إن التعاسة والشقاء والبؤس والخراب الذي سببته الإنقاذ للشعب السوداني ، إنما يعكس حال الطغمة الحاكمة التي جسمت علي صدر هذا الشعب في 30 يونيو 1989م. فالتعيس هو الذي يجلب التعاسة للآخرين. ولآ أعتقد أن الحكومة التي لم تتغير إلا بعد ان تتعس جميع افراد الشعب السوداني كما تهدف. لا اعتقد أنها ستحقق هذا الهدف . لآن إنقلبت التعاسة رأساَ علي عقب وبدلآ من أن يتعس الشعب وحده فقد تعس الرئيس البسير نفسه، وهو لا يدري كيف ان السم في الدسم قد ألم به.. ولعل سبب تعاسة البشير هم أهله وذويه وأحبابه وأصحابه من القوت المسلحة ومن أصحاب المنافع والمصالح .. ماذا جري للبشير حتي يترشح في هذه الظروف التي تحيط بالبلاد ؟؟ إن البشير يعاني من مصائب كثيرة لا حصر لها وأهمها إثنان فضلآ عن تهمة المحكمة الجنائية: الأول أن ظلمه الشديد للشعب السوداني وتحمل مسئولية ما حدث للشعب السوداني من فقر وتفكيك اسري ويؤس ومرض و قتل الكثيرين من أفراد الشعب السوداني سواء كان في الحروب او في المعتقلات أم في المجاعات ام في المعسكرات أم في حوادث الحركة نسبة لسوء الطرق (و عثرت بغلة في العراق لسئلت لما مهدت لها الطريق) فعدد الموتي لا حصر لهم في الجنوب الأبرياء قتلوا قبل المتمردين ومن قبل المتمردين وهو أيضا مسئول عنهم . وفي دار فور الابرياء هلكوا قبل المتمردين . بنيران القوات المسلحة ونيران المتمردين وأفعال الجنجويد وأفعال القوات المسلحة في الحروب والضرب بالطائرات للقري الآمنة .. كل تلك تجلب تعاسة للبشير تجعله يحس بالندم الشديد . وخاصة أن المحكمة الجنائية قد وجهت له تهمة الابادة الجمعية لأهل دارفور. أما المصيبة المهمة الثانية التي يعاني منها البشير فإن تحيزه لأهله وما دعمهم به من مال الدولة وسلطة الدولة وشركات الدولة قد جلب له مصيبة كبيرة لا يعلمها إلا الله وهو يعلم جزء كبير منها.. فأهله الذين اثروا علي حساب الشعب السوداني وامتلكوا عقارات وشركات داخل وخارج السودان وساعدتهم الدولة علي الشراء في عمليات أشبه بغسيل الاموال .. فهؤلاء الآن تسببوا للبشير بمصيبة كبيرة شغلته كثيرا فضلآ عن المصائب التي ألمت به . كان البشير يعقد ان مصيبة المحكمة الجنائية هي الاشد .وعندما اطمئن ووجد ضمانات من بعض الجهات العربية – طلبت منه المملكة العربية السعودية التنحي من السلطة وطلب اللجوء السياسي بأراضيها ووعدته بمقر دائم واَمن . ذلك العرض من المملكة العربية السعودية جعلته يطمئن علي مصيبة الجنائية ، إلا أن الأمر لم يكن علي ما كان يتوقع. فبعد أن إطمئن وفكر ودبر تحدث الي أهله بأنه لا يرغب في الترشيح لأنه مريض ويريد ان يرتاح ويترك الفرصة للآخرين ويمضي فيمكث في السعودية حيث أشار للعرض الذي قدمته المملكة . يا للهول فقد ثار فيه اهله ثورة كبيرة وكشروا له انيابا لم يكن يراها في حياته . وفالوا له بالحرف الواحد .. ولمن تتركنا ؟؟ فقال لهم أنني الان في مأمن من مصيبتي التي وقفتم معي فيها ، ألا وهي المحكمة الجنائية وقد وجدت ضمانات من المملكة العربية السعودية فلماذا ترفضون لي . فقالوا له للمرة الثانية ألا تفهم قولنا ؟ إننا لا يهمنا الآن ان تسلم نفسك للمحكمة ام تذهب لتقيم في السعودية ، إنما يهمنا انك إذا ذهبت سواء للمحكمة الجنائية أم سكنت لاجئا سياسيا في السعودية فمن الذي يحمينا من السؤال : من اين لكم هذ يا ايها الجعليون ويا اقرباء عمر البشير. مسكين البشير فقط عرف أن الموضوع ليس حمايته إنما حماية اهله الذين تسبب هو في ثراءهم بالحرام . وكما انبه ضميره للقتل الذي مارسه في الشعب السوداني ، إزداد له تأنيب ضميره في تسببه لمشكلة لأهله إذا عادر الكرسي . لذك رضخ البشير واستسلم للأمر الواقع ووافق علي الترشيح بعد أن إعتذر. وماذا بعد الترشيح والفوز ؟؟ هذا سؤال يحتاج الي إجابة ليس الآن ولكن بعد الفوز .. ولعلنا نقرأ بعض الملامح بعد الفوز ،، فربما تكون التوبة ودرء المفسدة في ولايته الرابعة هذه هي الروح التي تسيطر عليه .. ولكن هل يقبل أصحاب المصالح . هل يأمر البشير رد المال الذي اغتصبه أهله .. وهل يقدمهم للمسائلة أم يعترف بأنه هو السبب؟ وماذا يكون الحال عنئذ؟؟؟ هذا موضوع مقالنا بعد الفوز إن شاء الله.. وإن لم يفز فقد أراحنا من الكتابة.. ونسأل الله ان يريحنا من الكتابة بأي شكل من الاشكال. [email protected]