* وصف زميلٌ لنا صوت مغنية ما بأنه (جبلي!).. * ولا أدري كيف استطاع تمييز الصوت المذكور من بين عشرات الأصوات المشابهة.. * فهي عندي كلها أصوات (جبلية) - إذاً - إن صدق التوصيف المشار إليه.. * فلا فرق - بالنسبة لي - بين صوت ندى القلعة أو إنصاف مدني أو حرم النور.. * كما لا أقدر على تمييز صوت أحمد الصادق من (شقيقه) من الفحيل.. * فنجوم الطرب (الأصيل) كان لكل منهم (بصمة صوتية!) تميزه عن الآخرين.. * فصوت خوجلي - مثلاً - هو بخلاف صوت زيدان بخلاف وردي بخلاف الكاشف بخلاف الجابري.. * ثم لكل من هؤلاء (مدرسة) في الغناء تختلف عن مدارس الآخرين أيضاً.. * أما مطربو اليوم - إن سميناهم كذلك مجازاً - فهم يتشابهون في كل شيء.. * في الأصوات، في (البشتنة)، في (الفلفلة)، وفي الألحان التي لا تعرف (رأسها من رجليها).. * وقد تحديت يوماً نفراً من معجبي مطرب شاب في أن يدندنوا بأي لحن من ألحانه فعجزوا.. * ولكنهم لم يعجزوا - في مفارقة غريبة - عن الدندنة بألحانٍ لوردي وعركي وزيدان حين طلبت منهم ذلك.. * فألحان مطربي زماننا هذا هي ألحان (مائية) بمصاحبة موسيقى (جبلية!).. * ومفردة (مائية) هنا أعني بها أنها ألحان لا يمكن أن (تمسكها!) الذائقة الفنية السليمة.. * أو بعبارة أخرى: لا تخضع لقوالب فنية محددة تجعلها ترسخ في الذاكرة.. * ولهذا فإن أغنيات هؤلاء تلمع ثم تنطفئ سريعاً كما الشهب.. * ولا أدري إن كان تفسيري للمفردة هذه هو ذاته الذي عناه من وصف صوت نميري بأنه (مائي) أم لا.. * فقد كتب الصحفي الذي نسيت اسمه يقول عقب الانتفاضة (الحمد له الذي أراحنا من صوته المائي!).. * وقبل أن أقرأ عبارة زميلنا هذه كنت أقول إن نميري يتكلم كالذي في فمه ماء.. * وباختصار (كده) نعني أن صوته لم يكن (مريحاً!) للأسماع.. * وكذلك كثير من سياسيينا أصواتهم تفقع المرارة مع عبثٍ يرفع الضغط بقواعد اللغة.. * أما الذي (يهري الفشفاش) فهو محاكاة تجعل من التشابه بينهم مثل الذي بين مطربي جيل اليوم.. * فلا يمكنك التفرقة بين زيد وعبيد - من المتحدثين - إلا بالصورة.. * أي أن يكون هناك (صوت وصورة!) عوضاً عن محض السماع.. * أما أصواتهم فيمكن أن نصفها بأنها (هوائية!).. * وعليك أن تفهم المقصود بالتوصيف هذا دون شرح من جانبي.. * فأنا لم أسأل زميلنا عن معنى (جبلي !!) الصيحة