدموية ( التي لم تقتلعهم اقتلاعا ) أما السبب الثاني فهو النبوءة المحمودية . وغير ذلك أسباب هامشية كتخلصهم من عضويتهم المقاتلة في حرب الجنوب ثم تخلصهم ممن تبقى من العائدين من تلك الحرب من قوات الدفاع الشعبي الذين دفعوا إلى الهجرة والعمل الهامشي في الأسواق . وتخلصهم من القوات المنظمة واستبدالها بقوات تعاقدية يبيعون لها الحروب وربما الأسرى .
إذا كانت النبوءات القديمة في الأناجيل والكتب المقدسة نبوءات وحي سماوي كنبوءات النبي ( دانيال ) الذي تنبأ بالإمبراطوريات الأربع , وتنبأ قبل قرون بظهور السيد المسيح , وحدد سنة ظهوره ب 27 ميلادية , تماما مثل نبوءات القرآن الكريم الذي أعلن عن هزيمة الفرس الوثنيين أمام الرومان في مطلع سورة الروم , كما تنبأ بفتح مكة ودخول المسلمين المسجد الحرام , وإذا أبعدنا الخرافات من تصوراتنا والقدرات الخارقة والمعجزات والرؤية عن بعد يبلغ عشرات السنين ونفيناها عن رجال عاشوا في عصرنا ولم يكونوا أنبياء مثل الأستاذ الكبير محمود جاز لنا أن نسأل : كيف عرف الأستاذ محمود بهذه اللغة الواثقة المطمئنة المستريحة الوادعة وبتلك الألفاظ الواضحة القاطعة اليقينية كأنما هناك من يملي عليه أحداث المستقبل بكرة وأصيلا بأن الإخوان المسلمين سيسيطرون على السودان _ ولو بالوسائل العسكرية – بلغة تشبه لغة الوحي المنزل ؟ تلك اللغة الواضحة من غير التباس حيث لا تدل على معنيين بلفظ مشترك يصح انطباقه على حادثتين مختلفتين مما يسمى ( ظنا ) أو ( حدثا ) , لغة لا تشبه لغات المتنبئيين الغامضة كما وردت في رباعيات المنجم الفرنسي نوستراداموس الذي توقع أن ينتهي العالم في 3797 ميلادية . إنها ولا شك العلاقات الدولية ودوائر الاستعمار العالمية وأجهزة الأمن المرتبطة بمراكز الأبحاث والمعلومات ودراسات الرؤية عن بعد يبلغ مئات السنين تلك التي أوعزت لكثير من المفكرين والزعماء أن يقولوا ما يبدو خرقا للواقع الفكري وتصوفا بعيد المنال وهرطقة شيوخ في أرذل العمر ومحالات مكانها مزابل الخيال , وأوعزت بالنبوءات التي تخرج أمثال مرسي من السجن ( حبيسا ) كي يدخل قصر عابدين ( رئيسا ) .
في النبوءة المحمودية لا يتورع الأستاذ الكبير أن يتلاعب بخطين رئيسيين هما محلك سر في حياتنا اليوم , ويدخل نبوءته شديدة الإشعاع في تناقض فاضح , تناقض يصل بنا بالفعل في يومنا هذا إلى خيارين لا ثالث لهما . هل سينتهي الإخوان الذين انتظرنا النبوءة 25 عاما كي يتصارعوا وينتهي الأمر ( بينهم ) بينما ذهبوا هم أمام النبوءة الهزيلة المشبوهة يتزوجون من بعضهم البعض البنات والأخوات ويبنون لبعضهم البعض القصور مثنى وثلاث ورباع ويتهادون السبائك والسيارات مصداقا لقول النبي محمد تهادوا تحابوا , أم أن هناك قوة أخرى ستأتي لاقتلاعهم ؟ كيف عرف أن الفتنة ستنتهي بينهم ؟ هل كان في تلك الأيام يقرأ تاريخ العراق ؟ أم أن المخطط الدولي كان مبدئيا متجها هذه الوجهة كاحتمال من عدة احتمالات في ذلك الوقت الضبابي وكسيناريو ينتهي بالتخلص منهم بأسلحتهم ؟ وإذا كان هناك من سيقتلعهم اقتلاعا لا يبقي منهم من أثر ألا يوجد تناقض واضح بين تصوره أن الفتنة التي ستطيح بهم من أرض السودان ستحدث بينهم وفي شوارع الخرطوم أو في ساحات السودان وبين قوة أخرى ستأتي لتقتلعهم ؟ فإذا وجد من يقتلعهم فما فائدة أن تقع الفتنة بينهم ؟ ما فائدة الصراع بين قواتهم وطوائفهم التي تحولت بالفعل إلى جماعات مدنية متناثرة منكسرة تنشد النجاة , وتخاف من التحدث باسم الإسلام كجماعة سائحون وجماعة الإصلاح وجماعة الشعبي .. الخ ولكن من الذي سيقتلعهم من أرض السودان إذا كانت النبوءة بالفعل مخطط دولي أمني قديم التقطه الأستاذ من علاقاته ومعارفه ومناقشاته كناشط سياسي ؟ هل هي القوة الدولية التي تداولتها بعض الأعمدة في صحف الخرطوم في الشهور السابقة من أنها القوة المكونة من قوات أمريكية تأتي عبر البحر الأحمر وقوات من غرب السودان وقوات فرنسية تأتي من دولة أفريقيا الوسطى وبمعيتها قوات تشادية وافريقية وقوات أوغندية تأتي متعاونة مع قوات جنوب السودان لتقتحم الخط الحدودي الطويل في طريقها إلى الخرطوم ؟ هل ما اعتقدنا أنه نبوءة أتت من رجل متنبئ آمن بعض الناس بسلطانه الروحي هو في الحقيقة خطة مرسومة بعناية لاحظت كل التفاصيل والخيارات والاحتمالات وهي تواصل في تنفيذ خطتها بصورة متواصلة وبطيئة دون أن نحس بها أو أن نتهيأ لها ؟
أقسى ما في هذه النبوءة التي درست بعض الاحتمالات , وتنبأت بقتال الإخوان بعضهم البعض أو قدوم قوة أخرى أجنبية لتقتلعهم أنها كشفت عزلة الإخوان الجمهوريين وبعدهم الصوفي المقنن والمتعالي عن الجماهير وعن أنهم نخبة لا تصلح إلا للجدل ولي أعناق الحقائق التاريخية من أجل تبييض صفحات عفا عليها الزمن , فأكثر ما يثير الغثيان في هذه النبوءة التي اشتهرت بفضل انقلاب جماعات الهوس الديني مقدمة لها ذكرا وتاريخا ممجدا كأنها تحس بالذنب من مقتله الغامض أن النبوءة لم تتنبأ بقيام ثورة ( جماهيرية ) ضخمة تطيح بالإخوان وتحتل الساحات وتنزل الإخوان من أبراجهم العالية للمحاكمات الناجزة والعادلة . على الرغم من الأستاذ محمود عاش ( (إكتوبر )وعرف فوائدها .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.