فى تصريح صحفى للدكتور حسبو محمد عبدالرحمن نائب رئيس الجمهورية ، ادعى فيه زوراً وبهتاناً بان الانقاذ النسخة الثانية للثورة المهدية. اوافق الدكتور بان حكم الانقاذ حكماً ماضوياً، لا يتناسب مع العصر الحالى ولكن حكم الانقاذ ليس بالنسخة الثانية للمهدية بل هى النسخة الاسوأ من حكم الاستعمار والاستبداد. يقول بروفسيور العلوم السياسية بجامعة لندن للاقتصاد، البروفيسور والكاتب المؤلف باتريك دان ليفى بان حكم الامبراطورية البريطانية للعالم وحكم دولة بريطانيا لشعبها كانا مختلفان تماماً، فحينما كان يخضع شعب بريطانيا لحكمً ليبرالياَ نسبيا كان المستعمر يخضع العالم لحكماً شمولياً، طاغياَ و مستبداً. ففى حينما كانت تتسم حكومة بريطانيا لشعبها باليبرالية وتوفير الحريات نسبياً كان يتسم حكمها للمستعمرات بالقمع والاستعلاء، وفى حين كانت تعمل الدولة جاهدة لتوظيف اموالها لخدمة احتياجات المواطن من مساكن جيدة وبنية تحتية تفضى بتوفير حياة كريمة لشعبها، كانت تستثمر جل الاموال التى كانت تجمعها من المستعمرات فى تأمين وتحصين حكمها وبناء الجيوش و فى قمع المعارضين لحكمها لهم وفى قمع الثورات المضادة. فمن الارجح بان اعتقدت النخبة النكبة، المبهورة بالغرب من دون معرفة وطيدة بالغرب ومن دون وعى كافى باسباب نجاح دول الغرب، بان حكم حكام الغرب لشعوبهم كان كحكم المستعمر لهم،ولذلك اعادوه كما هو ولكن بصورة اسوأ . فعلى عكس ممارسات النخبة النكبة بالتعالى على عامة الشعب والتكبر وتوزيع الشتائم عليهم، على شاكلة متخلفين ورجعية وغيرها، فان حكم دول الغرب لشعوبها يتصدرها تعميم الديمقراطية واحترام حقوق الانسان واحترام الحكام للفرد والجماعات، وعلىعكس ممارسات النخبة النكبة بقمع شعوبهم وكبت اصواتهم والحط من قدرهم متى تسنى لهم ذلك، فان حكومات الغرب تبذل قصارى جهدها لتحرير انسانها ولصيانة كرامتة وللرفع من قدرة ولتدريبة لكى يستطيع التنافس مع غيرة على مستوى العالم فى كل المجالات. فشتان ما بين حكومات تقهر انسان دولتها وتوسعه شتماً واستبداداً وتمنع عن متداول يده فرص التحرر والتقدم الاقتصادى والازدهار وبين حكومات تفعل العكس. لقد نقل الاخوان قشور تجربة الخصخصة للسودان، وذلك بالتاكيد نابع من منطلق ضحالة معرفتهم بالتجربة قبل نقلها، فان اهم ميزات الخصخصة رقم سؤها هو أنها تفتح الباب امام التنافس بين الشركات، لتقديم الافضل للمواطن او الزبون، ولكنهم خصخصوا منشأت الدولة وقفلوا الباب امام التنافس باحتكار الاسواق! والان وبكل ضحالة نقلوا تجربة الاستعمار كما هى، ومن دون وعى بان ثقافة استبدادهم واستعلائهم على السودانين تنبع من ثقافة المستعمر العنصرى، التركى والبريطانى سواء والذى لم يكن يعتقد بان اهل السودان بشراً مثلهم، يستحقون الحياة الكريمة كما يستحقونها هم، فاستبدوا عليهم وحرموهم من حقوقهم. بالنسبة لمقارنة الاستاذ حسبو لحكمهم الفاشل والمستبد بالمهدية قال نيكلولاس فيرغس فى كتابه سيف رسول الله، مهدى السودان، ومقتل غردون، قال: " كانت قبائل وعشائر السودان مثناترة على مدى رقعة السافانا الافريقية الشاسعة، كانت القبائل الشمالية الكبرى تقطن بالقرب من النهر العظيم، قبائل الدناقلة والمحس والشايقية والجعليين. فى قلب الصحراء الهائل كانت تقطن قبيلة العبابدة فى اقصى الشمال الشرقى بينما تتخذ قبائل الكبابيش اقصى الشمال الغربى موطناً لها. فى قلب الجزيرة وسط الاراضي الزراعية الفائضة تعيش وتعمل قبائل الحلاويين مع وجوار قبائل الجزيرة الخضراء الاخرى. فى شرق البلاد تلتقى البجا والعشائر البجاوية التى لا تعد ولا تحصر والتى يتوزع نفوذها فى وحول جبال البحر الاحمر وسهوله وهضباتة، بينما تطوف قبائل البقارة فى وحول البطانة فى كردفان ودارفور. حين تتجه نحو الجنوب تجد القبائل الافريقية من دينكا وشلك ونوير ومن قبلهم وفى مقدمة جنوب البلاد قبائل اقليم الاستواء وبحر الغزال، الآن، وقد بدأوا فى التوافد والتدفق والتجمهر حول راية محمد احمد، بدأت بذلك الحراك عملية التحول الفكرى من كونهم حلاويين وبقارة ودناقلة وهدندوه الى كونهم اصحاب حق، مسلمين وفى المقام الاول سودانين. فشتان ما بين ثورة جمعت تحت رايتها اغلبية اهل السودان على قلب رجلاً واحد وشتان ما بين الحكومة الانقاذية التى فرقت بينه وشردت ثلث سكانه وشتان ما بين ثائراً رفض الملك ومتاع الدنيا وبين ساكن القصرين الدنئ البشير. من المعلوم ان تشبث الاخوان الحالى بالثورة المهدية التى نبذوها فى السابق، يعود على انبهار عملائهم من دولة الصين بالثورة التى اطاحت بغردون الصين وثأرت لهم منه، ومن المعلوم ان الرأسمالية الطفيلية تسعى الى تسليع كل مناحى الحياة الاجتماعية وولذلك بعد ان باعوا موارد الشعب السودانى اتجهوا اليوم الى تعليب وبيع تاريخه. لذلك عفواَ يا حسبو ومن معة من زمرتة البشير الفاسدة والذين يتشدقون زوراً وبهتاناً بان هذة الكارثة التى حلت على ارض السودان هى اعادة للمهدية! فذلك ليس ادعاء باطل وحسب بل هو ادعاء باطل بفشل الثورة المهدية ولذلك استوجب من هؤلاء الفشلة اعادتها ففضلاً ان تعفونا من سماع هذة النغمة الفطيرة. وفضلاً ان تعفونا من المتاجرة بتاريخ البلاد لاسعاد عملائكم ! [email protected]