*ونتكلم اليوم عن ظاهرة غريبة في حياتنا.. *ظاهرة (المصادفات!) التي قد يكون للكثيرين منكم تجارب معها.. *وقد تكون (حلوة) الصدفة هذه - كما غنى المغني - أو (مُرة!).. *ونبدأ بشاعرنا (الحساس!) الفذ إدريس جماع.. *فقد سمعت من أحدهم حديثاً عنه مسرحه أحد مطاعم القاهرة.. *ثم سمعت الحديث ذاته عنه وكان المسرح منزلاً بالخرطوم.. *ثم سمعت عين الحديث - للمرة الثالثة - وكان مسرح الحدث هذه داره بالحلفايا.. *وخلاصة الحديث أن كلاً من الرواة هؤلاء التقى بشاعرنا المبدع جماع.. *وأنه كان يتناول غداءه لحظتذاك .. *وأن الغداء هذا كان طبقه الرئيسي الملوخية.. *وأن صاحب (انت السماء) مسح يده - بملوخيتها - على جلبابه الأبيض قبل أن يمدها مصافحاً.. *وأن الانطباع الذي خرج به الرواة هؤلاء أن شاعرنا (حساس) ومؤدب ومهذب.. *فإن صدقوا جميعاً فهي مصادفات غاية في الغرابة. *كانت معشوقة أبناء دفعتنا - بالجامعة - إلا قليلاً منهم.. *وما جعلها تُعشق لطف وأدب وذوق من جانبها فضلاً عن جمال (مخيف).. *ثم كانت المفاجأة أنها تعشق كاتب هذه السطور لما وصفته - بعد ذلك - ب(غموض غريب) فيه.. *وبخلاف الغموض (الأبله) هذا - إن كان يعجب البنات - فليس في صاحب هذه الزاوية ما يجعله (يُعشق).. *فهو انطوائي، سمج، (ثقيل)، لا يجيد (اتيكيت) الحديث مع النساء ولا حتى الرجال.. *وحين كانت تحاول التودد إليه - جذباً لاهتمامه - أبدت رغبتها في أن تنجب منه (عيلين).. *فاعتذر إليها - صادقاً - بأنه ليس الشخص المناسب لها.. *وقبل فترة استوقفته امرأة ذات (عافية) - بشارع الجمهورية - وهي تناديه باسمه مثنى وثلاث ورباع.. *وعندما (نكرها) - رغم الابتسامة الودودة - عرفته بنفسها وقد كاد الإحباط أن يغتال (فرحة اللقيا).. *وبعد السلام أخبرته كيف إنها اقترنت ب(مغترب) أخذها معه إلى ليبيا حيث يعمل مهندساً.. *وأنه يمتلك الآن - بالخرطوم - عمارة ومزرعة وشركة استشارات هندسية.. *وإنها أتت إلى هنا الآن - حيث نقف - للتسوق بصحبة سائقها الخاص.. *ولما ذكرتها - ضاحكاً - بحكاية ال(عيلين) قالت إن لديها الآن منهم (سبعة).. *فودعتها سريعاً وانصرفت قبل أن تقول إنها تحمد الله على (تمنعي) ذاك عليها.. *أما أنا فقد حمدت الله على سلامة (المخارجة) من شباك (المصادفة العجيبة). *عندما تم اختياري مستشاراً لرئيس حزب الأمة اُختير هو قيادياً في أحد الأحزاب المنسلخة عنه (توالياً) مع الإنقاذ.. *وطفق يشن هجوماً (علنياً) عنيفاً على شخصي خلاصته أنني (انتهازي!).. *وهي التهمة ذاتها - في مصادفة مضحكة - التي كان يُرمى بها هو داخل الحزب(الأصل).. *ثم (كوفئ!) بمنصب (مهم) في منظومة حكومة ولاية النيل الأبيض.. *حين صادفته ذُهل حتى كاد يقع وأنا أبارك له (العمارتين!) قبل السلام.. *ورأيت (مرارة!) الصدفة في عينيه. الصيحة