ازاحت التسؤلات العديدة والمفخخة التي صوبها الزميل /ضياء الدين بلال في برنامجه السياسي "فوق العادة" بفضائية الشروق ناحية ضيفه العميد "م" صلاح الدين محمد احمد كرار وهو الذي لازال يتخندق في معسكره القديم الذي انتج الانقاذ وفجر ثورتها في 1989فالرجل اظهر قدرا من الاعتزاز بثورته وبتجربته داخل مجلس قيادتها العسكري لا يساوره ندم علي هذه التجربة رغم ان الاخرين انفضوا من حولها وما عادت الانقاذ بذكراها واشراقاتها القديمة لدي بعضهم ولكنها مجرد "شجن اليم " و سعادتو كرار يظن ان رجال تلك الليلة التي فجرت الثورة لم ينالوا شرف السلطة لا وفاء ولا اعترافا وانما المدنيين هم الذين تسيدوا مناصبها وقطفوا ثمارها ويعتقد العميد كرار اذا ذهبت الانقاذ الان قدرا او سقوطا فهو يتحمل مع اخوته في قيادة الثورة كل المسالب والعثرات والعجز والفشل وقتها سينزوي كل المدنيين او كل الذين لم ينالوا شرف ليلة 30 يونيو .ولكن اخطر ما قاله "سعاتو" انه بقي داخل اجهزة حركة الاصلاح الان ورئيسا لمجلس شوراها ومحتفظا في ذات الوقت بعضويته "المجمدة" داخل المؤتمر الوطني ..وهنا تطل الاسئلة الحائرة وبالحاح .. ماذا تعني مفردة "الانسلاخ" التي صاحبت خروج كرار من الوطني والاتجاه للمشاركة في حزب جديد مع اخرين كحركة الاصلاح الان ؟ وهل كانت قيادة هذه الحركة تعلم تماما حقيقة ان سعادة العميد كرار موجود بينهم "بنصف ولاء" ؟ ثم من هم الذين عناهم سعادة الفريق محمد بشير سليمان نائب رئيس حركة الاصلاح في تصريحات "مدوية" سابقة حينما تحدث عن "غواصات" داخل حركتهم الاصلاحية يعلمونهم ؟ وما الذي نفهمه لو قراءنا بدقة في حيثيات ظاهرة "العودة العكسية" لمجموعات من منسوبي حركة الاصلاح الان لحزبها القديم كما حدث الايام الفائتة في شمال كردفان والجزيرة وبعض المناطق الاخري خنادق "الامة" وبوليس "العدل" ..! ربما قطعت الحكومة حبال الوصل وانهت سنوات "الخصب" بينها وبين السيد الصادق المهدي وحزبه واعتبرته مطلوبا جنائيا يجب ملاحقته "بالانتربول" لمخالفات جمة تعتقد الحكومة ان السيد الصادق المهدي قد وقع فيها وهذا النهج يبدو ان الحكومة ظلت تمارسه حينما تشتد درجة الخصام بينها وبين معارضيها خصوصا الذين تحالفوا علي اسقاطها و اختاروا المهاجر والمنافي الاختيارية والسيد الصادق المهدي يعتبر احد اؤليك الذين قررت وزارة العدل ملاحقتهم عبر البوليس الدولي "الانتربول" وقد لا يكون هذا الخيار مقصودا لذاته وربما هو خطة مرحلية او سيناريو "عقابي" او محاولة للضغط علي المهدي لمراجعة مواقفه وخياراته خصوصا ان المؤتمر الوطني كان قد ايد الايام الفائتة مبادرة نجل المهدي ومساعد رئيس الجمهورية العقيد عبد الرحمن الصادق المهدي للدخول في تفاهمات مع والده من اجل عودته للبلاد والمشاركة في عملية الحوار الذي لازال يتلكأ ولكن المبادرة ذاتها تجهض وتتبدد الي لا شي .. وفكرة الملاحقة هذه بالانتربول ربما هي تتناقض او تتقاطع مع جهود حثيثة من قبل القيادات السياسية تجري الان لاعادة المهدي هذا ما قالته السيدة "وصال " شقيقة الصادق المهدي امس و اخطر ما ذكرته ان مصر التي يتواجد فيها الان سيد صادق غير راغبة في وجوده علي اراضيها اما علي الصعيد الداخلي فان حزب الامة قد اختار نهج العمل من تحت الارض وممارسة نشاطه سريا زاهدا في اي حوار سياسي مفتوح مع الحكومة ولهذا فان الحزب سيتجه للبحث عن خنادق تحت الارض لممارسة نشاطه . تلك هي مجموعة معطيات وتشعبات وتعقيدات تواجه حزب الامه وترسم في وجهه ملامح مشهد ضبابي يحجب الرؤية لكثير من الحقائق ومجريات الاحداث ومستقبلها للحالة التي يعايشها حزب الامة وزعيمه الان وربما كل هذه المؤشرات تقود الي ان طبيعة المشهد ما بين المهدي والحكومة سيكون نارا وسيفا وقطيعة فالمهدي هناك يضع يده مع الجبهة الثورية يناصر ثوارها لاسقاط الحكومة عسكريا والجلوس علي جثتها والحكومة هنا وعبر وزارة عدلها تعكف الان علي تحرير مزكرات جنائية لملاحقة "الصادق" ومناوي دوليا. ثورة "المستقلين" بالجزيرة هزة عنيفة وزلزلة كبيرة تضرب اوصال حزب المؤتمر الوطني الان اوهنت قواه وبددت افكاره وافقدته الكثير من المساحات التي ظل لسنوات عددا يتمدد في جغرافيتها لكنه الان وفي ظل السباق المحموم تجاه القسمة الانتخابية القادمة بات وكانه جزر معزولة ..والاحصاءات التي وفرتها لنا التقارير الخاصة اشارت الي ان 75 من قيادات الحزب علي مستوي الولاية نزعوا اثوابهم القديمة وتخلوا عن ولاءهم الحزبي للمؤتمر الوطني وركبوا سكة "المستقلين" ينشدون قبة البرلمان بولاء جديد كما ان مجموعة اخري قوامها 148 من القيادات والكوادر الوسيطة بالمؤتمر الوطني بولاية الجزيرة تخلوا ايضا عن "شجرة" المؤتمر الوطني وارتدوا عباءة المستقلين رغم النداءات والتلويح باعمال النصوص العقابية ضد كل من يجنح او يترشح مستقلا بعيدا عن الوطني . تلك هي الظاهرة التي تتهدد حزب المؤتمر الوطني بارض الكنانة ومبعث الظاهرة ان الحزب فشل تماما في ان يقدم طرحا سياسيا اومشروعات تنموية مقنعة ليس لشعب الولاية فحسب وانما حتي لقيادات المؤتمر الوطني نفسها وبعض هؤلاء المستقلين الذين تحدثوا "للانتباهة" استنكروا علي حزبهم القديم انتهاج سياسة الوصايا وفرض بعض القيادات "المكرورة" رغم انها قيادات من وزن الريشة لا تسندها قاعدة ولا فكرة ولا مشروع ولا حتي برنامج ولكنها اعملت براعتها وحيلها واساليبها "الاخري" حتي تعود هذه القيادات الي مقاعدها النيابية في المركز او الولاية فمثلا في المناقل هناك قيادات اكلت "خريفها" وخريف غيرها ولا تبالي . "التهريب" قلق وهدر ..! تتردد فينا يوما بعد يوم مفردة "التهريب" كظاهرة مخيفة ومقلقة تعاني منها الدولة في كل اوجه نشاطها وثغراتها ..فالذهب الذي عولت عليه خزينة الدولة بعد ذهاب البترول يتسرب الان عبر الحدود عبر عمليات تهريب منظمة ووزارة المعادن تحاول وقف هذا النزيف ولكن "كيف؟" ..والصمغ العربي هناك في دارفور وكردفان الكبير تتبدل ديباجاته في الاسواق العالمية لان الجهات التي اوصلته لهذه الاسواق ليست من بينها الحكومة السودانية او مؤسساتها المنتجة ..والقمح والبنزين والسكر سلع استراتيجية واوراق سياسية وصكوك انتخابية من شانها الاطاحة باقوي الحكام ولكن قدر هذه السلع او المستهلكات اليومية تشكو بصوت "جهير" من التهريب والحكومة تسمع لكنها لا تستجيب .. وتتمدد الظاهرة في حياتنا اليومية فطلاب المدارس "يتهربون " من دروسهم في ظاهرة تسرب يومي والكتاب المدرسي يتسرب ايضا من دواليب ومخازن الوزارة الي الاسواق والمكتبات الخاصة . اما محاصيلنا النقدية "كالقطن" فقد اغتالته السياسات فغاب عن الاسواق العالمية فاي اقتصاد اذن يبحث عن صحته وعافيته بمسكنات وقتية وهو مصاب بمرض عضال من شاكلة "التهريب"فكيف لنا ان نعالج هذه الظاهرة التي تنهش في جسد الاقتصاد القومي ؟ . [email protected]