لا قول لنا في الحملات التي تنشط فيها الآن محلية الخرطوم، لإزالة العشوائيات وما تسميه المنازل المشبوهة الكائنة بأطراف المحلية ومناطقها القصية، من غير أن يضار الأبرياء فتجرف آليات المحلية منازلهم البائسة على نهج (الشر يعم)، ولكن ما رأي المحلية في بعض البيوت الخربة والمتهدمة والآيلة للسقوط؛ التي بقيت لعشرات السنين مهجورة بلا صاحب يعمرها ويصلح من حالها، ومثلها أيضاً بعض المباني تحت التشييد التي بقيت مجرد هياكل أو (بدرومات) لمدد طويلة، لتصبحا معاً مهدداً أمنياً وأخلاقياً خطيراً، تنطلق إلى خارجها وتتم بداخلها أخطر الممارسات والجرائم التي يروى عنها جيران هذه البيوت والمباني الكثير من المآسي. ولك أن تتخيل حجم الكارثة التي يمكن أن تنفجر يوماً ما بسبب هذه الخرابات المهجورة إذا علمت أن عددها في منطقة مهمة وحيوية ضاجة بالحركة والنشاط التجاري والاقتصادي، وتتلاطم فيها أمواج البشر مثل يوم الحشر.. مثل قلب الخرطوم فقط يفوق المائة خرابة بحسب إفادة سابقة لأحد المهندسين العاملين بهيئة تطوير مركز الخرطوم، هذا غير مثيلاتها من المواقع الخالية بين البيوت في الأحياء والتي تغري بإقامة رواكيب عليها واتخاذها مساكن عشوائية، والمباني تحت التشييد التي أضحت مستوطنات توطّنت فيها بيئة جاذبة لكل ممارسة غير أخلاقية وغير قانونية... أعلم أن هذه الخرابات والمباني الآيلة للسقوط كان لها قانون على أيام الإنجليز لإدراكهم خطورتها. ولهذا لم يتركوها هكذا لتصبح ملاذاً وحاضنة للإجرام أو بالأحرى (غُرز) تغرز أنيابها في جسد الفضيلة والقانون والأخلاق، ولكني لا أعلم لماذا تترك الولاية هذه الخرابات والمباني على حالها هذا ولا تملك إلا أن تشتكي منها مثلها مثل أي (مواطن ساكت)، فمن غير الولاية ومجلسها التشريعي من يستن القوانين التي يمكن أن تعالج أمر وجود هذه الخرابات التي تطاول عمرها والمباني تحت التشييد التي طال بقاؤها مجرد هياكل خرصانية، وأياً كان سبب بقاء هذه المظاهر الشاذة التي تشوِّه الأخلاق وتعين على خرق القانون قبل أن تشوِّه المظهر الحضاري، سواء أكان سببها يعود لمشاكل وقضايا تنازع حول ورثة أبقتها على هذا الحال كل هذه السنين، أو كان بسبب تعثر مالي دخل فيه أصحاب البنايات غير المكتملة، فعجزوا عن إكمالها فتركوها هكذا كالمنبت، أو لأي سبب آخر أياً كان لا بد في كل الأحوال من الفصل النهائي في أمرها بموجب قانون يُستصدر خصيصاً لهذا الغرض لوضع حد نهائي لوجود هذه البيوت والبنايات على الحال الشائه والمشوّه الذي هي عليه الآن، فإما أن يظهر لهذه الخرابات المهجورة أصحاب، فيلزموا بإصلاحها وإعادة تشييدها، ونفس الشيء كذلك مع المباني غير المكتملة بمراجعة تصاريحها وإعلان أصحابها لتكملة إنشائها أو تقديم تسهيلات لهم ليكملوها، هذا أو هذا أو أن تبقى هكذا إلى أبد الآبدين؛ توفر الملاذات لطالبيها وتحل مشكلة من عناهم المثل السعودي الشهير (ان لقينا الخرابة ما لقينا العفنة، وان لقينا العفنة ما لقينا الخرابة) وأنا ما بفسر وانت ما تقصر على رأي حبيب الكل بروف البوني الذي طال انتظارنا لعودته. التغيير