اجتماع للتربية فى كسلا يناقش بدء الدراسة بالولاية    شاهد بالفيديو .. قائد منطقة الشجرة العسكرية اللواء د. ركن نصر الدين عبد الفتاح يتفقد قوات حماية وتأمين الأعيان المدنية المتقدمة    مواطنو جنوب امدرمان يعانون من توقف خدمات الاتصال    "مطارات دبي" تدعو المسافرين التحقق من حالة رحلاتهم "الحالة الجوية السيئة"    محمد وداعة يكتب: حرب الجنجويد .. ضد الدولة السودانية (2)    من الزيرو إلى الهيرو    تفاصيل إصابة زيزو وفتوح في ليلة فوز الزمالك على الأهلي    شركة تتهم 3 موظفين سابقين بسرقة عملائها    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    ضبط الخشب المسروق من شركة الخطيب    البنى التحتية بسنار توفر اطارات بتكلفة 22مليون لمجابهة طوارئ الخريف!    رسالة من إسرائيل لدول المنطقة.. مضمونها "خطر الحرب"    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    ضياء الدين بلال: الرصاصة الأولى ونظريّة (الطرف الثالث)..!    قصة مانيس وحمدوك وما ادراك ما مانيس وتاريخ مانيس    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    رفع من نسق تحضيراته..المنتخب الوطني يتدرب علي فترتين    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    استمرار حبس البلوجر هدير عاطف بتهمة النصب على المواطنين    أحمد موسى: ده مفيش ذبابة ماتت من الصواريخ والمسيرات اللي إيران وجهتها لإسرائيل    ليفربول يسقط في فخ الخسارة أمام كريستال بالاس    إسرائيل تعيد فتح المدارس!    حفظ ماء وجه غير مكتمل    شاهد بالصورة.. إبن عضو مجلس السيادة رجاء نيكولا يحمل السلاح مدافعاً عن وطنه وجمهور مواقع التواصل يشيد ويعلق: (أبناء الإسلام والمسيحية في خندق واحد لحماية السودان من الجنجويد)    شاهد بالفيديو.. مالك عقار يفجرها داوية: (زمان لمن كنت في الدمازين 2008 قلت ليهم الجنا حميدتي دا أقتلوه.. قالوا لي لالا دا جنا بتاع حكومة.. هسا بقى يقاتل في الحكومة)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تدهش وتبهر مذيع قناة العربية الفلسطيني "ليث" بمعلوماتها العامة عن أبرز شعراء مسقط رأسه بمدينة "نابلس" والجمهور يشيد بها ويصفها بالمثقفة والمتمكنة    أرسنال يرفض هدية ليفربول ويخسر أمام أستون فيلا    بعد راحة العيد...المنتخب الوطني يُعاود تحضيراته أمس    الموعد الأضحى إن كان في العمر بقية،،    إعلام عبري: طائرات أميركية وبريطانية تسقط مسيرات إيرانية فوق الحدود العراقية السورية    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    والي الخرطوم يزور رموز ونجوم المجتمع والتواصل شمل شيخ الامين وقدامى المحاربين والكابتن عادل أمين والمطرب عوض الكريم عبدالله    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    لن تنهار الدولة ولن ينهار الجيش باذن الله تعالى    انتحلوا صفة ضباط شرطة.. سرقة أكبر تاجر مخدرات ب دار السلام    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    الضربة المزدوجة الإنهيار الإقتصادى والمجاعة في السودان!    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمارة تحت الأرض!
نشر في الراكوبة يوم 01 - 02 - 2015

المكان عبارة عن غرفة صغيرة، مفروشة بقطع بالية من الموكيت، توجد بها طاولة متهالكة ودفاتر مبعثرة وبعض أقلام قديمة، وكراسي بلاستيكية وبراد ماء، في حي شعبي بشرق الرياض يتخذها أحد سماسرة تحويل العملة مكتباً له. في تلك اللحظة كان بالغرفة عدد من الأشخاص بينما كان صاحب المحل منشغلاً بمكالمة هاتفية مطولة، كان صوته يعلو فيها وينخفض، وأحياناً يحلف بالطلاق مثلما يفعل تجار العملة عادة ليوهموا عملاءهم من الحاضرين بتذبذب الأسعار! دخل إلى تلك الغرفة رجل تبدو عليه سيما الذكاء والعبقرية، تكسو محياه الهيبة والوقار، ويخالط ذلك كله بعض علامات الأسى والحزن العميق. سلّم وجلس حيث انتهي به المجلس. وضع صاحب الدار سماعة الهاتف على الطاولة بعد أن أنهى مكالمته ثم التفت إلى ذلك الرجل مرحباً به فقال:
- معليش المكالمة شغلتني عنكم شوي.
- بسيطة يا سيد جلال.
- اسم الكريم منوه؟
- صابر.
- مرحباً يا باشمهندس صابر.
قال تلك العبارة ونهض من الطاولة ليصافح زبونه!
- في الواقع أنا من طرف صاحبك علي.
- نعم. أخونا علي راجل حبوب وهو فعلا اتصل علي وكلمني عنك يا مهندس صابر.
- الله يجزيه عنا ألف خير. وهو واعدني أننا نتقابل هنا!
- نعم اتصل عليْ وقال جاي.
- ما في مشكلة. ننتظر على بال ما تخلص مع الجماعة ديل.
التفت جلال إلى زبائنه وكأنه يقول لهم استعجلوا فلدي عميل مهم جداً الليلة. سلّم كل من الحضور ما لديه من مبلغ ودون جلال اسم وعنوان المستفيد في السودان وأنصرف الجميع إلا صابراً وشخصي. وصل السيد علي بعد ذلك بقليل. بدأ يتحدث عن أحوال السوق ويمزح مع جلال حتى ارتفعت أصواتهما بالضحك. ومن ثم قال علي :
-يا ريس زي ما كملتك في التلفون المهندس صابر دا عنده مبلغ كبير عاوز يحوله.
- جداً نحن حاضرين للخدمة.
- طيب يا أخ جلال دي أول مرة نتعامل فيها معاك وأنا في الحقيقة لا أعرف طريقة التحويل حقتكم كيف؟ هكذا سأل صابر.
- بسيطة جداً وسوف تجدنا عند حسن ظنك إن شاء الله.
- يا باشمهندس أخونا جلال دا زول ثقة ومعروف لدينا وعشان كدا ما تشيل هم واعتبر غرضك مقضي وعلى مسئوليتي.
- توكلنا على الله يا أبو علوة.
أخرج صابر عشرة رزم من الريالات من حقيبة صغيرة ووضعها على طاولة جلال. لم يكن الأخير يتوقع أن يكون المبلغ بهذه الضخامة فنظر إليه بشفق ودهشة. ثم قال:
- بالله يا علي عد المبلغ دا كم.
- مائة ألف يا ريس.
-ربنا يزيد ويبارك يا باشمهندس.
- الله يجزيك خيراً. بس طريقة التسليم كيف؟
- إن شاء الله بعد يومين يمشي زولك الموكل في الخرطوم ويجد المبلغ جاهز عند أخوانا في السوق العربي. أطمئن يا زول ما في عوجة تب.
ودعنا صابر ثم أنصرف. التفت إلى علي وقلت:
- يا أخ علي ممكن أسألك؟
- تفضل!
- المهندس باين عليهو مغلوب على أمره.
اعتدل علي في جلسته وظهرت على وجهه مسحة من الحزن فقال بصوت مبحوح:
-تخرج المهندس جلال من كلية الهندسة بمرتبة الشرف في الهندسة المعمارية واختير معيداً في الكلية وبعدها تحصل على منحة مجانية من جامعة عريقة في ألمانيا حيث حصل على درجة الماجستير في تخصصه ثم عاد للعمل بالجامعة ولكن لم يمكث بها طويلاً لأنه تحصل على عقد للعمل لدى واحدة من كبريات الشركات الهندسية في الرياض بمخصصات عالية جداً. خلال العشرين سنة الماضية لم يكن صابر يستطيع دخول السودان؛ لأنه كان من المعارضين لحكومة مايو. اشترى المهندس صابر قطعة أرض متميزة في كافوري لأنه من سكان بحري وكلف إخوته، الذين أنفق على تعليمهم وتربيتهم حتى تخرجوا من الجامعة، بالإشراف على المباني. كان الإخوة من وقت لآخر يرسلون له صوراً للمنزل الذي أشرف على تصميمه بنفسه؛ فكان يقول لهم إن هذا الهيكل غير مطابق للتصميم فصاروا يوهمونه بأن البلدية قد طلبت إجراء بعض التغييرات. سقطت حكومة مايو وعاد صابر إلى السودان محملاً بالهدايا للأسرة والأصدقاء. وبعد يومين، ذهب ليتفقد منزله؛ فلم يجد سوى حفرة كبيرة في الموقع! في مساء ذلك اليوم استدعى إخوته بحضور والده وأحد المحامين ثم قال:
-أنا خسرت قطعة أرض ولكنكم خسرتم أخاكم الكبير. عموماً، أحمد الله على ما حصل وأريد منكم أن تحددوا واحداً منكم لأسجل له القطعة. نكسوا رؤوسهم خجلاً ولكن قال أوسطهم:
- سجله باسم معتز لأنه أصغرنا.
سألت علياً ولكن لماذا يحول هذا المبلغ:
فرد بقوله:
-لقد وجد عمارة شبه مكتملة عن طريق أحد أصدقائه وهو الآن بصدد شرائها.
قمت لأنصرف وقام علي ولكنه رجع من الباب قائلاً لجلال:
-حقنا يا ريس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.