أمس أُعلن انطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين الحكومة وقطاع الشمال مطلع فبراير، ومع اقتراب موعد جولة جديدة من التفاوض من جديد ترتفع التوقعات سلباً وإيجاباً، وإن كانت التجارب المكررة من الاتفاقيات لم تترك إلا خيار التوقع السلبي، ما يتوقع حدوثه أن يتمسك كل طرف بما تمسك به مسبقاً، سنستمع إلى كل ما استمعنا له خلال المرات الفائتة وفي نهاية الأمر ستنهار المفاوضات نسبة لتباعد مواقف الطرفين، هذا هو المؤكد لأنه لم يتغير شيء فالأجندة في أصلها غير متفق عليها، قطاع الشمال سوف يصر على قومية الحل، بل سوف يصر أكثر وأكثر نظراً لموقفه الأخير في العمليات العسكرية، والحكومة سوف تتمسك بحل قضايا المنطقتين فقط وبمرجعية اتفاقية السلام وهذا ما قاله الرئيس قبل أيام، الحكومة ماضية في انتخاباتها في إهمال لأي حلول يُمكن أن تقود كل الأطراف إلى طريق موحد قبل أن تنفجر الأوضاع كليا، الحركة الشعبية ماضية ومتقدمة في عملياتها العسكرية في جنوب كردفان، وبين هذا وذاك، المواطن يموت آلاف المرات ولا يهم. أظن أن الحكومة بددت كل فرص الحلول النهائية واعتمدت الحلول الجزئية التي ولدت ومددت الأزمات في البلاد، ودون الرجوع إلى اتفاق نافع- عقار الذي تتمنى الحكومة اليوم لو أن الزمن رجع بها إلى ذلك التاريخ فتاريخ الاتفاقيات الجزئية في السودان لم يقدم إلا المزيد من التعقديدات، ما دام أن الحكومة بحزبها الحاكم ماضية في الانتخابات وعلى قناعة بضرورة ألا يحدث فراغ دستوري أهم بكثير من أي فراغات أخرى، وما دام أنها وجهت الدعوة إلى كل الأطراف داخليا وخارجيا، لماذا لا تكتفي بانتخاباتها هذه وتجمد كل المفاوضات خارجياً بما فيها ما عُرف بالحوار الوطني داخلياً، لأن ما يجري الآن ليس له أي معنى، ماذا يعني أن الانتخابات قائمة والبدء في إعلان فوز بالتزكية قبل أن تبدأ الانتخابات بينما الحرب دائرة والمفاوضات كذلك، ألا يكفي فوز التزكية هذا لكشف الحقيقية التي لا تريد أن تواجهها الحكومة. رغم أن الحركة الشعبية أهدت الحكومة فرصة أن تُدمج قضيتها ضمن قضية السودان الكلي إلا أن الحساسية الزائدة من الحكومة تجاه مطالب الأطراف التي تتنازع معها فيما يتعلق بقومية الحلول وقومية القضايا وحسمها يعرقل كل شيء كما إنه غير منطقي ولا مبرر له، الحكومة فتحت حوارا يرتكز على مبدأ الحل القومي فلماذا ترفضه إذن حينما يأتي من الطرف الآخر؟. إن كانت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا سوف تحتضن ذات الأجندات المختلف حولها، فرجاء أريحوا الإثيويين وأريحوا خزينة الدولة من تكاليف سفر الوفود التي لن تأتي بما لا تستطيع، فإن كان بمقدورها لفعلت منذ المرة الأولى، ألا يصبوا جهدهم في العملية الانتخابية. التيار