ظهور ملك الأردن، بالزي العسكري، وعيناه تتدفق حماساً وانتقاماً، لخيرة طياري بلاده، أعلن بشكل حاسم مرحلة جديدة للأردن. كان الوصول إلى هذا المشهد هدفا أساسيا تتطلع إلى تحقيقه القوى العظمى، التي تقود حربا شاملة في الشرق الأوسط هي الأبشع من نوعها. الإعلان العسكري لملك الأردن هو بداية المرحلة الجديدة التي حدد نوعيتها الأردن. رغم أن حادثة مقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة التي ملأت الدنيا، حامت ولا تزال تحوم حولها شبهات كثيرة، ابتداءً من السؤال، كيف قُتل، هل حُرق بالفعل، ولماذا قُتل، ومن قتله، داعش أم الأمريكان، ولماذا قتلوه، وهل قُتل فعلاً، رغم كل هذه الأسئلة التي لم تُحظ حتى الآن بإجابات شافية ومقنعة، إلا أن المتفق حوله هو أن هناك ثمة شيء ما تمت حياكته بهدوء لجر الأردن للدخول في العمق في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، فعلياً ومنذ إعلان مقتل الكساسبة حتى ليلة أمس، نفذت الأردن 56 غارة جوية على مواقع تنظيم الدولة، وهو ما يعادل بحسب مسؤولين أردنيين 20 بالمائة من مجموع ضربات التحالف الدولي، أي أن الأردن الآن بات يقوم بدور أساسي في التحالف الدولي، وهو ما قد يفتح عليه جبهات قتال جديدة هو في غنى عنها. لقد ظل الأردن طيلة سنوات الحرب الدامية في سوريا والتي تفجرت بعدها الأوضاع في الإقليم، لقد ظل صامداً ومحايداً وبالمقابل مستقراً وسط هذه الفوضى، لكن انظروا ماذا حدث، صنع الإعلام حادثة تاريخية "حرق الكساسبة حياً" والكساسبة الذي ذاعت قصته، كان يقود طائرة ضمن عدد من طائرات التحالف، أي كان متوقعاً أن يقع أسيراً لدى داعش ويُقتل، لماذا حوّلت قيادة الأردن الدولة بكل مواردها للانتقام أولاً، لماذا يزيد الأردن عدد غاراته بعد مقتل طياره مباشرة، لماذا يحوّل مشاركته من أمن إقليم إلى انتقام لفرد. حتى قبل مقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة، كانت أطراف الصراع في الإقليم تنحصر بين سوريا، العراق إضافة إلى لبنان الذي دخل تدريجيا كطرف مما يجري في المنطقة مؤخراً، جميعهم بجانب المملكة العربية السعودية التي تمثل دور القائد الثاني في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، الآن الأردن يرمي بثقله في حرب غير مفهومة، يخوضها داعمها ومحاربها بعد هذه الخطوة العاطفية الواسعة التي اتخذها الأردن المؤكد أنه سوف يصبح هدفا جديدا لتنظيم الدولة الإسلامية، وحتى تكتمل الصورة، بدأ الخبراء والمختصون في المخابرات والأمن ينشطون تحذيراً من تنظيم الدولة الإسلامية الذي يهدد الممالك. الأردن اليوم يتلقى دعماً عسكرياً من الإمارات لتعزيز حملته الانتقامية، غدا سوف يضطر إلى تحويل ميزانيته إلى دفاعية وأمنية. التيار