من عجائب المؤتمر الوطني الحزب الإسلامي، الذي تديره الحركة الإسلامية، الساعي لإقامة الدولة الإسلامية من خلال تمكين الشريعة الإسلامية والمشروع الحضاري، أن يجدد إتفاقاته مع الحزب الشيوعي الصيني الذي يعتمد تيار الماركسية اللينينية معتقداً وفكراً، وفي ذات الوقت يرفض ذات الحزب أن يمدَ أياديه للحزب الشيوعي السوداني، الذى تتكون عضويته من مواطنين يعتنقون الإسلام دينا. ترتخي التشنجات العقائدية والفكرية بين المؤتمر الوطني والشيوعي الصينى، بينما تستحكم الخصومة هنا لتصل حد الفجور فيها، بين المؤتمر الوطني والحزب الشيوعي وتستمر القطيعة لسنين عددا، لا تخلو من مناكفات وإعتراضات تصل أحيانا حد الإعتقالات. بالأمس أنهى المؤتمر الوطني مباحثاته الحزبية ببكين، وخرج البروفيسور أبراهيم غندور نائب رئيس الحزب للشئون التنظيمية ليؤكد إتفاق حزبه، مع الشيوعي الصيني، على أهمية تبادل الزيارات والتدريب وتجديد بروتوكول التعاون بين الحزبين، الذي ينتهي في مايو القادم. بالطبع المؤتمر الوطني لا يدخل يده في خلية ما، ما لم يضمن إنها مليئة بالعسل وعندها يمكن أن يتحمل كل لسعات النحل التي تاتي من هنا وهناك، ويمكن لجلد المؤتمر الوطنى أن يتحمل كل الطعنات بإعتبار إن الغنيمة التي يسعى لها كبيرة جداً... فالعلاقة مع الحزب الشيوعي الصيني رغم إختلاف الأيدلوجيا، أعطت المؤتمر الوطنى الكثير من المشروعات التي لم تبدأ باليخت الرئاسي ولن تنتهى بالقصر الرئاسي بالطبع. لعمرى فإن أعضاء وقيادات المؤتمر الوطني كلما أحتدم نقاش حول الحزب الشيوعي السوداني يقولون إن الشيوعية إنهارت في منشأئها ولكنهم في الواقع لا يرون حرجا من إقامة علاقات مع ذات المنشأ، ما دام الأمر يحقق لهم المصالح، فقد قال غندور أمام الجالية السودانية ببكين "ان لدينا علاقة قوية ومميزة مع الحزب الشيوعي الصيني وهى من أقوى العلاقات الحزبية في العالم أجمع، وقد أحدثت لنا فتحوحات كبيرة" أى إن غندور هنا يتباهى بعلاقتهم مع الحزب الشيوعي ويشيد بها الأمر الذى يتناقض مع رؤاهم التي ترى إن الشيوعية قد ولت وإنتهى أمرها. ولكن ما دام الفكر الذى يعتنقه المؤتمر الوطني، لا يحرم أو يجرم، إنشاء علاقة مع الشيوعية فاني أرى إن أولي القربى أولى بالمعروف، فلتكن منصة إنطلاقة العلاقة منصوبة في الخرطوم (2) بدار الحزب الشيوعي السوداني، فذات المبادئ التي نشأ عليها الحزب الشيوعي الصيني في عشرينات القرن الماضي نشأ عليها الحزب الشيوعي السوداني فى العام 1945م الحزب الشيوعي السوداني لديه موقف مبدئي رافض لحكومة المؤتمر الوطني وكذا الوطني زاهد في علاقة معه ومع كل احزاب اليسار الأمر الذي جعل التيارين خطين متوازيين لا يمكن تلاقيهما أبداً ما لم يتنازلا كلاهما أو أحداهما على الأقل لينحو نحو الآخر.. فتح المؤتمر الوطني لعلاقات مع كافة القوى السياسية والأحزاب السودانية بما فيها الحزب الشيوعي بالتحديد تعمل على رأب صدع إستمر لعقود وأقعد البلاد كثيراً فمن باب أولى أن يعمل الحزب الذي يحكم البلاد حاليا على تحسن العلاقة مع الحزب الشيوعي بالداخل، بل ويمكن لان يتطور الأمر للاستفادة منه فى فتح أبواب تلاق مع الأحزاب الشيوعية في عدد من البلدان، ولا تنحصر العلاقة مع الصين فقط. ولكن لأن المؤتمر الوطنى حزب يستخدم دوما القاعدة الميكافيلية (الغاية تبرر الوسيلة)، فانه لن يفعل ذلك باعتبار إن مصالحة تتحقق هناك في اقصي الشرق. الصيحة